القراء الأعزاء،
استكمالاً لما تناولناه في المقال السابق حول موضوع الاستراتيجيات والسياسات التي رُسمت لهدم واستئصال الاسرة الواضحة وضوح الشمس، من منطلق بحث للدكتورة كاميليا حلمي محمد حول (المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة)، التي خلصت إلى التركيز على المرأة والطفل باعتبارهما ركيزتين مهمتين في الاسرة الطبيعية، وباعتبارهما أيضاً الفئتين صاحبتي المركز القانوني الاضعف فيها.
وسأتطرق في هذا المقال إلى استراتيجية صرف الشباب عن الزواج من خلال تشجيع الشذوذ والتشجيع على الزنا والسعي إلى تقنين العلاقات المحرّمة وعدم المعاقبة عليها، بالإضافة إلى فكرتي استقواء المرأة واستقواء الطفل، ويهمني في هذا الصدد الوقوف عند قضية الاطفال والشباب بدءاً من فكرة سن الطفولة الذي قد تم اعتماده لكل من لم يكمل الثامنة عشرة من عمره، فأصبح شبابنا المراهقون أطفالاً، على الرغم من أن والدي شريحة عظمى منّا قد أنجبونا وهم في سن الثامنة عشرة من أعمارهم بل إن بعضهم قد أنجب في سنٍ أصغر.
ونحن نعلم جميعاً باستهداف ثقافة الأجيال الشابة من خلال قنوات عدة، كالتعليم، ووسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما قنوات (اليوتيوب) ووسائل الإعلام المختلفة، ويعزز ذلك كله إهمال كثير من الأسر وتخاذلها في التربية ابتداءً من استخدام المربيات الاجانب، انتهاء بترك حبل استخدام الأطفال للألواح الذكية على غاربه، واستخدام الاطفال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من دون رقابة حقيقية.
والمسؤولية هنا تقع في المرتبة الاولى على الأسرة قبل أن تقع على الدولة، لأن دور الاسرة في غرس المفاهيم والمبادئ يفوق كثيراً أي دور آخر، فلو عادت الأسرة إلى سابق عهدها في صناعة أخلاق وتربية أبنائها وحرصت على تعزيز قيمها الدينية بما فيها من قيم إنسانية عالية، لما استطاع أي جهد خارجي التأثير في فكر ووعي شبابنا.
وأضيف أن هناك واجبا يقع على عاتق الوالدين وهو من مستلزمات حسن التربية، وكم من الوالدين استمتع بصحبة أبنائه وأحسن الاستماع إليهم وناقشهم في المعلومات التي غزت فكرهم؟ وكم منهم حاول التعرف على الفروقات بين الأجيال وفهمها للولوج منها إلى طريق لفهم وتفهم الأفكار التي تبنّوها؟ وكم من الآباء المطلقين أنصفوا أبناءهم وجنّبوهم خوض تبعات وقوع الطلاق ولم يُعاقبوهم عليه؟
والخلاصة أنه آن الأوان لقيام الأسرة بدورها الحقيقي تجاه أبنائها بجانب عملية الإنجاب، والالتفات إلى الأبناء ومنحهم المزيد من الوقت والاهتمام والعناية والرعاية والرقابة، كما كان يفعل اباؤنا معنا، فلا نصادق شخصاً إلا وتقصّوا عن أصله وفصله وخلقه، لا أن يُفتح للطفل أبواب الفضاء الافتراضي ليجوب في طرقاته مُعرضاً للمخاطر المختلفة من دون رقيب ولا حسيب، ولا أن نترك تربية أبنائنا لمربيات ينتمون إلى ثقافات مختلفة عنا، إلا في حالة الضرورة وتحت رقابة.
فلا يُهم ما يمكن أن يُحاك لنا وحولنا، المهم هو أن نكون على قدر من الوعي وإدراك ما فيه الخير لنا وللأجيال المستقبلية، وبأهمية التمسك بالأسرة الطبيعية ورعاية جميع أفرادها وبالأخص الأطفال، فعلمنا ووعينا وعملنا سيكون دائماً هو السياج الحصين أمام أي هجمة تسعى للنيل من قيمنا وأخلاقياتنا وثوابتنا.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك