تواصل الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الأقوى عسكريا في العالم الرحب والأضعف أخلاقيا، العمل بكل قوة لتدمير حلم الوطنية الفلسطينية، وتثبت يوما وراء يوم أنها صاحبة القرار العسكري في دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد، وأنها ليست طرفا محايدا ولا وسيطا مقبولا!
ولا تزال الإدارة الأمريكية المتصهينة تؤمن أن التصفية هي الوضع المتاح للفلسطينيين وليس التسوية، فلذلك ليس للفلسطينيين حقوق في أرضهم التي احتلت عام 1948م وليس لهم حق تقرير المصير كما باقي شعوب الأرض ولا اعتراف بأننا شعب احتل الباقي من أرضه التاريخية عام 1967م!
السيناتور الديمقراطي «بيرني ساندرز» ومجموعة الشباب اليساريين في الحزب الديمقراطي تقدموا باقتراح لمجلس الشيوخ الأمريكي بأن تقدم وزارة الخارجية الأمريكية تقريرا خلال 30 يوما للتحقق من ارتكاب إسرائيل انتهاكات لحقوق الإنسان في غزة، عارض البيت الأبيض ومجلس الشيوخ الاقتراح، الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى فرض شروط على المساعدات الأمنية العسكرية لدولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد!
في يوم جديد من أيام فلسطين القادمة لا محالة وطنا وكيانا للفلسطينيين الذين لا يعرفون ولا يحلمون بوطن سواها، في يوم الجمعة 26 يناير 2024م صدر قرار محكمة العدل الدولية الذي ينص على إلزام دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد (إسرائيل) باتخاذ كل التدابير لمنع التحريض لارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات المنصوص عليها لمنع الإبادة الجماعية في القطاع وتقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر واحد، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية اللازمة إلى قطاع غزة.
وبهذا تكون محكمة العدل الدولية قد أيدت دعوى جنوب إفريقيا بقيام دولة الكيان بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة الركن الجنوبي لوطننا فلسطين، وكانت قد توافرت للمحكمة كل الأدلة التي تدين (إسرائيل) وتضعها على قائمة الدول التي سبق اتهامها بارتكاب الإبادة الجماعية.
سيذهب البعض وله وجاهة الطرح ليقلل من قيمة القرار لعدم الذهاب فورا لوقف إطلاق النار كحل إجرائي سريع، ولكن اتهام دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد بالإبادة الجماعية هو مهم ومهم جدا وأساسي في معركتنا المحتدمة على جميع الصعد مع هذا الكيان الفاشي!
ولأهمية القرار سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الأقوى عسكريا والأضعف أخلاقيا في هذا الكون، معلقة على القرار بأنها لا ترى دلائل على وجود إبادة جماعية ارتكبها الجيش الصهيوني، ولتشتيت التركيز على القرار وبسرعة البرق تعلن الخارجية الأمريكية تعليق كل الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بحجة اشتراك موظفين تابعين للوكالة الأممية في هجوم يوم الأيام العربي الفلسطيني يوم السابع من أكتوبر 2023 م ، وتهدف من القرار مستقبلا إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين!
وعلى الضفة المقابلة للدولة الأقوى عسكريا والأضعف أخلاقيا الولايات المتحدة الأمريكية يقف رجل أممي برتغالي شجاع يدعى «أنتونيو جوتيريتش» هو الأمين العام للأمم المتحدة يعلن أن تدابير محكمة العدل الدولية هي ملزمة وعلى إسرائيل القيام بتنفيذها فورا، ومن ضمن التدابير وقف الحرب وهذا يفتح باب المساءلة المستقبلية لدولة الكيان الغاصب على مجمل أفعالها.
وبقدر ما نحن الفلسطينيين مهووسون بهاجس الدولة المستقلة، يعمل العدو بكل قوته وجبروته على تقويض حلمنا، معتمدا على الولايات المتحدة الأمريكية التي تطرح التصفية لا التسوية علينا نحن الفلسطينيين ومعتمدا على بريطانيا دولة الاستعمار القديم التي يراودها الحنين لقهر الشعوب كما كانت تفعل سابقا وهي الآن التابع والظل للاستعمار الجديد، وهناك من أتى من بعيد وبقوة ليعلن صهيونيته ومدى حبه ودعمه للكيان على حساب أحلامنا وطموحاتنا، ونسي وربما يحاول أن يتناسى المستشار الألماني أن دولته هي من اضطهد اليهود، وعليه هو وكل من اضطهد اليهود في أوروبا أن يدفع الثمن وليس نحن العرب الفلسطينيين!
وحين يصحو ضمير بعض الأوروبيين قليلا ويلمحون الى دولة فلسطينية كما فعل وزير خارجية دولة لكسمبورج، يخرج عليه وزير خارجية الكيان الغاصب «يسرائيل كاتس» بكل استخفاف وصلف ويقول له «عليكم أنتم الأوروبيون بناء جزيرة صناعية في البحر لتقام عليها الدولة الفلسطينية»!
ولعل الموقف الأوروبي بدأ يتغير ويتمايز قليلا عن الموقف الأمريكي، فها هو مفوض الشؤون الخارجية «جوزيب بوريل» يقول إنه ليس من حق (إسرائيل) أن تمتلك حق الفيتو فيما يتعلق بالحق الفلسطيني والدولة المستقلة ويعلن في مناسبة أخرى أن ما يجري في قطاع غزة يفوق جرائم النازيين!
إنها الحرب على نفي فلسطين وشعبها من التاريخ والجغرافيا وشطب الهوية الوطنية وإلغاء الكينونة الفلسطينية القادمة لا محالة، فنحن الفلسطينيين متمسكون بثرى وطننا الذي لا نملك سواه وسنبني أحلامنا وآمالنا في وطننا مهما طال الزمن.
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك