تعرض الإدارة الأمريكية خطة جديدة للشرق الأوسط تشمل الدفع قدما بإقامة «دولة فلسطينية»، على قاعدة سعيها لتشديد التحالفات مع دول الخليج العربي ناشدة إقامة تحالف أمريكي إقليمي ضد إيران ضمن تنسيق أمني إقليمي أوسع نطاقا يشمل بالطبع إسرائيل حليفة واشنطن الأوثق، خاصة بعد الصفقة ثلاثية الأبعاد للبيت الأبيض ومؤسسة الحكم الأمريكية الذي جاء بها الاتفاق السعودي الإيراني (المستمر إيجابيا وبنجاح) برعاية صينية.
ويبدو أن الولايات المتحدة تراهن على أن الإبادة الإسرائيلية الجماعية المتواصلة ضد قطاع غزة ستجبر المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة «حماس» على القبول بصفقة تبخس حق المقاومة وتضعف إنجازاتها.
رد حركة حماس على الموقف من الصفقة واحتمال قبولها من عدمه، والتي يقال إنها تتضمن هدنا واسعة في «القتال في قطاع غزة»، وعودة السكان إلى بيوتهم في كل مكان في القطاع، وصفقات متعددة لإطلاق سراح الأسرى المدنيين الإسرائيليين مقابل تحرير أسرى فلسطينيين، وضمان بأن الهجوم الإسرائيلي على القطاع لن يتم استئنافه بعد استكمال المرحلة الأولى المخطط لها، والتي فيها سيتم إطلاق سراح أسرى مدنيين خلال ستة أسابيع من وقف إطلاق النار.
غير أن مسألة «نوعية» الأسرى ربما تكون أحد أهم العوائق المنتصبة في وجه الصفقة. فالمقاومة تصر على أن تختار بنفسها من ترغب بالإفراج عنهم بعد أن أكدت رسميا أنها ستطالب أيضا بتحرير القائد الفتحاوي مروان البرغوثي (أبي قسام) وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية.
وبالمقابل، يواصل رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) ووزراء الليكود وأحزاب اليمين المتطرف بث خط موحد، وهو أن الدولة الصهيونية لن توقف القتل والهجمات على قطاع غزة ولن تطلق سراح آلاف الأسرى.
لقد بات واضحاً أن التحدي الأساس سيكون الاتفاق على أعداد وهوية الأسرى الذين سيتحررون. فحماس ترغب في تحرير أكبر قدر ممكن، بمن فيهم من تسميهم الدولة الصهيونية «أسوأ المخربين»! أما (نتنياهو) فسبق أن أوضح أنه لن يقبل بتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين، وبخاصة أولئك الذين شاركوا في قتل إسرائيليين وأياديهم – بالتالي – «ملطخة بالدماء»!.
السؤال الآن هو: هل بمقدور الدولة الصهيونية القبول بطلبات المقاومة الفلسطينية في ظل اتساع رقعة الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية وتهديدات اليمين المتطرف بإسقاط الحكومة إذا وافقت على الصفقة الأمريكية/القطرية/المصرية؟! وهذا – طبعاً – دون أن ننسى أن (نتنياهو) نفسه هو من وقع وكرئيس للوزراء على «صفقة شاليط»، التي تحرر في إطارها (1027) أسيرا فلسطينيا، منهم (450) اتهموا بقتل والمشاركة بقتل إسرائيليين بمن فيهم يحيى السنوار نفسه، وكان ذلك كله مقابل «شاليط» وحده!
الصفقة الراهنة ستليها صفقة أخرى سيخرج فيها، هذا ما نأمله وتأمله المقاومة، مروان البرغوثي (أبو القسام)، وغيره من أسرى سبقوه وآخرون لحقوه وعلى رأسهم أحمد سعدات.
وهذا ما سبق وأعلنت عنه «كتائب القسام» المنبثقة عن حركة حماس، التي سميت بهذا الاسم استنادا للبعد الديني للحركة والتي حملت اسم الشيخ عز الدين القسام (الذي هو في الأصل ليس فلسطينياـ ولكن بلاد الشام كانت يومها واحدة، فجاء إليها من سوريا وقاتل حتى استشهد).
وفي هذا السياق، ومن جهتنا، فإن الربط بين «كتائب القسام» وقبلها الشيخ «عز الدين القسام» وبعدها «أبو القسام» – مروان، هو دعوة تضامنية تقديرية للكتائب، وتضامنية مع «أبو قسام» القائد الفتحاوي، ما يعزز الوحدة الوطنية الفتحاوية/ الحمساوية بل الوحدة الوطنية الفلسطينية، ويحافظ ولو بشكل غير مباشر على مشاركة حركة حماس في المرحلة الصعبة القادمة. هذا هو – في ظننا وفي أملنا – ما يجري من حوار داخلي وطني وحدوي هادف، وهذا ما يجب أن يكون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك