العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قرار محكمة العدل الدولية هو البداية

بقلم: رامي رشيد

الأربعاء ٣١ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

تواصل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الدولة‭ ‬الأقوى‭ ‬عسكريا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرحب‭ ‬والأضعف‭ ‬أخلاقيا،‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬لتدمير‭ ‬حلم‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتثبت‭ ‬يوما‭ ‬وراء‭ ‬يوم‭ ‬أنها‭ ‬صاحبة‭ ‬القرار‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد،‭ ‬وأنها‭ ‬ليست‭ ‬طرفا‭ ‬محايدا‭ ‬ولا‭ ‬وسيطا‭ ‬مقبولا‭!‬

ولا‭ ‬تزال‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتصهينة‭ ‬تؤمن‭ ‬أن‭ ‬التصفية‭ ‬هي‭ ‬الوضع‭ ‬المتاح‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وليس‭ ‬التسوية،‭ ‬فلذلك‭ ‬ليس‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬حقوق‭ ‬في‭ ‬أرضهم‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬عام‭ ‬1948م‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬كما‭ ‬باقي‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭ ‬ولا‭ ‬اعتراف‭ ‬بأننا‭ ‬شعب‭ ‬احتل‭ ‬الباقي‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬التاريخية‭ ‬عام‭ ‬1967م‭!‬

السيناتور‭ ‬الديمقراطي‭ ‬‮«‬بيرني‭ ‬ساندرز‮»‬‭ ‬ومجموعة‭ ‬الشباب‭ ‬اليساريين‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬تقدموا‭ ‬باقتراح‭ ‬لمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬بأن‭ ‬تقدم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقريرا‭ ‬خلال‭ ‬30‭ ‬يوما‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬ارتكاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬انتهاكات‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬عارض‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ومجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الاقتراح،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬شروط‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬الأمنية‭ ‬العسكرية‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭!‬

في‭ ‬يوم‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬فلسطين‭ ‬القادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬وطنا‭ ‬وكيانا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬ولا‭ ‬يحلمون‭ ‬بوطن‭ ‬سواها،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬26‭ ‬يناير‭ ‬2024م‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬إلزام‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ (‬إسرائيل‭) ‬باتخاذ‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬لمنع‭ ‬التحريض‭ ‬لارتكاب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬لمنع‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬وتقديم‭ ‬تقرير‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬واحد،‭ ‬وتسهيل‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬اللازمة‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

وبهذا‭ ‬تكون‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬قد‭ ‬أيدت‭ ‬دعوى‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬بقيام‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬بارتكاب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الركن‭ ‬الجنوبي‭ ‬لوطننا‭ ‬فلسطين،‭ ‬وكانت‭ ‬قد‭ ‬توافرت‭ ‬للمحكمة‭ ‬كل‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ (‬إسرائيل‭) ‬وتضعها‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬اتهامها‭ ‬بارتكاب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

سيذهب‭ ‬البعض‭ ‬وله‭ ‬وجاهة‭ ‬الطرح‭ ‬ليقلل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬القرار‭ ‬لعدم‭ ‬الذهاب‭ ‬فورا‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬كحل‭ ‬إجرائي‭ ‬سريع،‭ ‬ولكن‭ ‬اتهام‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والعدوان‭ ‬والأبارثهايد‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬هو‭ ‬مهم‭ ‬ومهم‭ ‬جدا‭ ‬وأساسي‭ ‬في‭ ‬معركتنا‭ ‬المحتدمة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الصعد‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الفاشي‭!‬

ولأهمية‭ ‬القرار‭ ‬سارعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬الدولة‭ ‬الأقوى‭ ‬عسكريا‭ ‬والأضعف‭ ‬أخلاقيا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون،‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬دلائل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ارتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ولتشتيت‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬وبسرعة‭ ‬البرق‭ ‬تعلن‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعليق‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬لوكالة‭ ‬غوث‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬الأونروا‭) ‬بحجة‭ ‬اشتراك‭ ‬موظفين‭ ‬تابعين‭ ‬للوكالة‭ ‬الأممية‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬يوم‭ ‬الأيام‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬م‭ ‬،‭ ‬وتهدف‭ ‬من‭ ‬القرار‭ ‬مستقبلا‭ ‬إلغاء‭ ‬حق‭ ‬العودة‭ ‬للاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭!‬

وعلى‭ ‬الضفة‭ ‬المقابلة‭ ‬للدولة‭ ‬الأقوى‭ ‬عسكريا‭ ‬والأضعف‭ ‬أخلاقيا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يقف‭ ‬رجل‭ ‬أممي‭ ‬برتغالي‭ ‬شجاع‭ ‬يدعى‭ ‬‮«‬أنتونيو‭ ‬جوتيريتش‮»‬‭ ‬هو‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يعلن‭ ‬أن‭ ‬تدابير‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬هي‭ ‬ملزمة‭ ‬وعلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬القيام‭ ‬بتنفيذها‭ ‬فورا،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬التدابير‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬وهذا‭ ‬يفتح‭ ‬باب‭ ‬المساءلة‭ ‬المستقبلية‭ ‬لدولة‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬على‭ ‬مجمل‭ ‬أفعالها‭.‬

وبقدر‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مهووسون‭ ‬بهاجس‭ ‬الدولة‭ ‬المستقلة،‭ ‬يعمل‭ ‬العدو‭ ‬بكل‭ ‬قوته‭ ‬وجبروته‭ ‬على‭ ‬تقويض‭ ‬حلمنا،‭ ‬معتمدا‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬التصفية‭ ‬لا‭ ‬التسوية‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومعتمدا‭ ‬على‭ ‬بريطانيا‭ ‬دولة‭ ‬الاستعمار‭ ‬القديم‭ ‬التي‭ ‬يراودها‭ ‬الحنين‭ ‬لقهر‭ ‬الشعوب‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تفعل‭ ‬سابقا‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬التابع‭ ‬والظل‭ ‬للاستعمار‭ ‬الجديد،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬أتى‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬وبقوة‭ ‬ليعلن‭ ‬صهيونيته‭ ‬ومدى‭ ‬حبه‭ ‬ودعمه‭ ‬للكيان‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أحلامنا‭ ‬وطموحاتنا،‭ ‬ونسي‭ ‬وربما‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يتناسى‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أن‭ ‬دولته‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬اضطهد‭ ‬اليهود،‭ ‬وعليه‭ ‬هو‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬اضطهد‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭ ‬وليس‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬الفلسطينيين‭!‬

وحين‭ ‬يصحو‭ ‬ضمير‭ ‬بعض‭ ‬الأوروبيين‭ ‬قليلا‭ ‬ويلمحون‭ ‬الى‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬دولة‭ ‬لكسمبورج،‭ ‬يخرج‭ ‬عليه‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬‮«‬يسرائيل‭ ‬كاتس‮»‬‭ ‬بكل‭ ‬استخفاف‭ ‬وصلف‭ ‬ويقول‭ ‬له‭ ‬‮«‬عليكم‭ ‬أنتم‭ ‬الأوروبيون‭ ‬بناء‭ ‬جزيرة‭ ‬صناعية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لتقام‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‮»‬‭!‬

ولعل‭ ‬الموقف‭ ‬الأوروبي‭ ‬بدأ‭ ‬يتغير‭ ‬ويتمايز‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فها‭ ‬هو‭ ‬مفوض‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬‮«‬جوزيب‭ ‬بوريل‮»‬‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ (‬إسرائيل‭) ‬أن‭ ‬تمتلك‭ ‬حق‭ ‬الفيتو‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والدولة‭ ‬المستقلة‭ ‬ويعلن‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬يفوق‭ ‬جرائم‭ ‬النازيين‭!‬

إنها‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬نفي‭ ‬فلسطين‭ ‬وشعبها‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬وشطب‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬وإلغاء‭ ‬الكينونة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬القادمة‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬فنحن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬متمسكون‭ ‬بثرى‭ ‬وطننا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬سواه‭ ‬وسنبني‭ ‬أحلامنا‭ ‬وآمالنا‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الزمن‭.‬

{ كاتب‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا