العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

يريدون ابتلاع فلسطين كلها..ماذا بعد؟!

{‭ ‬كان‭ ‬المطب‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأخطر‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نفذته‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وبقيادة‭ ‬منهما‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وبشكل‭ ‬غير‭ ‬مشروع‭ ‬ثم‭ ‬احتلاله‭ ‬وإسقاط‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الخونة‭! ‬وقد‭ ‬اتضحت‭ ‬مفاعيل‭ ‬سقوط‭ ‬بغداد‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬وعلى‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬الذهبية‭ ‬للتلاعب‭ (‬الأنجلوساكسوني‭ ‬والإيراني‭) ‬عبر‭ ‬المليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وإضعاف‭ ‬العرب‭ ‬وتهديد‭ ‬أمنهم‭ ‬القومي‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الأحداث‭ ‬الفوضوية‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بـ«الربيع‭ ‬العربي‮»‬‭!‬

{‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقوده‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي‭ ‬هو‭ ‬تأسيس‭ ‬استعماري‭ ‬صهيوني‭ ‬لإفراغ‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والمعنوية‭ ‬وحرب‭ ‬على‭ ‬هويتها‭ ‬ودينها،‭ ‬وأية‭ ‬بادرة‭ ‬لنهوضها‭! ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الترتيب‭ ‬له‭ ‬مجددا‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأي‭ ‬وجه‭ ‬لمقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬المطلب‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الآخر‭! ‬لقيادة‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ (‬اللااستقرار‭ ‬واللاسلم‭) ‬بتصوير‭ ‬الأمر‭ ‬للعرب‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬إخراج‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬تأسيس‭ ‬للسلام‭ ‬والاستقرار‭! ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬خدعة‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬العراق،‭ ‬وما‭ ‬نجم‭ ‬منه‭ ‬وعنه‭ ‬من‭ ‬إسقاط‭ ‬لدول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وليبيا‭ ‬والسودان‭ ‬واليمن‭ ‬والحبل‭ ‬على‭ ‬الجرار‭!‬

{‭ ‬الذي‭ ‬سيترك‭ ‬أثره‭ ‬الماحق‭ ‬والمتجاوز‭ ‬لكل‭ ‬منطق‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تقوية‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بجعل‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬تحت‭ ‬احتلاله‭ ‬وتهجير‭ ‬شعبها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معلن‭ ‬ومعمول‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬تهديد‭ ‬خطير‭ ‬لما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭! ‬وتحديدا‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬2011‭ ‬مثل‭ ‬مصر‭ ‬والخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وليس‭ ‬العكس‭ ‬أبدا‭! ‬والإيهام‭ ‬بأن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬مقاومة‭ ‬احتلاله‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬فإنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬المنطقة‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارا‭ ‬ونهضة‭ ‬وسلاما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬خيال‭ ‬صانعيه‭ ‬ووهم‭ ‬من‭ ‬يتلقاه‭! ‬المثل‭ ‬يقول‭: ‬حدث‭ ‬العاقل‭ ‬بما‭ ‬يعقل‭! ‬وخارطة‭ ‬نتنياهو‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهي‭ ‬الخارطة‭ ‬التي‭ ‬وضحت‭ ‬حدود‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬جغرافيا‭ ‬تفند‭ ‬الهدف‭ ‬الحقيقي‭ ‬مما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وفي‭ ‬الضفة‭ ‬وسبب‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬والبريطاني‭ ‬المطلق‭ ‬لذلك‭ ‬الهدف‭!‬

{‭ ‬هل‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬ينتظروا‭ ‬عقدا‭ ‬آخر‭ ‬أو‭ ‬عقدين‭ ‬لتتضح‭ ‬صورة‭ ‬الأهداف‭ ‬الحقيقية‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬فلسطين؟‭! ‬ألم‭ ‬يأخذوا‭ ‬العبرة‭ ‬من‭ ‬الوعود‭ ‬الأمريكية‭ ‬الزائفة‭ ‬حين‭ ‬أرادت‭ ‬إسقاط‭ ‬العراق؟‭! ‬ذات‭ ‬السيناريو‭ ‬يتكرر‭ ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬شيطنة‭ ‬صدام‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسقاط‭ ‬العراق‭ ‬واحتلاله‭! ‬ومثله‭ ‬يتم‭ ‬الآن‭ ‬شيطنة‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬للاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسقاط‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬جعبة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬السقوط‭ ‬تكون‭ ‬الأرض‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تمهيدها‭ ‬لإسقاط‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬الوعود‭ ‬لهم‭ ‬بالمستقبل‭ ‬الزاهر‭!‬

{‭ ‬المفارقة‭ ‬أن‭ ‬ذات‭ ‬السيناريو‭ ‬يتكرر‭ ‬وذات‭ ‬الوعود‭ ‬والكلام‭ ‬المنمق‭ ‬تتزايد‭ ‬ليتم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الزيف‭ ‬فيها‭ ‬بعد‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬تستمر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بجناحيها‭ (‬الديمقراطي‭ ‬والجمهوري‭) ‬لتحقيقه‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬باعتباره‭ ‬المعتقد‭ ‬الأساس‭ ‬للصهيونية‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النبوءة‭ ‬التوراتية‭ ‬الملفقة‭!‬

هنا‭ ‬تختلط‭ ‬السياسة‭ ‬بالأيديولوجيا‭ ‬مثلما‭ ‬تختلط‭ ‬بالرؤى‭ ‬الملفقة‭ ‬في‭ ‬التوراة‭ ‬والتلمود‭ ‬وبالأساطير‭ ‬وسحر‭ ‬‮«‬الكابالاه‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬الطريق‭ ‬لستر‭ ‬ذلك‭ ‬الخليط‭ ‬الشيطاني‭ ‬عن‭ ‬أصحاب‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬الطامعين‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬جغرافيتها‭ ‬وثرواتها‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬إدخال‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الثقيلة‭ ‬والمتقنة‭ ‬والمتخمة‭ ‬بالوعود‭ ‬البراقةّ‭! ‬ليتم‭ ‬جر‭ ‬الضحايا‭ ‬العرب‭ ‬إلى‭ ‬مقصلة‭ ‬الذبح‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬تمكنت‭ ‬الصهيونية‭ ‬المسيحية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬فذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬تهجير‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬وإنما‭ ‬تهجير‭ ‬فلسطينيي‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬عرب‭ ‬48،‭ ‬وسيناريوهات‭ ‬الفضفضة‭ ‬الكلامية‭ ‬لذلك‭ ‬جاهزة‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬أو‭ ‬المائدة‭ ‬المستديرة‭! ‬وحينها‭ ‬تكون‭ ‬حتى‭ ‬ورقة‭ ‬الصهاينة‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬صلاحيتها‭ ‬ليتم‭ ‬الإجهاز‭ ‬عليها‭ ‬كورقة‭ ‬كانت‭ ‬رابحة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الطرفين‭! ‬فلسطين‭ ‬هي‭ ‬بوابة‭ ‬للجنة‭ ‬أو‭ ‬للجحيم‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يقرأ‭ ‬التاريخ‭ ‬جيدا‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬يقرأ‭ ‬الأدبيات‭ ‬والمعتقد‭ ‬الصهيوني‭/‬المسيحي‭ ‬لن‭ ‬يدرك‭ ‬حتما‭ ‬المآلات‭ ‬القادمة‭ ‬للرهانات‭ ‬الحالية‭ ‬والواهمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الازدهار‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬للاحتلال‭ ‬الصهيوني‭! ‬من‭ ‬لم‭ ‬يراجع‭ ‬أوراق‭ ‬الأجندة‭ ‬والمخططات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬سبتمبر‭ ‬أو‭ ‬البرجين‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬كبرى‭ ‬وتداعيات‭ ‬تفكيكية‭ ‬للهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬العربية‭ ‬والهوية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭! ‬وخارطة‭ ‬التفكيك‭ ‬المستمرة‭ ‬للإسلام‭ ‬وللتعليم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬العربية‭ ‬وحرب‭ ‬الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬والسادس‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬والروح‭ ‬الوطنية‭ ‬القومية‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يدرك‭ ‬ولن‭ ‬يستشرف‭ ‬المصائر‭ ‬القادمة‭ ‬للمنطقة‭! ‬أو‭ ‬حجم‭ ‬الاستعباد‭ ‬القادم‭! ‬وحيث‭ ‬سقوط‭ ‬فلسطين‭ ‬كما‭ ‬يخططون‭ ‬هو‭ ‬البداية‭ ‬لكوارث‭ ‬أخرى‭ ‬قادمة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭! ‬ما‭ ‬نقوله‭ ‬ليس‭ ‬سوداوية‭ ‬ذاتية‭ ‬وإنما‭ ‬المنطقة‭ ‬محاطة‭ ‬أصلا‭ ‬بغيوم‭ ‬سوداء‭! ‬وحيث‭ ‬الشهية‭ ‬الصهيونية‭ ‬لن‭ ‬تقف‭ ‬أبدا‭ ‬عند‭ ‬ابتلاع‭ ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬وفقط‭! ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬العالمية‭ ‬التلمودية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬لحكم‭ ‬كل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وعلى‭ ‬الأرض‭! ‬هذا‭ ‬حلمهم‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬وهمهم‭ ‬أو‭ ‬مخططهم‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يساعدهم‭ ‬غضب‭ ‬الله‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا