القراء الأعزاء،
من الجميل أن يكون للمرأة احتفاء خاص بكينونتها كفرد من أفراد الأسرة التي تُشكل الخلية الأولى في المجتمعات، ويوم أمس كان الثامن من مايو الذي يصادف يوم المرأة العالمي، والذي اتخذ لهذا العام شعار (الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم).
وعلى الرغم من أنني لم أجد أن هذا الشعار كان موفقاً باعتباره قد ربط التقدم وتسريع وتيرته بالاستثمار في المرأة، وكأنه بذلك يُغفل أهمية ودور الرجل، فإني أردت من هذا المقال أن أقول لكل امرأة تقرأني: كل يوم وأنت مصدر القوة والعطاء والإيثار والبناء كما كنتِ منذ أن خلقك الله بهذه الفطرة وبجميع القدرات والإمكانيات والمميزات التي اختصّك بها الخالق، كل يوم وأنتن أمهات الرجال وبنات الرجال وأخوات الرجال وزوجات الرجل وأنتن سند الرجال وعضدهم.
إذ من المعلوم بأن ركيزتي الحياة هما المرأة والرجل وبأنها تتناغم وتكتمل بالوئام بينهما، كما تبدأ منهما وتبقى وتستمر الإنسانية، وبهما يُحفظ النوع البشري، فلن تحلو الحياة ولن تصفو إلا بهما معاً مجتمعين على قلب واحد وهدف واحد لأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر، فأنتِ سيدتي لستِ نِداً للرجل بل مُكمّل له، ولستِ بعدوّته بل القريبة من قلبه.
وإن جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان بدءاً من ميثاق الأمم المتحدة الذي تعتبر أحكامه أول تضمين لحقوق الانسان على المستوى الدولي في المرحلة المعاصرة، تجتمع على تحقيق هدف سامي واحد، وهو احترام والحفاظ على الكرامة الإنسانية باعتبار أن الانسان هو أساس المجتمع، وهنا يجب أن تُدرك المرأة أن مفهوم تمكين المرأة وحريات المرأة لا يعني أبداً التمرد على الثوابت الاجتماعية والدينية والأخلاقية، بل يعني الموازنة بين ما يُحقق للمرأة ذاتها ونماء مجتمعها من رعايتها لأسرتها والقيام بدورها الأصلي في التربية وغرس القيم وبناء الأجيال، بجانب الإبداع في مجال العمل الذي تجيده كشريكة في إدارة الشأن العام لتنمية المجتمع وازدهاره اقتصادياً، وبين الثوابت التي يجب عليها ألا تحيد عنها حفاظاً على كرامتها وهي أساس الاحتفاء بيوم عالمي خاص بالمرأة.
وإن تمتعها بحقوقها وحرياتها لا يعني استقواءها على الرجل ومزاحمته على ما تُمكنّه طبيعة خلقه من القيام به، بل يجب أن تحافظ المرأة على أنوثتها التي تُلازم خلقها كامرأة، وعليها أن تجتهد وتزاحم الرجل فيما تشترك فيه معه من قواسم مشتركة غير جسدية واحتمالية من سمات فكرية وقدرات عقلية وعلمية وعملية، لكي تكون شريكة حقيقية وفاعلة جنباً إلى جنب مع نصف المجتمع الثاني لما فيه الخير العام.
وسأختم هذا المقال بهذه الكلمات:
الكون توليفة بديعٍ ورحمان
أبدع تفاصيله بدقّة ورشاقه
أرقى مخاليقه أخذ اسم (الإنسان)
مخلوق من دم وخلايا وطاقة
ولضلعٍ أعوج ارتفع أمره وكان
نصّ البشر (زوجٍ) تقاسم مشاقه
آدم وحواء هُم دعامات وأركان
والكون لولاهم تغيّر سياقه
تتغنّى بالمرأة مواويل وألحان
ويغنّي بْمارْس الشعِر وبطلاقه
في (ثامنة) علّق على الصدر نيشان
رمز لقوارير المدار ونطاقه
وفي دارنا البحرين شاهد وبرهان
تمكين اخوات النشامى، بطاقة
نعبر بها جسر التقدم وتنصان
بين التقدم والحضارة العلاقة
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك