في ظل ما نشهده من تحولات عميقة في بيئة الأعمال وبرامج التنمية القائمة على التكنولوجية الحديثة والابتكارات المبدعة، تبرز أهمية وجود اهتمام أكبر ببحوث الابتكار والتطوير في كافة المجالات التنموية والأنشطة الاقتصادية.
وقد وجه اتحاد المصارف العربية الدعوة الى الدول العربية إلى التكاتف والتعاون للقيام بدور ريادي لتمويل الأبحاث والابتكار من أجل تحقيق النمو المستدام وذلك بإنشاء صندوق سيادي للأبحاث والابتكار. فلقد أصبح تمويل الأبحاث والابتكار أكثر إلحاحا مع تزايد التحديات العالمية، وانتشار حالة عدم اليقين، وندرة الموارد بسبب الكوارث المناخية والتوترات الجيوسياسية. ولا يمكن للأبحاث والابتكار أن تزدهر من دون أدوات التمويل اللازمة التي تدعمها وتضمن لها دور كبير في دفع عجلة الاقتصاد .
تحتاج معظم الدول العربية بما فيها دول الخليج العربي إلى تطوير رؤيتها الوطنية والمشتركة في مجال الأبحاث والابتكار وإدراجها في خطة التنمية المستدامة والبرامج التكاملية. ويجب أن تركز سياسات الأبحاث والابتكار على تعزيز الإنفاق على الأبحاث والتطوير، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، ودعم نقل التكنولوجيا والمعرفة من مؤسسات التعليم والأبحاث إلى المؤسسات الإنتاجية واعتماد خطوات تنفيذ واضحة من خلال الدعوة المنتظمة لتقديم المقترحات وتقييمها. كما أن تحرص هذه الدول على الحفاظ على استمرارية واستدامة برامج تمويل وإنشاء بنية تحتية مرنة ومستدامة لدعم الأبحاث والابتكار.
في تقريرها حول مشهد الابتكار في الدول العربية، تضع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا )الاسكوا) إطارا لتحليل وتقييم توجهات الدول العربية في مجال الابتكار والاستثمار العام والخاص في الأبحاث والتطوير، والأثر الاجتماعي والاقتصادي للابتكار في الدول العربية. ويرتكز الاطار على عنصرين رئيسيين هما الرؤية المستقبلية للابتكار ونظام الابتكار الوطني. كما ويعتمد تقرير الاسكوا على مقال مؤشر الابتكار العالمي. ويرتكز المؤشر على سبع ركائز للابتكار، وهي المؤسسات، ورأس المال البشري والأبحاث، والبنية التحتية، وتطور السوق، وتطور الأعمال، ومخرجات المعرفة والتكنولوجيا، والمخرجات الابداعية. ويشير تقرير الاسكوا حول توجهات الدول العربية في مجال الابتكار والاستثمار العام والخاص في الأبحاث والتطوير الى أن الأبحاث والتطوير في البلدان النامية تتجه اليوم نحو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق اقتصاد المعرفة. ويكشف التقرير أن رؤية الأبحاث والابتكار التي تمت صياغتها في بعض الدول العربية لها أهداف محددة وهي على المدى المتوسط فقط، أي خطة خمسية، دون تخطيط تفصيلي من قبل الوزارات والجهات المعنية. وغالبا ما تفتقر إلى التركيز على الابتكار، والشراكات بين الجامعات ومراكز البحوث العامة والمؤسسات لتعزيز الابتكار ونقل التكنولوجيا والمعرفة .
وعلى الصعيد الخليجي هناك العديد من النماذج لصناديق متخصصة لتمويل الابتكار مثل صندوق دعم الابتكار التابع لجامعة الملك عبدالل للعلوم والتقنية، والمعروف سابقا باسم صندوق التمويل الرئيسي، وهو يقدم الدعم للمشاريع والشركات الناشئة القائمة على التقنية والتي تتبناها الجامعة. كما يستثمر في شركات التقنية العالمية البارزة، الراغبة في تأسيس أعمالها في المملكة، والاستفادة من سبل التعاون مع الأنشطة البحثية في الجامعة.
كذلك صندوق محمد بن راشد للابتكار، و ُيعتبر إحدى مبادرات وزارة المالية لدعم المشاريع الابتكارية في الدولة، وتعزيز النمو الاقتصادي. ويعمل الصندوق على دعم استراتيجية الامارات للابتكار، وتحقيق رؤية الإمارات بأن تكون ضمن الدول الأولى المبتكرة في العالم، كذلك دعم المبتكرون من جميع القطاعات مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية في استراتيجية الإمارات للابتكار وهي: قطاعات الطاقة المتجددة، والنقل، والصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، والمياه، والفضاء.
ولكون دول مجلس التعاون الخليجي تحث الخطى نحو تكاملها الاقتصادي المبني على الابتكار والتطور التكنولوجي، فأننا نتطلع إلى رؤية صندوق سيادي خليجي أو صندوق حكومي – خاص مشترك يوجه لدعم مشاريع التكامل الاقتصادي على أسس مبتكرة تحقق أقصى منفعة لجميع الدول الأعضاء.
رئيس جمعية مصارف البحرين
رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك