القراء الأعزاء،،
كعادة مشاعرنا في كل عام وقت رحيل ضيفنا الكريم شهر رمضان المبارك، تختلط فيها دموع الفرح بالحزن، حزناً على رحيله وخشية أن يكون ذلك آخر عهدنا به، وفرحاً باستقبال عيد الفطر المبارك التي تطرق أبوب كل البيوت محملة بكل مظاهر الفرح التي تلازمه، بدءاً من الفرح بكل جديد يصاحب العيد مروراً باللقاءات العائلية وانفتاح القلوب للمصالحة انتهاء بجميع الفعاليات المبهجة المصاحبة لفرحة العيد.
وفي بيتنا الكبير (البحرين) هذا العام، كان يمكن لعيد الفطر المبارك أن يمرّ بفرحه المعتاد، فيما يمُرّ ثقيلاً على كل بيت لديه فرد سجين من أفراده، ولكن سعدت البحرين بمعايدة إنسانية كريمة من عاهلها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، وبمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالته مقاليد الحكم، تمثلت في صدور المرسوم الملكي بالعفو الشامل عن 1584 محكومًا، تزامنًا مع الاحتفالات بعيد الفطر المبارك، فكان ذلك مُدعاة لنشر الفرح في أجواء البحرين بأكملها.
ويعكس العفو الملكي الشامل أسس ومبادئ التسامح والعفو التي ينتهجها جلالة الملك واتضحت منذ بدء عهده الزاهر حينما اتخذ من حفظ الكرامة الإنسانية وصون الحقوق والحريات ركيزة لسياسته وشرع في إطلاق الحريات السياسية والعفو عن جميع المبعدين والمحتجزة حريتهم بأسبابها، ليحتضن (بيتنا العود) البحرين جميع أبنائه بكل حب وتسامح.
ومن جانب، يأتي هذا العفو متماشياً مع سياق السياسة العقابية الحديثة في مملكة البحرين التي اتجهت إلى تعزيز الحرية الشخصية عن طريق استبدال العقوبة إعمالاً لقانون العقوبات والتدابير البديلة وبرنامج السجون المفتوحة، في توجه إنساني نحو إدماج المحكومين بالمجتمع ليكونوا مواطنين صالحين يساهمون بشكل إيجابي في خدمة وبناء المجتمع وتعزيز المكتسبات، فيما يُسهم من الجانب الآخر في الحفاظ على النسيج المجتمعي والتماسك الأسري من خلال إعادة لمّ شمل الأسرة وبثّ الفرحة بين أفرادها، وتخيّلوا فرحة الأم والأب أو الزوجة والأبناء بعودة غائبهم الذي لم يكن هناك بريق أمل يُنبئ بعودتهم ليُشاركهم فرحة العيد.
فالأمل هو أن يكون هذا العفو الشامل إضاءة لطريق المستفيدين من هذا العفو الشامل، ليكونوا أدوات بناء لهذا المجتمع وفي الإسهام في الدفاع عن أمنه وسكينته، لأن الأمن والنظام هو الحصن الذي يحمينا جميعاً تحت مظلته ويُمكنّنا من الوصول إلى رغد العيش والسلام، لأن الأمن نعمة لا يشعر بها إلا فاقدوها.
ويهمني في هذا المقال التأكيد على ضرورة الحفاظ على الترابط المجتمعي بجميع نسيجه وأطيافه في مجتمعنا الذي يعتبر صورة نموذجية دولية للتنوع والتعايش والتسامح، وأن ينبذ جميع أفراده السلوك الذي قد ينتج عنه تقويض لوحدة النسيج المجتمعي، وأن يكون لسان حالنا دائما هو قوله تعالى في سورة فصلت: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم).
فحمدا لله تعالى، وشُكراً لجلالة الملك المعظم على تلمّسه مَواطن الفرح لدى المُواطن، وتبقى أعين المواطن البحريني معلّقة على التفات جلالته بعينه وتفقده شخصياً لاحتياجات الشعب ولا سيما المستوى المعيشي للمواطن، لأنه كما قال ووعد بأنه: (لن يكون هناك شخص أحنّ على المواطن البحريني مني).
تقبّل الله طاعاتكم جميعاً وعيدكم مبارك وهنيئاً لجميع المستفيدين من العفو الملكي الشامل وهنيئاً لأسرهم هذه الفرحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك