حين بدأت علاقتي بالصحافة من خلال صحيفة «أخبار الخليج» في عام (1976) بدأت خطواتي الصحفية من خلال صفحة « بأقلام القراء» التي كان يشرف عليها الأستاذ سيد حجازي، وهو الحكم في قبول أو رد أي مقال والتأشير عليه بالصلاحية أو عدم الصلاحية، وبهذا كانت البداية في هذه الصحيفة، ومن خلالها تأكد لي قبولي ككاتب له مكان بين كُتَّاب الصحيفة، ثم عندما كلفني الأستاذ محمد العزب موسى مدير التحرير، بالإشراف على يومية من يوميات الصحيفة أسوة بِكُتَّاب الصحيفة المنتمين إلًيها رسميًا تأكد لي أن ما أكتبه له قيمة، وله مكانة بين كُتَّاب الصحيفة، وكنت حريصًا دائمًا على أن أنال شهادات صحفية تعزز ثقتي فيما أكتب، ولَم أكتف بهذا، بل سعيت إلى أن أرسل بعض مقالاتي إلى بعض الصحف الخليجية والعربية، وذلك من خلال الرد على من يهاجمون الإسلام، أو يسيئون إلى تعاليمه وقيمه العظيمة في الصحف التي تصدر خارج مملكة البحرين، واعتبار ذلك واجبًا علي القيام به، وأن يكون ذلك على الأقل فرض كفاية خشية ألَّا يقوم به أحد فينزل بنا العذاب، أو المؤاخذة – والعياذ بالله سبحانه – وفي يوم وقع في يدي عدد من أعداد صحيفة الشرق الأوسط (السعودية) التي تصدر في لندن، وقرأت فيها مقالًا بعنوان (الإسلام الذي نريد) ضمن ملفٍ فتحته الصحيفة وطلبت من الكُتاب المشاركة في الكتابة تحت هذا العنوان، ولمَّا لم أجد قلمًا من الأقلام البحرينية تشارك في هذا الملف شعرت بالمسؤولية تجاه الإسلام وقضاياه، فأردت أن يكون لي نصيب بين كُتَّاب هذا الملف، فأكون أحد المشاركين بالكتابة حول قضية من قضايا الإسلام مؤيدًا أو مدافعًا عن حقائق الإسلام، والرد على أباطيل خصومه لكني راجعت نفسي وتساءلت: ولكن أين أنا من بين هذه الكوكبة من العلماء، والكتاب الذين تسبق أسماؤهم ألقابًا علمية أو دينية، وأنا لست واحدًا من هؤلاء، ولكني راجعت نفسي ثانية، وقلت مبررًا ما أنا مقبل عليه، ومتجشمًا هذا المرقى الذي يبدو لي صعبًا، ولا أقول مستحيلًا ما دام هناك هِمةُ وصدق في النية لبلوغ الغاية، وإبراء للذمة، وقلت: لِمَ لا أجرب وادع الآخرين يقيمون ما أكتب فكتبت مقالًا بعنوان «الإسلام الذي نريد – هو إسلام التدبير لا التبرير»، وأرسلت المقال رجاء أن أكون واحدًا من هؤلاء الجمهرة من كُتَّاب هذا الملف، ووجدت تنويهًا لمقالي في العدد الذي يسبق تاريخ نشر مقالي، وتفاءلت خيرًا، واعتبرت ذلك بشارة على نجاحي قبل تسلمي الشهادة بأني كاتب له اعتباره بين الكتاب، وعندما نشر مقالي بتوقيع اسمي مجرد من أي لقب علمي، أو ديني شعرت بالثقة في صلاحية ما أكتب، وقبول الآخرين له، بل بشيء من الاستحسان، ثم رأيت ألا أنفرد بهذا الشرف وحدي، فاقترحت على أخي وصديقي يوسف الملا – وهو أحد كُتاب الملحق الإسلامي – الذي أشرف عليه في صحيفة «أخبار الخليج» – أن يسهم بكتابة مقال في هذا الملف، فاستجاب لاقتراحي، ونشر له مقال ضمن هذا الملف، فصرنا هو وأنا – تقريبًا – الوحيدين اللذين شاركنا فيه من البحرين، هذا في حدود علمي.
ولقد تعلمت من هذا درسًا ألا أجعل حكمي الشخصي هو الفيصل في الإقدام أو الإحجام على فعل أمرٍ أو تركه، بل أعرضه على من أثق في حكمه لأستأنس برأيه، وارتاح إلى حكمه.
ولَم يقف رجائي، ولَم تقتصر أمنياتي على ذلك، بل ارسلت مقالًا إلى مجلة «الناقد» وهي مجلة تصدر في لندن «المملكة المتحدة» ويرأس إصدارها الأستاذ رياض نجيب الريس، وذلك للرد على مقال لأحد كُتَّابها وهو الصادق النيهوم، وهو كاتب (ليبي) من المداومين على نشر مقالات تثير الكثير من البلبلة ضد الإسلام وأهله، ووجدت أنه من الواجب عليّ أن أناقش أفكاره، لأنه يرد ما اجتمعت عليه الأمة من أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب، وهذا سر معجزته لأنه صلى الله عليه وسلم لو كان عالمًا بالقراءة والكتابة – كما يزعم الصادق النيهوم – لما وجد كفار قريش المناوئون لدعوته (صلوات ربي وسلامه عليه) أدنى صعوبة في الادعاء بأنه إنما أتى بكتابه «المعجزة» من علوم الشرق والغرب التي اطلع عليها، وحفظها ثم ادعى – وحاشاه – أنها من علوم من سبقه من المرسلين، وكان عنوان مقالي (الدليل العجيب) ونشر مقالي في أحد أعداد المجلة، وتأكد لي بشكل لا يقبل الشك أن ما أكتبه من مقالات وخواطر صالحة للنشر بصرف النظر إلى درجات كاتبها العلمية، ودليلي على ذلك تحقق ما كنت أتمناه وأرجوه بشهادة مجلة (الناقد) ومن قبلها صحيفة (الشرق الأوسط).
وفِي نفس السياق، ومن خلال تعزيز الثقة في الذات كتبت مقالًا حول أندية الروتاري وصلتها بالصهيونية العالمية، ورفض الأستاذ أحمد سلمان كمال نشره بحجة أن هذه الأندية تعمل في المجال الخيري، ونشر مثل هذا المقال قد يؤثر على عملها، وحاولت إقناعه بأنها تستخدم الواجهة الخيرية للتغطية على أنشطتها فلم يقتنع، وكنت مقتنعًا بما كتبته، ولهذا أرسلت المقال إلى صحيفة الخليج (الإماراتية) فنشرته في الصفحة الثالثة – صفحة الدراسات – واهتمت به الصحيفة (الإماراتية) وجعلت له عناوين فرعية، ونشرت معه صورًا للشخصيات التي وردت أسماؤهم في المقال، ودخلت الصحيفة مملكة البحرين وقرأها المسؤولون، ولَم يكن هناك أي شيء من المخاوف التي توهمها الأستاذ أحمد كمال – رئيس تحرير – صحيفة «أخبار الخليج» – والتي كانت السبب في منع نشر المقال، وهكذا أضفت شهادة صحفية جديدة تعزز الثقة في صلاحية ما أكتب، وأنه لا يقل صلاحية عن غيره من المقالات التي يكتبها كبار الكتاب والمثقفين، وشعرت بأن ثقتي بنفسي ككاتب قد زادت، وأن ذمتي قد برأت وإني صرت – على الأقل – من أهل فروض الكفاية، أي الذين إذًا قام البعض منهم بالفرض أو السنة سقط الإثم عن الباقين، وهذا من تسامح الإسلام، وفضله على المسلمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك