العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الاحتفال بذكرى ميثاق العمل الوطني في عصر التحديات

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الجمعة ١٦ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

الاحتفال‭ ‬بذكرى‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬تتنوع‭ ‬وتشتد‭ ‬فيه‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬له‭ ‬معان‭ ‬كثيرة‭ ‬وآثار‭ ‬عديدة،‭ ‬تنطلق‭ ‬مما‭ ‬يمثله‭ ‬الميثاق‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬حافزة‭ ‬للصمود‭ ‬والمواجهة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬ولم‭ ‬يزل‭ ‬يمثل‭ ‬انطلاق‭ ‬لمرحلة‭ ‬مميزة‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬اقترنت‭ ‬بخيار‭ ‬وقرار‭ ‬شعبي‭ ‬حاسم‭ ‬بنتائجه‭ ‬ومضامينه،‭ ‬فمن‭ ‬حيث‭ ‬النتائج‭ ‬صوت‭ ‬للميثاق‭ ‬98‭.‬4%‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء‭ ‬ممن‭ ‬يحق‭ ‬لهم‭ ‬التصويت‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬البحرين،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بمثابة‭ ‬إجماع‭ ‬عام‭ ‬وتجديد‭ ‬للعهد‭ ‬والمبايعة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬ومنهجه‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬ترصين‭ ‬وحدة‭ ‬البلاد‭ ‬وتعزيز‭ ‬أمنها،‭ ‬وفي‭ ‬استراتيجيته‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ومن‭ ‬حيث‭ ‬المضمون‭ ‬يمثل‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬رسوخ‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭ ‬للبلاد‭ ‬وبدء‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الانفتاح‭ ‬الخارجي‭ ‬والتواصل‭ ‬الحضاري‭ ‬مع‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬فهو‭ ‬قاعدة‭ ‬البنية‭ ‬والهيكلية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬اللاحقة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬البلاد،‭ ‬وهو‭ ‬خطوة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬الإجماع‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬نهج‭ ‬القيادة‭ ‬وفلسفتها‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬ومرئياتها‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة،‭ ‬واستفتاء‭ ‬وطني‭ ‬قل‭ ‬نظيره‭ ‬على‭ ‬مشروعيتها‭ ‬التاريخية‭ ‬وضرورتها‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستقرار‭ ‬المملكة‭ ‬وأمنها‭ ‬وتطورها‭ ‬ونهضتها‭ ‬ورقي‭ ‬شعبها،‭ ‬وهو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬تلاحم‭ ‬الشعب‭ ‬والقيادة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬متينة‭ ‬وراسخة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬أو‭ ‬إقصاء،‭ ‬لذا‭ ‬فإنّ‭ ‬احتفالنا‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بذكرى‭ ‬إعلان‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬يعكس‭ ‬صدق‭ ‬إيماننا‭ ‬بمبادئ‭ ‬الميثاق‭ ‬وسعينا‭ ‬لتجسيد‭ ‬مضامينه‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬ثابتة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬فهو‭ ‬مرجعية‭ ‬وطنية‭ ‬خالدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القفز‭ ‬فوقها‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها،‭ ‬حيث‭ ‬يُعد‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬للدولة‭ ‬العصرية‭ ‬وقاعدتها‭ ‬المؤسسية‭ ‬ونظامها‭ ‬الدستوري‭ ‬وخيارها‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الذي‭ ‬يعلي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المواطن‭ ‬باعتباره‭ ‬غاية‭ ‬النهضة‭ ‬ووسيلتها،‭ ‬المستند‭ ‬إلى‭ ‬العدل‭ ‬والشورى‭ ‬وضمان‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والقانون‭ ‬التي‭ ‬تزهو‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والرخاء‭ ‬والنزاهة‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص،‭ ‬توفر‭ ‬لشعبها‭ ‬مقومات‭ ‬الانطلاق‭ ‬والنهوض‭ ‬والتقدم‭ ‬ليواكب‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تطورات‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬العلم‭ ‬والتعليم‭ ‬والتنمية‭ ‬والتقنية‭ ‬والبناء،‭ ‬وليتفاعل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬متكافئ‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي‭ ‬والإدراك‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬معطيات‭ ‬العصر‭ ‬وتحدياته،‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات،‭ ‬وتعظيم‭ ‬تنافسية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وتفعيل‭ ‬أدوات‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬والشعبية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬البرلمانية،‭ ‬وزيادة‭ ‬الشفافية‭ ‬والإفصاح‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬إدارات‭ ‬الدولة‭. ‬

وقد‭ ‬تمكنت‭ ‬المملكة‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وبحكمة‭ ‬وصبر‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬وقراءة‭ ‬جلالته‭ ‬الصحيحة‭ ‬لمعطيات‭ ‬الحاضر‭ ‬وصياغته‭ ‬الرشيدة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬باهرة‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬الميثاق‭ ‬وبوحي‭ ‬منه‭ ‬وتجسيد‭ ‬للالتزام‭ ‬الواعي‭ ‬بمبادئه،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬ومبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬متنامية‭ ‬ومتواصلة‭ ‬ومتجددة‭ ‬في‭ ‬مرئيات‭ ‬وتوجيهات‭ ‬القيادة،‭ ‬وتنامي‭ ‬المنجزات‭ ‬وتطور‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬النهضوية‭ ‬وتنمية‭ ‬العدالة‭ ‬والفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالميثاق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الراهنة‭ ‬يدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية‭ ‬والتكافل‭ ‬والتكامل‭ ‬والاتحاد‭ ‬الخليجي‭ ‬والتعاون‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭. ‬فعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬الأحداث‭ ‬برؤية‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬التزامنا‭ ‬الثابت‭ ‬بميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬لاستقرار‭ ‬مملكتنا‭ ‬العزيزة،‭ ‬وندعم‭ ‬بقوة‭ ‬السياسات‭ ‬الأمنية‭ ‬لمملكتنا‭ ‬ونعزز‭ ‬التحسب‭ ‬لمواجهة‭ ‬احتمالات‭ ‬الإرهاب‭ ‬والعدوان‭ ‬والتخريب‭ ‬المنظم‭ ‬داخليا‭ ‬أو‭ ‬خارجيا،‭ ‬وأيًّا‭ ‬كان‭ ‬مصدره،‭ ‬ونكون‭ ‬العين‭ ‬الساهرة‭ ‬لحماية‭ ‬أمننا‭ ‬واستقرارنا‭ ‬ومنجزاتنا‭ ‬التنموية،‭ ‬وأن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬أمننا‭ ‬وتنميتنا‭ ‬ومستقبل‭ ‬شعبنا‭ ‬أولوية‭ ‬لا‭ ‬تدانيها‭ ‬أولوية‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نستذكر‭ ‬مقولة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬السامية‭ ‬بذكرى‭ ‬الميثاق‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الميثاق‭ ‬جاء‭ ‬معبراً‭ ‬عن‭ ‬الإرادة‭ ‬الصلبة‭ ‬والقرار‭ ‬الحر‭ ‬لشعبنا‭ ‬الوفي‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬الوطن‭ ‬واستمرار‭ ‬نهضته‮»‬،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مستقبل‭ ‬الوطن‭ ‬واستمرار‭ ‬نهضته‭ ‬هدفنا‭ ‬الأول،‭ ‬ومحط‭ ‬أنظارنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قرار‭ ‬نتخذه،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تصريح‭ ‬أو‭ ‬تلميح‭ ‬نطلقه‭.‬

وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬المصير‭ ‬المشترك‭ ‬لنا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬موحدين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬العاتية‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بالمنطقة‭ ‬والعالم‭.‬

وإزاء‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نستحضر‭ ‬روح‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬لتلهمنا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬والتوثب‭ ‬والتطلع‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬المشرق‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وحكمة‭ ‬ورشد‭ ‬قيادتنا،‭ ‬ومملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارا‭ ‬وتماسكا‭ ‬وأعز‭ ‬شأنا‭ ‬وأعظم‭ ‬تطورا‭.‬

أجمل‭ ‬التهاني‭ ‬وأسمى‭ ‬التبريكات‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬ولصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر،‭ ‬ولشعبنا‭ ‬الوفي‭ ‬المعطاء،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬والبحرين‭ ‬تتقدم‭ ‬نحو‭ ‬الغد‭ ‬الأفضل،‭ ‬خليفية‭ ‬خليجية‭ ‬عربية‭ ‬مسلمة‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا