العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

«الفيتو» وأشباح الحرب العالمية الثانية!

{‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬دخل‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ (‬ربع‭ ‬قرن‭) ‬الألفية‭ ‬الثالثة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مخلفات‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬منتصف‭ ‬أربعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحكم‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬تقسيمات‭ ‬القوى‭ ‬فيه،‭ ‬والرؤى‭ ‬الاستعمارية‭ ‬القديمة‭! ‬والتي‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬التطوّرات‭ ‬وتغيرّ‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬العالمية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تستمدّ‭ ‬قوتها‭ ‬من‭ ‬الفرضيات‭ ‬والأجندات‭) ‬التي‭ ‬أورثتها‭ ‬بريطانيا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭! ‬ومنها‭ ‬واجهتها‭ (‬الاستيطانية‭ ‬والاستعمارية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭) ‬وهي‭ ‬واجهة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الصهيوني‮»‬‭ ‬المدعوم‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأم‭ ‬الخبائث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬‭!‬

{‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬المخلفات‭ ‬الناتجة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الهيكلية‮»‬‭ ‬المرسومة‭ ‬بإتقان‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ولمجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬استمرار‭ ‬التسلط‭ ‬الأمريكي‭ / ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وقضاياه‭!‬

فيكفي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬أمريكا‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬لكي‭ ‬يتعطل‭ ‬التنفيذ‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬القرار‭ ‬الجزائري‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬مؤخرًا‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭! ‬ورغم‭ ‬تصويت‭ (‬13‭ ‬عضوا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬15‭) ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬وتحفظ‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سطوة‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬القامع‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬تمرير‭ ‬القرار،‭ ‬وهو‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬الرابع‮»‬‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬البربري‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والموصوف‭ ‬بحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭!‬

{‭ ‬الأحوال‭ ‬الكارثية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬المناحي‭ ‬بات‭ ‬يعرفها‭ ‬الجميع،‭ ‬وبما‭ ‬يمثِلّ‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬كبرى‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬العالم،‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬الغرب‭ ‬فيها‭ ‬متواطئًا‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬فيما‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬العجز‭ ‬أمام‭ ‬محاولاته‭ ‬لإيقاف‭ ‬تلك‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭!‬

كل‭ ‬العالم‭ ‬بات‭ ‬يدرك‭ ‬اليوم‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬أمريكية‮»‬‭ ‬باليد‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭! ‬وأن‭ ‬أمريكا‭ ‬ترسم‭ ‬أجندتها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالدماء‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومآسي‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭! ‬وأن‭ ‬التعنتّ‭ ‬الصهيوني‭ ‬لقادة‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭ ‬ناجم‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ومعه‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬واللوجيستي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقف‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬ضدّ‭ ‬إيقاف‭ ‬الإبادة‭ ‬والمجازر‭ ‬والتهجير‭ ‬والتدمير،‭ ‬بحجة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭!‬

حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الحُجّة‮»‬‭ ‬ذائبة‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬لدولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬الذي‭ ‬فاق‭ ‬كل‭ ‬تصوّر‭ ‬للوحشية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬حازت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬مكتسبات‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تفرض‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ (‬ثمانين‭ ‬عامًا‭) ‬ورغم‭ ‬المتغيرات‭ ‬الدولية‭ ‬والعالمية،‭ ‬ذات‭ (‬المنطلقات‭ ‬التقسيمية‭ ‬الاستعمارية‭) ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تطلعات‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبه‭ ‬ودوله‭ ‬وبشكل‭ ‬قسري‭! ‬ليتواصل‭ ‬معه‭ ‬التدمير‭ ‬العالمي‭ ‬لكل‭ ‬المواثيق‭ ‬والقوانين‭ ‬والمبادئ‭ ‬الدولية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الأممية،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تفصيلها‭ ‬منذ‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬لتناسب‭ ‬‮«‬الأجندة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬وتسلطها‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭! ‬وتكييف‭ ‬‮«‬المواثيق‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬استمرار‭ ‬ذلك‭ ‬التسلط‭ ‬القامع‭ ‬لتطلعات‭ ‬التغيير،‭ ‬وتحرّر‭ ‬الدول‭ ‬واستقلاليتها‭ ‬ونيل‭ ‬حقوقها‭ ‬المشروعة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭!‬

{‭ ‬لقد‭ ‬كرس‭ ‬‮«‬الغرب‭ ‬الإمبريالي‮»‬‭ ‬نفسه‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كسيّد‭ ‬يستعبد‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب،‭ ‬وينهب‭ ‬ثرواتها،‭ ‬ويتوسّع‭ ‬في‭ ‬سيطرته‭ ‬وكأن‭ ‬لا‭ ‬رادع‭ ‬ولا‭ ‬قوانين‭ ‬ولا‭ ‬مواثيق‭ ‬ولا‭ ‬شرعية‭ ‬دولية‭! ‬ولذلك‭ ‬هو‭ ‬يشن‭ (‬الحروب‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭) ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وآخرها‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬سالت‭ ‬فيها‭ ‬الدماء‭ ‬حتى‭ ‬غطت‭ ‬وجه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭! ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باليد‭ ‬‮«‬الإسرائيلية‮»‬‭ ‬تريد‭ ‬رسم‭ ‬خارطة‭ ‬جديدة‭ ‬للمنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬ليكون‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬الكيان‭ ‬الاستيطاني‮»‬‭ ‬هو‭ ‬القوة‭ ‬الضاربة‭! ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬تلك‭ ‬الغاية‭ ‬أن‭ ‬يُباد‭ ‬شعب‭ ‬بأكمله،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجويعه‭ ‬وتهجيره‭ ‬من‭ ‬وطنه،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬مباح‭ ‬للكيان‭! ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬فيه‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬توابل‭ ‬التصريحات‭ ‬والوعود‭ ‬الزائفة‭! ‬والحديث‭ ‬الممل‭ ‬عن‭ ‬الإرهاب،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬نفسه‭! ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬‮«‬مقاومة‮»‬‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬تعيق‭ ‬مشروعه‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬أوسطي‮»‬‭ ‬أو‭ ‬تعيق‭ ‬غايات‭ ‬تسلطه‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬صراعه‭ ‬الضاري‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬الأخرى‭! ‬إنهاء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وقواها‭ ‬المقاومة‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬رئيسي‭ ‬اليوم‭!‬

{‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬ذات‭ ‬السيناريو‭ ‬إذًا‭ ‬يتكرّر‭ ‬باستخدام‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬،‭ ‬والجزائر‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬تعلم‭ ‬مسبقًا‭ ‬بأمر‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬بدوره‭ ‬أسقط‭ ‬كل‭ ‬أقنعة‭ ‬أمريكا‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬استخدامه‭ ‬يستمرّ‭! ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يتحرّر‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬المخلفات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬ستبقى‭ ‬حبلاً‭ ‬في‭ ‬رقبته،‭ ‬يجرّه‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬الكوارث‭ ‬بل‭ ‬ويخنقه‭!‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬رأس‭ ‬الإرهاب‭ ‬والشرّ‭ ‬العالمي‭) ‬ومعها‭ ‬جوقة‭ ‬غربية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬بريطانيا‭!‬

المطلوب‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬ووقف‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بل‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ (‬التحرّر‭ ‬العالمي‭) ‬من‭ (‬أشباح‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭) ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يدخل‭ ‬حربًا‭ ‬أكثر‭ ‬كارثية‭ ‬هي‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬لتستمر‭ ‬ذات‭ ‬‮«‬الأشباح‮»‬‭ ‬في‭ ‬سيطرتها‭ ‬وهيمنتها‭ ‬وخنقها‭ ‬للعالم‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا