عالم يتغير
فوزية رشيد
الظاهرة الصمتية وهل العالم فعلا عاجز إلى هذا الحد؟!
{ هناك دول تمثل رؤية شعوبها حول الحدث العالمي الأبرز وهو حرب الإبادة في غزة، فتستجيب لتلك الرؤية التي هي في النهاية تحمل مضامين الشرعية والقانون الدولي والحقوق الإنسانية، ورغم قلة تلك الدول مثل جنوب إفريقيا والبرازيل وكولومبيا كمثال، فإنها في النهاية تفعل خطابيا وموقفا ما لم تفعله حتى الآن غالبية الدول في العالم منها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظومة العربية والإسلامية! وكلها ودول أخرى تمارس ظاهرة الصمت أمام ما تصدح بن حناجر شعوبها في الشوارع، وأمام احتجاجات أحرار الشعوب في كل مكان! ولكأن عبث الفيتو الأمريكي قد أدخل أعضاء الأمم المتحدة في سجن العربدة والعبث والخوف! حتى لم يعد من مهانة لم يتم ممارستها من جانب الوحش الصهيوني ضد الدول وإحراجها مستقويا بالفيتو الأمريكي، لانتهاك كل القوانين والمبادئ الإنسانية والأخلاقية والحقوقية!
{ بعيدا عن مجلس الأمن والفيتو فإن بإمكان دول العالم لو أرادت الانتصار لكرامتها وإنسانيتها وإيقاف التجبر الصهيوني أن تفعل الكثير! سواء عبر حشر الكيان الصهيوني في الزاوية من خلال المقاطعة الرسمية في التعامل معها بالنسبة إلى دول العالم ذات العلاقات الرسمية مع الكيان أو من خلال سحب الاستثمارات وفرض العقوبات!
البرازيل بحسب علمنا أوقفت صفقة استيراد الأسلحة من الكيان الصهيوني، وهناك دول سحبت سفراءها، هذه بداية! لماذا مثلا ومسؤولون في النرويج ينددون بجرائم الحرب الإسرائيلية وهم يملكون أكثر مؤسسات الاستثمار داخل الكيان الصهيوني، لماذا لا يوقفون أو يجمدون تلك الاستثمارات؟! أليس هذا عقابا مؤثرا لكي يوقف الكيان جرائمه؟!
لماذا دول أخرى كما فعلت بعض الدول في أمريكا اللاتينية لا تسحب سفراءها كعقاب دبلوماسي؟!
{ قد يقول البعض ومعه الحق فيما يقول: لماذا نطالب دول العالم وننسى أنفسنا أو الدول العربية والإسلامية وتعدادها 57 دولة؟! أليس بيدهم فعل شيء ومنهم من له علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الكيان؟! بالفعل قد يكون التحرك العربي والإسلامي يحمل في داخله الكثير من الغموض والالتباسات بعد أن تحول العالمان العربي والإسلامي إلى ظاهرة صمتية وقد كانوا قبل ذلك ظاهرة صوتية! إلا أن الشهور الخمسة الماضية ونحن نشرف على دخول الشهر السادس من حمل الأوجاع الفلسطينية في غزة والضفة، تقول إن النظام الرسمي العربي والإسلامي لا يزال يدور في حلبة المطالبات والتوقعات السلمية من وحش صهيوني، تلطخت أياديه وأنيابه بدماء الأطفال والنساء أكثر من غيرهم! دائرة العجز العربي والإسلامي واضحة للعيان أمام حرب الإبادة التي لم يجرؤ أصحابها في تشكيل حملة جماعية من كل الدول العربية والإسلامية لمجرد اختراق معبر رفح لإيصال المساعدات إلى إخوتهم في العرق أو الهوية أو الدين أو الإنسانية! ولذلك من غير المتوقع أن يقوم هؤلاء بما هو أكثر من ذلك كفرض العقوبات أو تجميد العلاقات أو سحب الاستثمارات وهو ما نطرحه في هذا المقال!
{ أمريكا والاتحاد الأوروبي هي أكثر الدول في العالم ادعاء بالديمقراطية والحقوق الإنسانية وغيرها ورغم أن ذلك الادعاء بات مكشوفا وعاريا إلا أنه كادعاء مستمر حتى اللحظة! فلماذا إذًا لا تسمع الحكومات الغربية لصرخات شعوبها التي تتخذ موقفا مليونيا في شوارع العواصم الغربية والمدن الكبرى ضد حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير والتجويع في غزة؟!
لماذا كما قال وزير خارجية «مالطا» في منتدى دافوس تتصرف دول الاتحاد الأوروبي كـ«المخصي» في الحرملك الأمريكي؟! أين ديمقراطيتها من صوت الغالبية الشعبية في دولها؟! أين محاولتها لإنقاذ ما تبقى من قطرة الحياء أمام شعاراتها الحقوقية والإنسانية؟!
{ الولايات المتحدة التي تقود العالم إلى انحداره وسقوطه الأخير قانونيا وإنسانيا لماذا لم تعبأ بالجندي الأمريكي الذي أحرق نفسه ولباسه العسكري أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن؟! ألم يكن ذلك أبلغ أنواع الاحتجاج الشعبي الذي وصل إليه قطاع كبير في أمريكا حتى وصل الاحتجاج إلى داخل الأروقة العسكرية في أمريكا؟!
وهل وصل العهر السياسي في الغرب إلى الصمت حتى على استهداف الوحش الصهيوني للمساعدات وقتل الجوعى الذين يبحثون عنها؟! هل وصل إلى الصمت عن استهداف حتى أعضاء المنظمات الإنسانية داخل غزة ومثال لها «الأونروا»!
{ هذا العالم بإمكانه أن يفعل الكثير لو أراد فعلا أن ينتصر لإنسانيته! لو أراد أن يعاقب بنفسه الكيان الصهيوني على ما تجاوز النازية والفاشية وكل طغيان في العالم! لو أراد أن يضغط على محكمة العدل الدولية التي كما يبدو تراخت أمام الضغوط الأمريكية لفرض قرار صادر عنها لوقف الحرب على غزة نهائيا بعد كل ما حملت به الشهور الماضية من جرائم حرب وإبادة هي وصمة عار كبرى على كل العالم! لماذا إذًا تتصرف دول العالم بكل هذا العجز؟! هل هي الوجه الآخر للوحش الصهيوني؟! أليس بإمكانها فعل الكثير بعيدا عن فيتو أمريكا في مجلس الأمن؟! أم أن الفيتو الأمريكي تغلغل داخل نفوس قادة العالم وأرواحهم؟!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك