العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ضرورة التحرك لمنع وقوع كارثة كبرى في رفح

بقلم: هاني عوكل

الأربعاء ١٤ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

ثمة‭ ‬دوافع‭ ‬لدى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الكبان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وهي‭ ‬حرب‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالانتقام‭ ‬والثأر‭ ‬لمكانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬اهتزت‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭.‬

الموضوع‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بشن‭ ‬حرب‭ ‬انتقامية‭ ‬يدمر‭ ‬فيها‭ ‬الاحتلال‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬بغزة،‭ ‬إنما‭ ‬يرتبط‭ ‬بمؤامرة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عبر‭ ‬تهجير‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإفراغ‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬مخزونها‭ ‬السكاني‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭.‬

أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬وإسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬إلى‭ ‬اللحظة‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬ويجري‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عن‭ ‬استعداد‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬لتوسيع‭ ‬عدوانه‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع‭ ‬باتجاه‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬المأهولة‭ ‬عن‭ ‬بكرة‭ ‬أبيها‭ ‬بالمواطنين‭.‬

رفح‭ ‬المدينة‭ ‬المجاورة‭ ‬لخان‭ ‬يونس‭ ‬وآخر‭ ‬المحافظات‭ ‬الجنوبية‭ ‬باتجاه‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬مصر،‭ ‬يسكنها‭ ‬حوالي‭ ‬270‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬على‭ ‬أبعد‭ ‬تقدير،‭ ‬لكن‭ ‬بسبب‭ ‬النزوح‭ ‬السكاني‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬ووسط‭ ‬القطاع،‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و400‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬يقيمون‭ ‬فيها‭.‬

منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬سعى‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬إخطارات‭ ‬بمغادرة‭ ‬أهالي‭ ‬شمال‭ ‬ووسط‭ ‬القطاع‭ ‬باتجاه‭ ‬دير‭ ‬البلح‭ ‬والمغازي‭ ‬والمناطق‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬وصل‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المناطق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬محطته‭ ‬الحالية‭ ‬خان‭ ‬يونس‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬للإيعاز‭ ‬للقيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬بتوسيع‭ ‬العدوان‭ ‬باتجاه‭ ‬رفح،‭ ‬وهل‭ ‬ذلك‭ ‬يخدم‭ ‬بالفعل‭ ‬توجهاته‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب؟‭ ‬يدرك‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تهدئة‭ ‬مؤقتة‭ ‬سيعني‭ ‬نهاية‭ ‬حياته‭ ‬السياسية،‭ ‬ولذلك‭ ‬يُفضّل‭ ‬الاعتراض‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬وساطات‭ ‬للتهدئة‭ ‬باتجاه‭ ‬شراء‭ ‬وقت‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬لغزة‭.‬

إذا‭ ‬تمكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬المحتجزين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لدى‭ ‬حماس،‭ ‬أو‭ ‬تآكلت‭ ‬قدرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬العسكري،‭ ‬حينذاك‭ ‬ستكون‭ ‬بيد‭ ‬نتنياهو‭ ‬أوراق‭ ‬قوة‭ ‬ربما‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬الآمن‭ ‬منها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬ملاحقات‭ ‬قضائية‭.‬

كذلك‭ ‬يأتي‭ ‬إعلان‭ ‬التلويح‭ ‬بتوسيع‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬حتى‭ ‬تخفف‭ ‬اشتراطاتها‭ ‬بشأن‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬التهدئة‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وحتى‭ ‬يقال،‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومن‭ ‬خلفها‭ ‬نتنياهو‭ ‬متمسكون‭ ‬بمواقفهم‭ ‬ولن‭ ‬يرضخوا‭ ‬لأي‭ ‬ضغوط‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬الوسطاء‭ ‬الدوليين‭.‬

من‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬يلجأ‭ ‬الاحتلال‭ ‬إلى‭ ‬تكثيف‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬بعد‭ ‬تمهيد‭ ‬القصف‭ ‬الحربي،‭ ‬وهو‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬مناطق‭ ‬محددة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية،‭ ‬أو‭ ‬يدفع‭ ‬السكان‭ ‬إلى‭ ‬خاصرة‭ ‬رفح‭ ‬الغربية‭ ‬باتجاه‭ ‬البحر‭ ‬من‭ ‬أقصى‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬خان‭ ‬يونس،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬خيارا‭ ‬آخر‭.‬

هذا‭ ‬الخيار‭ ‬قد‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬عملية‭ ‬النزوح‭ ‬بحيث‭ ‬يضغط‭ ‬الاحتلال‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬لمغادرة‭ ‬رفح‭ ‬باتجاه‭ ‬شمال‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يدقق‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬النازحين‭ ‬من‭ ‬رفح‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬عبور‭ ‬أمنية‭.‬

الخطاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬تجاه‭ ‬نية‭ ‬إسرائيل‭ ‬توسيع‭ ‬عدوانها‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬مائع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬وهو‭ ‬يعطيها‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للهجوم‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬محسوباً‭ ‬ودقيقاً‭ ‬ويتجنب‭ ‬خلاله‭ ‬الاحتلال‭ ‬استهداف‭ ‬المواطنين‭ ‬العزل‭. ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬قال،‭ ‬إنه‭ ‬لن‭ ‬يدعم‭ ‬ولا‭ ‬يؤيد‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬رفح،‭ ‬ويفهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬متروك‭ ‬للقيادة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭ ‬وتفهم‭ ‬التخوفات‭ ‬الأمريكية‭.‬

الجميع‭ ‬يتذكر‭ ‬حين‭ ‬دعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬تجنب‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬تركزت‭ ‬على‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ ‬غزة،‭ ‬والنتيجة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الدعوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬طارت‭ ‬مع‭ ‬الرياح‭ ‬وواصل‭ ‬الاحتلال‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭.‬

رفح‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬التكدس‭ ‬السكاني‭ ‬ونقص‭ ‬المواد‭ ‬التموينية‭ ‬والصحية،‭ ‬وثمة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬والأوبئة‭ ‬التي‭ ‬تفتك‭ ‬بحياة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انتشار‭ ‬المكاره‭ ‬الصحية،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬تحرك‭ ‬عالمي‭ ‬وعربي‭ ‬سريع‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬فقد‭ ‬نكون‭ ‬أمام‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬شاهدناه‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب‭ ‬هذه‭.‬

لا‭ ‬يكفي‭ ‬صوت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وأمينها‭ ‬العام‭ ‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‭ ‬للتحذير‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬إسرائيلي‭ ‬على‭ ‬رفح‭ ‬وتضخيم‭ ‬معاناة‭ ‬السكان‭ ‬هناك،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬هذه‭ ‬التحذيرات‭ ‬على‭ ‬محمل‭ ‬الجد،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬ثلثي‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬يسكنون‭ ‬رفح‭.‬

الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يتعرضون‭ ‬لأبشع‭ ‬أنواع‭ ‬القتل‭ ‬وسياسات‭ ‬التدمير‭ ‬والظلم‭ ‬ويحاربون‭ ‬في‭ ‬حريتهم‭ ‬وأمنهم‭ ‬بكل‭ ‬مستوياته‭ ‬وفي‭ ‬مأكلهم‭ ‬ومشربهم،‭ ‬والطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬يواصل‭ ‬عدوانه‭ ‬ولا‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬حسيب‭ ‬ورقيب‭ ‬والشكوى‭ ‬لغير‭ ‬الله‭ ‬مذلة‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا