العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حروب المستقبل بين الثورة التكنولوجية والعناصر التقليدية

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الاثنين ١٩ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬المنامة‭ ‬الأمني‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬2023‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭: ‬‮«‬إن‭ ‬اهتمام‭ ‬دول‭ ‬العالم‭  ‬بتوظيف‭  ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إغفال‭ ‬أهمية‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والحروب‭ ‬التقليدية‮»‬‭ ‬كلمات‭ ‬مختصرة‭ ‬ولكنها‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬دفاعية،‭ ‬فمع‭ ‬أهمية‭ ‬تأثير‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المذهل‭ ‬على‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬كافة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬حيث‭ ‬غيرت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬جذري‭ ‬طبيعة‭ ‬الصراعات‭ ‬وكذلك‭ ‬نوعية‭ ‬الأسلحة‭ ‬المستخدمة‭ ‬فيها‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬ربما‭ ‬أعطى‭ ‬الدول‭ ‬انطباعاً‭ ‬خاطئاً‭  ‬بأن‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭  ‬قد‭ ‬انحسرت‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬وإغفال‭ ‬ثلاثية‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬مسؤول‭ ‬الحلف‭ ‬وهي‭ ‬البشر‭ ‬والجغرافيا‭ ‬ونمط‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬والتي‭ ‬جسدتها‭ ‬حروب‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬صراعات‭ ‬وهي‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مخططي‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لعقود‭ ‬قادمة‭.‬

وبداية‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حروب‭  ‬المستقبل‭ ‬فإن‭ ‬مرتكزها‭ ‬الأساسي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وهو‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬استحوذ‭ ‬على‭ ‬جل‭ ‬اهتمام‭ ‬القمة‭ ‬العالمية‭ ‬للحكومات‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬12‭-‬14‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬والأرقام‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬لتعكس‭ ‬مدى‭ ‬اهتمام‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بتلك‭ ‬التقنيات‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬وفقاً‭ ‬للتقارير‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬سوق‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حوالي‭ ‬عشرين‭ ‬مرة‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الحالي‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬1,85‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬مقابل‭ ‬95‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بنهاية‭ ‬عام‭  ‬2021،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬بات‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مظاهر‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بل‭ ‬مجالاً‭ ‬لتنافس‭ ‬الدول‭ ‬فقد‭ ‬وجد‭ ‬سبيله‭ ‬نحو‭ ‬التطبيق‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ ‬وبقوة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬استهدف‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬للدول‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬وكذلك‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬وهما‭ ‬حادثتان‭ ‬قرعتا‭ ‬أجراس‭ ‬الإنذار‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬حروب‭ ‬المستقبل،‭  ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الصراعات‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والصراع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬لتوظيف‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬‮«‬الدرونز‮»‬‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬أمد‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات،‭ ‬بل‭ ‬تكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬التأثيرات‭ ‬بالغة‭ ‬التدمير‭ ‬لتلك‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬واحدة‭ ‬للوحدة‭ ‬الرقمية‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬بموجبها‭ ‬للآليات‭ ‬البرية‭ ‬والبحرية‭  ‬والجوية‭  ‬تنفيذ‭ ‬مهامها‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مركز‭ ‬تحكم‭ ‬واحد،‭ ‬وتتعاظم‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬كون‭ ‬أن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬سوف‭ ‬يفوق‭ ‬الذكاء‭ ‬البشري‭ ‬وخارج‭ ‬نطاق‭ ‬تحكمه‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬مؤكدة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬الدول‭ ‬باتت‭ ‬أكبر‭ ‬مهدد‭ ‬لذلك‭ ‬الأمن‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبة‭ ‬إثبات‭ ‬وإسناد‭ ‬جرائم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬كيفية‭  ‬محاسبة‭ ‬مرتكبي‭ ‬تلك‭ ‬الجرائم‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬الجماعات‭ ‬دون‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬التفاعل‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وتأجيجها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوظيف‭ ‬السيء‭ ‬لتلك‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬مهددات‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬وكان‭ ‬مثار‭ ‬اهتمام‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ففي‭ ‬يوليو‭ ‬2023‭ ‬وللمرة‭ ‬الأولى‭ ‬خصص‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬جلسة‭ ‬خاصة‭ ‬لمناقشة‭ ‬تأثير‭ ‬ثورة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين‭ ‬وكان‭ ‬لافتاً‭ ‬دعوة‭  ‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬بحث‭ ‬تأسيس‭ ‬كيان‭ ‬أممي‭ ‬لحوكمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تحذيره‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬أنظمة‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬عدداً‭ ‬قليلاً‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬بإمكانهم‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬شامل‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬دولة‭ ‬بأكملها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬دقائق‭ ‬معدودة‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬أمرا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله‭ ‬فماذا‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية؟‭ ‬بتحليل‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬مسؤول‭ ‬الناتو‭ ‬كما‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬فإن‭ ‬عناصر‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬هي‭ ‬البشر‭ ‬والجغرافيا‭ ‬ونمط‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬التقليدية،‭ ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحروب؟‭ ‬فبداية‭ ‬للجغرافيا‭ ‬تأثير‭ ‬هائل‭ ‬وخاصة‭ ‬ضمن‭ ‬الحروب‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬تحديداً،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭ ‬خلال‭ ‬المواجهات‭ ‬مع‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الفلوجة‭ ‬والموصل2004‭  ‬حيث‭ ‬تم‭  ‬استخدام‭ ‬العبوات‭ ‬البدائية‭ ‬لمواجهة‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬أمراً‭ ‬سهلاً‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هاتين‭ ‬المدينتين‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬آنذاك‭ ‬ولكن‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعتد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬دافعاً‭ ‬لصياغة‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬استراتيجية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬حروب‭ ‬المدن‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬مضمونها‭ ‬قد‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬ولكنها‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬جديرة‭ ‬بالدراسة،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬ربما‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أسباب‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬هو‭ ‬توظيف‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمركز‭ ‬قوات‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المدن‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬اقتحامها‭ ‬أمرا‭ ‬باهظ‭ ‬التكلفة‭ ‬ومحفوفا‭ ‬بالمخاطر‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وكذلك‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‮»‬‭ ‬أشار‭ ‬أنتوني‭ ‬كينغ‭  ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬بيتر‭ ‬منصور‭ ‬العقيد‭ ‬المتقاعد‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬اللواء‭ ‬الأول‭ ‬للفرقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المدرعة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬بالقول‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستهلك‭ ‬مبنى‭ ‬واحد‭ ‬كتيبة‭ ‬كاملة‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬1000‭ ‬جندي‭ ‬في‭ ‬قتال‭ ‬ليوم‭ ‬واحد‮»‬‭ ‬ويعكس‭ ‬ذلك‭ ‬مدى‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تتكبدها‭ ‬الجيوش‭ ‬النظامية‭ ‬خلال‭ ‬حروب‭ ‬المدن،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬فإن‭ ‬العامل‭ ‬البشري‭ ‬يظل‭ ‬حاسماً‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬بما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المناورة‭ ‬والتصرف‭ ‬حال‭ ‬تغير‭ ‬مسار‭ ‬المعركة‭ ‬وما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬أنه‭ ‬يكون‭ ‬‮«‬صاحب‭ ‬الأرض‮»‬‭ ‬ولديه‭ ‬دراية‭ ‬كاملة‭ ‬بمناطق‭ ‬المناورة‭ ‬والتأثير،‭ ‬وقد‭ ‬أجمعت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬تلك‭ ‬القضية‭ ‬عبر‭ ‬عصور‭ ‬مختلفة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬تكون‭ ‬القوة‭ ‬متكافئة‭ ‬تقريباً‭ ‬لأن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬توازنها‭ ‬الأرض‭ ‬والبشر،‭ ‬وأخيراً‭ ‬فإن‭ ‬نمط‭ ‬الحروب‭ ‬التقليدية‭ ‬ذاتها‭ ‬سوف‭ ‬يظل‭ ‬أيضاً‭ ‬ذا‭ ‬تأثير،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬قد‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬كافة‭ ‬تغيير‭ ‬أنماط‭ ‬التسلح‭ ‬ولكن‭ ‬تظل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مهماً‭ ‬فالدول‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬تضاريس‭ ‬جغرافية‭ ‬تتضمن‭ ‬جبالاً‭ ‬تختلف‭ ‬جذرياً‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الانكشاف‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭ ‬بما‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬استحقاقات‭ ‬دفاعية‭ ‬مختلفة‭ ‬تماماً‭.‬

وفي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬هذين‭ ‬النمطين‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬مهمين‭ ‬للغاية‭ ‬لإثارة‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬ثلاث‭ ‬قضايا‭ ‬الأولى‭: ‬ضمن‭ ‬سعي‭ ‬الدول‭ ‬لإقامة‭ ‬المدن‭ ‬الذكية‭ ‬بما‭ ‬يتضمنه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬حمايتها‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وغيرها‭ ‬فإنه‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مدناً‭ ‬آمنة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إمكانية‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المدن‭ ‬خلال‭ ‬الصراعات،‭ ‬والثانية‭: ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬هذان‭ ‬النمطان‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬على‭ ‬مفاهيم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول،‭ ‬والثالثة‭: ‬ما‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا