العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

هذا العالم الأضحوكة!

{‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬حالة‭ ‬الهزال‭ ‬والخواء‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬كل‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬والنظام‭ ‬الدولي‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والمنظمات‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬معا‭ ‬أضحوكة‭! ‬فلا‭ ‬منطق‭ ‬ولا‭ ‬معنى‭ ‬يحكم‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الخاوي‭ ‬من‭ ‬إرادته‭ ‬وإنسانيته‭ ‬وأخلاقياته‭ ‬وقيمه‭ ‬إلا‭ ‬التفاهة‭! ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬المذابح‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وحتى‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬لما‭ ‬يقارب‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر‭ ‬وليس‭ ‬بقدرة‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬كيان‭ ‬يقوم‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬وبالمجازر‭ ‬اليومية‭ ‬وبالتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬وبقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمدنيين؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬العاجز‭ ‬أمام‭ ‬كيان‭ ‬واحد‭ ‬مجرم‭ ‬يتمادى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬إجرامه؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؟‭! ‬ما‭ ‬قيمة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحكم‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬مدعاة؟‭! ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬مع‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬اليومية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وقتل‭ ‬المئات‭ ‬بمعدل‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عجز‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬تسقط‭ ‬الأقنعة‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وإنما‭ ‬تحول‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬أضحوكة‭ ‬وفراغ‭ ‬وتفاهة‭ ‬منقطعة‭ ‬النظير‭! ‬

{‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬شيء‭ ‬يحتفظ‭ ‬بهيبة‭ ‬أو‭ ‬احترام‭ ‬أو‭ ‬ثقة‭! ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تلطخ‭ ‬بسيل‭ ‬الدماء‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬‭ ‬غزة،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬جعل‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭ ‬داخلين‭ ‬في‭ ‬دهشة‭ ‬الفراغ‭ ‬الدولي‭ ‬والعالمي‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بهم‭! ‬فراغ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭! ‬لكأن‭ ‬فجأة‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬تصارع‭ ‬عجزها‭ ‬المضني‭ ‬أمام‭ ‬كيان‭ ‬استيطاني‭ ‬وقوة‭ ‬احتلال‭ ‬غاشمة‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬العالم‭ ‬لها‭ ‬مثيلا،‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬وقادة‭ ‬العالم‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬إلى‭ ‬جمود‭ ‬الدمى‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭! ‬هي‭ ‬المسرحية‭ ‬الفاعل‭ ‬الوحيد‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬الذي‭ ‬يصر‭ ‬على‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائمه‭ ‬بدعم‭ ‬مطلق‭ ‬إلا‭ ‬التصريحات‭ ‬الخاوية‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬ليواصل‭ ‬حفل‭ ‬جنونه‭ ‬ومجازره‭! ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يوقفه‭!‬

{‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحفي‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعروف‭ ‬كريس‭ ‬هيدجز‭ ‬يصف‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجنون‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬حول‭ ‬حكومات‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬متفرجين‭ ‬أشرار‭ ‬ونازيين‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الكيان‭! ‬وما‭ ‬يصف‭ ‬به‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تنجو‭ ‬من‭ ‬وصفه‭ ‬أية‭ ‬قوى‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ (‬العالم‭ ‬الأضحوكة‭) ‬يقول‭ ‬هاذئا‭ ‬ومحتدما‭ ‬إن‭ ‬خطة‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الرئيسية‭ ‬لغزة‭ ‬المقتبسة‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬إخلاء‭ ‬النازيين‭ ‬للأحياء‭ ‬اليهودية‭ ‬جلية،‭ ‬تدمير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والمرافق‭ ‬الطبية‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬والمياه‭ ‬غير‭ ‬النظيفة‭ ‬ومنع‭ ‬شحنات‭ ‬الطعام‭ ‬والوقود‭ ‬وفرض‭ ‬انقطاعات‭ ‬الاتصالات‭ ‬وإطلاق‭ ‬العنان‭ ‬للعنف‭ ‬الصناعي‭ ‬العشوائي‭ ‬لقتل‭ ‬وجرح‭ ‬المئات‭ ‬والسماح‭ ‬بالمجاعة‭ ‬والأوبئة‭ ‬والأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المجازر‭ ‬اليومية‭ ‬وتشريد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬مما‭ ‬حول‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مشرحة‭! ‬قتلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬أصابت‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬100,000‭ (‬مائة‭ ‬ألف‭) ‬فلسطيني‭ ‬بجراح‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أي‭ ‬بمعدل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬20‭ ‬ساكنا‭ ‬تقريبا،‭ ‬ودمرت‭ ‬وألحقت‭ ‬أضرارا‭ ‬بـ60%‭ ‬من‭ ‬المساكن،‭ ‬المناطق‭ ‬الآمنة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬التعليمات‭ ‬لنحو‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬بالفرار‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬تعرضت‭ ‬لقصف‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬خلَّف‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا‭.. ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يشكلون‭ ‬الآن‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬المجاعة‭ ‬أو‭ ‬الجوع‭ ‬الكارثي‭ ‬عالميا‭ ‬وفقا‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬وربع‭ ‬السكان‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعا،‭ ‬ويكافحون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الغذاء‭ ‬والمياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭. ‬المجاعة‭ ‬وشيكة‭ ‬335,000‭ (‬ثلاثمائة‭ ‬وخمس‭ ‬وثلاثون‭ ‬ألف‭) ‬طفل‭ ‬دون‭ ‬الخامسة‭ ‬يواجهون‭ ‬خطرا‭ ‬كبيرا‭ ‬للإصابة‭ ‬بسوء‭ ‬التغذية‭ ‬وتفتقر‭ ‬نحو‭ ‬50‭.‬000‭ ‬امرأة‭ ‬حامل‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬والتغذية‭ ‬الكافية‭. ‬الرضع‭ ‬يموتون‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭.‬

المسؤولون‭ ‬السياسيون‭ ‬والعسكريون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬الذين‭ ‬وثقهم‭ ‬الحقوقيون‭ ‬الجنوب‭ ‬أفارقة‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬يخفون‭ ‬نواياهم‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ولا‭ ‬رؤيتهم‭ ‬لما‭ ‬سيأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬قبل‭ ‬توغل‭ ‬حماس‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مقاتلي‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬عرض‭ ‬نتنياهو‭ ‬خريطة‭ ‬لما‭ ‬أسماه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬دمجت‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭! ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬فلسطين‭ ‬موجودة‭! ‬الفلسطينيون‭ ‬مجبرون‭ ‬على‭ ‬الاختيار‭ ‬وللتعرض‭ ‬للموت‭ ‬والتعرض‭ ‬للمرض‭ ‬والمجاعة‭ ‬أو‭ ‬الطرد‭ ‬من‭ ‬وطنهم‭! ‬سوف‭ ‬نصل‭ ‬قريبا‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬الموت‭ ‬منتشرا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وحيث‭ ‬يصبح‭ ‬ترحيل‭ ‬من‭ ‬يريدون‭ ‬العيش‭ ‬هو‭ ‬الخيار‭ ‬الوحيد‭. ‬تضغط‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وإفريقيا‭ ‬لقبول‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬يطلق‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الترحيل‭ ‬اسم‭ ‬الهجرة‭ ‬الطوعية‭ ‬والهجرة‭ ‬الطوعية‭ ‬ليست‭ ‬مفهوما‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭! ‬سيشحن‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬ضحاياهم‭ ‬إلى‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬القذرة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬خارج‭ ‬إسرائيل‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الخطة‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬وخاصة‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬ينوي‭ ‬إيقافها‭. ‬ويمضي‭ ‬الكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬قائلا‭: ‬يمكننا‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬نصبح‭ ‬نازيين‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬كثيرا‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬يقظة‭ ‬دائمة‭ ‬للشر‭.. ‬سوف‭ ‬نصبح‭ ‬جميعا‭ ‬مثل‭ ‬من‭ ‬ينفذون‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وحوشا‭.. ‬ولعل‭ ‬المفارقة‭ ‬الأكثر‭ ‬حزنا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬شعبا‭ ‬كان‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬يرتكبها‭ ‬الآن‭!‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬مهمة‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ ‬شهادات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬شهود‭ ‬من‭ ‬أحرار‭ ‬العالم‭ ‬توضح‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬حجم‭ ‬العبودية‭ ‬التي‭ ‬يخضع‭ ‬لها‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬وكيفية‭ ‬تحويل‭ ‬الجميع‭ ‬إلى‭ ‬نازيين‭ ‬وأشرار‭ ‬بسبب‭ ‬صمتهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭! ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬الصمت‭ ‬الشرير؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا