عالم يتغير
فوزية رشيد
يريدون ابتلاع فلسطين كلها..ماذا بعد؟!
{ كان المطب الاستراتيجي الأخطر خلال العقدين الماضيين هو ما نفذته أمريكا وبريطانيا وبقيادة منهما للحرب على العراق وبشكل غير مشروع ثم احتلاله وإسقاط بغداد في أيدي الخونة! وقد اتضحت مفاعيل سقوط بغداد على الأمن القومي العربي وعلى إتاحة الفرصة الذهبية للتلاعب (الأنجلوساكسوني والإيراني) عبر المليشيات الإرهابية وإضعاف العرب وتهديد أمنهم القومي وصولا إلى الأحداث الفوضوية التي سادت بعد ما سمي بـ«الربيع العربي»!
{ كل ما تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا لتنفيذ المشروع الشرق أوسطي هو تأسيس استعماري صهيوني لإفراغ المنطقة العربية من قوتها العسكرية والمعنوية وحرب على هويتها ودينها، وأية بادرة لنهوضها! وبالتالي فإن ما يتم الترتيب له مجددا من القضاء على القضية الفلسطينية، وأي وجه لمقاومة الاحتلال فيها هو المطلب الاستراتيجي الآخر! لقيادة المنطقة إلى (اللااستقرار واللاسلم) بتصوير الأمر للعرب كل العرب أن إخراج فلسطين من المعادلة العربية هو تأسيس للسلام والاستقرار! رغم أن ذلك خدعة أخرى بعد إسقاط العراق، وما نجم منه وعنه من إسقاط لدول عربية أخرى مثل سوريا ولبنان وليبيا والسودان واليمن والحبل على الجرار!
{ الذي سيترك أثره الماحق والمتجاوز لكل منطق هو أن تقوية الكيان الصهيوني بجعل فلسطين كلها تحت احتلاله وتهجير شعبها كما هو معلن ومعمول به هو تهديد خطير لما تبقى من الأمن القومي العربي! وتحديدا للدول التي تمكنت من الخروج من فوضى 2011 مثل مصر والخليج العربي، وليس العكس أبدا! والإيهام بأن الكيان الصهيوني متى ما قضى على أي شكل من أشكال مقاومة احتلاله في فلسطين فإنه قادر على أن يجعل المنطقة أكثر استقرارا ونهضة وسلاما هو من خيال صانعيه ووهم من يتلقاه! المثل يقول: حدث العاقل بما يعقل! وخارطة نتنياهو العام الماضي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وهي الخارطة التي وضحت حدود إسرائيل الكبرى جغرافيا تفند الهدف الحقيقي مما يحدث في غزة وفي الضفة وسبب الدعم الأمريكي والبريطاني المطلق لذلك الهدف!
{ هل على العرب أن ينتظروا عقدا آخر أو عقدين لتتضح صورة الأهداف الحقيقية مما يجري اليوم في فلسطين؟! ألم يأخذوا العبرة من الوعود الأمريكية الزائفة حين أرادت إسقاط العراق؟! ذات السيناريو يتكرر حين تمت شيطنة صدام من أجل إسقاط العراق واحتلاله! ومثله يتم الآن شيطنة أية مقاومة للاحتلال الصهيوني من أجل إسقاط فلسطين كلها في جعبة الصهيونية والكيان الصهيوني! وبمجرد أن يتحقق ذلك السقوط تكون الأرض قد تم تمهيدها لإسقاط من تم تقديم الوعود لهم بالمستقبل الزاهر!
{ المفارقة أن ذات السيناريو يتكرر وذات الوعود والكلام المنمق تتزايد ليتم اكتشاف الزيف فيها بعد تحقيق الهدف الذي تستمر الولايات المتحدة بجناحيها (الديمقراطي والجمهوري) لتحقيقه للكيان الصهيوني باعتباره المعتقد الأساس للصهيونية المسيحية في تحقيق النبوءة التوراتية الملفقة!
هنا تختلط السياسة بالأيديولوجيا مثلما تختلط بالرؤى الملفقة في التوراة والتلمود وبالأساطير وسحر «الكابالاه»! وفي الطريق لستر ذلك الخليط الشيطاني عن أصحاب الأرض العربية الطامعين فيها وفي جغرافيتها وثرواتها لابد من إدخال الدبلوماسية الثقيلة والمتقنة والمتخمة بالوعود البراقةّ! ليتم جر الضحايا العرب إلى مقصلة الذبح!
{ إن تمكنت الصهيونية المسيحية من تحقيق الدولة اليهودية بشكل كامل في فلسطين فذلك لا يعني فقط تهجير أهل غزة والضفة وإنما تهجير فلسطينيي الداخل أو عرب 48، وسيناريوهات الفضفضة الكلامية لذلك جاهزة منذ أمد طويل على الطاولة الصهيونية أو المائدة المستديرة! وحينها تكون حتى ورقة الصهاينة العرب قد فقدت صلاحيتها ليتم الإجهاز عليها كورقة كانت رابحة في يوم من الأيام بالنسبة إلى الطرفين! فلسطين هي بوابة للجنة أو للجحيم!
{ من لم يقرأ التاريخ جيدا ومن لم يقرأ الأدبيات والمعتقد الصهيوني/المسيحي لن يدرك حتما المآلات القادمة للرهانات الحالية والواهمة لتحقيق الازدهار والسلام والاستقرار إذا تم القضاء على أية مقاومة فلسطينية للاحتلال الصهيوني! من لم يراجع أوراق الأجندة والمخططات التي بدأت منذ أحداث سبتمبر أو البرجين وما تلاها من أحداث كبرى وتداعيات تفكيكية للهوية الوطنية العربية والهوية بشكل عام! وخارطة التفكيك المستمرة للإسلام وللتعليم في البلاد العربية وحرب الجيل الخامس والسادس على العقل العربي والروح الوطنية القومية فإنه لن يدرك ولن يستشرف المصائر القادمة للمنطقة! أو حجم الاستعباد القادم! وحيث سقوط فلسطين كما يخططون هو البداية لكوارث أخرى قادمة على الأمن القومي لكل الدول العربية! ما نقوله ليس سوداوية ذاتية وإنما المنطقة محاطة أصلا بغيوم سوداء! وحيث الشهية الصهيونية لن تقف أبدا عند ابتلاع فلسطين كلها وفقط! لابد من تحقيق الدولة أو الحكومة العالمية التلمودية في فلسطين لحكم كل الجغرافيا في المنطقة وعلى الأرض! هذا حلمهم أو ربما وهمهم أو مخططهم وعلى كل من يساعدهم غضب الله!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك