العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

هجوم «كروكوس»: عالمنا والإرهاب وحرب العصابات!

{‭ ‬حين‭ ‬اقتحم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسلحين‭ ‬قاعة‭ ‬الحفلات‭ ‬الموسيقية‭ (‬كروكوس‭) ‬بضواحي‭ ‬موسكو‭ ‬وأطلقوا‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الجمهور‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬قريبة،‭ ‬وألقوا‭ ‬قنابل‭ ‬حارقة‭! ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬حريق‭ ‬ضخم‭ ‬في‭ ‬المبنى‭ ‬وإيقاع‭ ‬قتلى‭ (‬133‭ ‬قتيلا‭) ‬بينهم‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬وعشرات‭ ‬الحالات‭ ‬الخطيرة‭ ‬بين‭ ‬المصابين‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحرب‭ ‬العصابات‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬التي‭ ‬يتكرر‭ ‬حدوثها‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬وداعش‭ ‬وغيره‭ ‬عادة‭ ‬يظهرون‭ ‬في‭ ‬الواجهة‭ ‬ليعم‭ ‬الغموض‭ ‬على‭ ‬الحدث‭! ‬وكأن‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬تمويل‭ ‬وتوجيه‭ ‬ودعم‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحرب‭ ‬العصابات،‭ ‬قد‭ ‬اعتمدوا‭ ‬قتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬ومنهم‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والمدنيون‭ ‬باعتبار‭ ‬الإرهاب‭ ‬أحد‭ ‬أشكال‭ ‬الحرب‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المستهدفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬غايات‭ ‬وأجندات‭ ‬تحقق‭ ‬التوتر‭ ‬وانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬دماء‭ ‬الأطفال‭ ‬والمدنيين‭!‬

{‭ ‬الهجوم‭ ‬الإرهابي‭ ‬على‭ ‬مجمع‭ (‬كروكوس‭) ‬لن‭ ‬يخرج‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بغاياته‭ ‬وأهدافه‭ ‬عما‭ ‬سبق‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬الغربية‭ ‬وأولها‭ (‬رويترز‭) ‬نقلت‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بالهجوم‭ ‬هو‭ ‬تنظيم‭ (‬داعش‭ ‬خراسان‭) ‬وفق‭ ‬نشرها‭ ‬لإعلان‭ ‬لهذا‭ ‬التنظيم‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭! ‬وحيث‭ ‬زعيمه‭ ‬شهاب‭ ‬المهاجر‭ ‬والمعروف‭ ‬أيضا‭ ‬بـ‭(‬ثناء‭ ‬الله‭ ‬غفاري‭) ‬شارك‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭ ‬والتخطيط‭ ‬لهجمات‭ ‬انتحارية‭ ‬معقدة‭! ‬فيما‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي‭ ‬وجهاز‭ ‬الأمن‭ ‬الفيدرالي‭ ‬الروسي‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬الرواية‭ ‬الغربية‭ ‬والأمريكية‭ ‬وراء‭ ‬تلفيق‭ ‬الهجوم‭ ‬الإرهابي‭ ‬وإلصاقه‭ ‬بتنظيم‭ (‬داعش‭)! ‬وأن‭ ‬العقل‭ ‬المدبر‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬كييف‭ ‬المرتبط‭ ‬ارتباطا‭ ‬عضويا‭ ‬واستخباراتيا‭ ‬بالغرب‭! ‬وأن‭ ‬الإرهابيين‭ ‬لهم‭ ‬علاقة‭ ‬بالجانب‭ ‬الأوكراني‭ ‬وأن‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬تعتمد‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬الروس‭ ‬رواية‭ ‬مدلسة‭ ‬وخاصة‭ ‬بعدما‭ ‬تكشف‭ ‬بعد‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الأربعة‭ ‬أنهم‭ ‬اعتزموا‭ ‬بعد‭ ‬هجومهم‭ ‬الدموي‭ ‬عبور‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭! ‬وقد‭ ‬اعترف‭ ‬الإرهابي‭ ‬رجب‭ ‬علي‭ ‬زادة‭ ‬أثناء‭ ‬الاستجواب‭ ‬أنه‭ ‬ألقى‭ ‬السلاح‭ ‬مع‭ ‬شركائه‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬مقاطعة‭ ‬روسية‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬الأوكرانية‭!‬

{‭ ‬خبير‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإرهاب‭ ‬‮«‬هانز‭ ‬جيكوب‮»‬‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬فرع‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬تأسس‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬داعش‮»‬‭ ‬جاءوا‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭! ‬فإذا‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬السرديات‭ ‬السابقة‭ ‬سواء‭ ‬حول‭ ‬هيلاري‭ ‬كيلنتون‭ ‬أو‭ ‬نظام‭ ‬أوباما‭ ‬أو‭ ‬اتهامات‭ ‬ترامب‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬مسؤولين‭ ‬أمريكيين‭ ‬معارضين‭ ‬فإن‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬هو‭ ‬صناعة‭ ‬استخباراتية‭ ‬أمريكية‭ ‬غربية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬تأسيس‭ ‬فروعه‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬سوريا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬البدء،‭ ‬لن‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬عن‭ ‬الأصابع‭ ‬الغربية‭ ‬والأمريكية‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬المحتدمة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬تطورات‭ ‬أخرى‭ ‬خطيرة،‭ ‬بينها‭ ‬إعلان‭ ‬بوتين‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬إعلان‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬احتمالية‭ ‬دخوله‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭! ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬النظام‭ ‬الأوكراني‭ ‬النجاح‭ ‬المطلوب‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬بل‭ ‬العكس‭ ‬أصبح‭ ‬هو‭ ‬وأوروبا‭ ‬في‭ ‬مأزق‭ ‬أخطر‭ ‬مع‭ ‬طي‭ ‬صفحات‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬المنصرمة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الأزمة‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬جانبه‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬‭ ‬يؤكد‭ ‬حتمية‭ ‬محاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإرهابي‭ ‬وأن‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬فقط‭ ‬عملية‭ ‬إرهابية‭ ‬بغيضة‭ ‬ومخطط‭ ‬لها‭ ‬بدقة،‭ ‬بل‭ ‬تواجه‭ ‬عملية‭ ‬قتل‭ ‬جماعي‭ ‬للمدنيين‭ ‬العزل‭ ‬مجهزة‭ ‬ومنظمة،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ (‬المجرمين‭ ‬جاءوا‭ ‬بهدف‭ ‬القتل‭ ‬للمدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬وبدم‭ ‬بارد‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬النازيون‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬رغبوا‭ ‬أن‭ ‬يقيموا‭ ‬إعداما‭ ‬استعراضيا‭ ‬وفعالية‭ ‬دموية‭ ‬للترهيب‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بعد‭ ‬الهجوم‭ ‬إن‭ (‬كل‭ ‬منفذي‭ ‬ومنظمي‭ ‬وممولي‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬سيتحملون‭ ‬عقابا‭ ‬عادلا‭ ‬وحتميا‭ ‬مهما‭ ‬كانوا‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬وجههم‭ ‬ومن‭ ‬جهز‭ ‬لهم‭ ‬العمل‭ ‬الشرير‭ ‬على‭ ‬روسيا‭).‬

{‭ ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬انتقل‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬وسائله‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحرب‭ ‬العصابات،‭ ‬وهذا‭ ‬تحول‭ ‬خطير‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬وأمريكا‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أهدافه‭ ‬المطلوبة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيلينسكي‭ ‬ونظامه‭ ‬العميل‭ ‬للغرب‭! ‬وهي‭ ‬الأهداف‭ ‬المعلنة‭ ‬والمعروفة‭ ‬باستنزاف‭ ‬روسيا‭ ‬عسكريا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وتنمويا،‭ ‬فكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬خسر‭ ‬الغرب‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬وانعكس‭ ‬الاستنزاف‭ ‬عليه‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬على‭ ‬روسيا‭!‬

{‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الموبوء‭ ‬بكل‭ ‬أشكال‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتسلط‭ ‬والفساد‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬الاستعماري‭ ‬لن‭ ‬يتوانى‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬إدخال‭ ‬الإرهاب‭ ‬وحرب‭ ‬العصابات‭ ‬بين‭ ‬أولويات‭ ‬وسائله‭! ‬وكما‭ ‬فعل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وفي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬فإن‭ ‬بصمته‭ ‬الإرهابية‭ ‬تبدو‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان‭ ‬وخاصة‭ ‬حين‭ ‬يعلن‭ (‬داعش‭) ‬مسؤوليته‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يرعاها‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬لتحقيق‭ ‬غاياته‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وأهدافه‭ ‬في‭ ‬التسلط‭ ‬والهيمنة‭ ‬والإخضاع‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإرهاب‭ ‬الاستخباراتي‭! ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬عدوان‭ ‬وحشي‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬والمدنيين‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمرضى‭ ‬يجعل‭ ‬أوراق‭ ‬ذات‭ ‬اللعبة‭ ‬الإرهابية‭ ‬تطير‭ ‬إلى‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وتحط‭ ‬رحالها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬موسكو‭! ‬ومن‭ ‬يحرك‭ ‬الإرهاب‭ ‬العالمي‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا