تمتلك مملكة البحرين تجربة وطنية مميزة في مجال تنمية الموارد البشرية وتأهيلها لأجل تمكينها من أن تكون خيارا مفضلا في سوق العمل والإحلال محل العمالة الأجنبية الوافدة، وقد اعتمدت العديد من السياسات والإجراءات والحوافز المالية والنوعية والتشريعية فضلا عن التعليم والتدريب، وذلك ما تحدثنا عنه تفصيلا في مقالنا الموسوم «تنمية مهارات الموارد البشرية بوابة الدخول إلى سوق العمل» والمنشور في صحيفتنا الغراء «أخبار الخليج» في العدد الصادر بتاريخ 17 يناير 2024.
وقد تلقينا العديد من الاتصالات من الشباب الباحث عن عمل، وهم يقولون تخرجنا في الجامعة ودخلنا دورات متنوعة لكن لم نجد الفرص المناسبة، فما هي المهارات المطلوبة لسوق العمل والتي يمكن ان تجعلنا الخيار المفضل فعلا في سوق العمل وفقا لرغباتنا واهتماماتنا الشخصية؟
لذا فإن مقالنا لهذا اليوم موجه إلى الشباب الباحثين عن العمل. ونقول بدءا إن المهارات التي يحتاج إليها سوق العمل هي المهارات الناجمة عن التدريب التطبيقي على الاعمال المتاحة وليس التدريب الوصفي.
وحسنا فعل مجلس الشورى بتقديمه اقتراحا بقانون بشأن إضافة مادة جديدة إلى قانون التدريب المهني تؤكد إلزام القطاع الخاص بتدريب الخريجين، الامر الذي يوفر لهم مهارات عملية ومعايشة ميدانية لبيئة العمل ومعرفة متطلباتها من واقع العمل الفعلي.
والاطلاع والعمل على الآلات والمعدات المعتمدة في العملية الإنتاجية، والتعرف على المدخلات والخامات المستخدمة، وكيفية التفريق بينها في المشروع الذي يتدربون به وتمكينهم من التعامل معها بكفاءة ومن دون إهدار للزمن والموارد.
فضلا عن التعرف على الجوانب الإدارية وأخلاقيات المهنة، وآليات التعامل مع الزبائن وحسابات الأسعار، والتشريعات واللوائح التي تحكم ممارسة العمل، وجميع التفاصيل ذات الصلة بالعمل، وبما يمكن الخريجين من كسب مهارة فعلية تتيح لهم دخول سوق العمل والحصول على فرصة عمل مناسبة.
وهنا لا بد من التأكيد على الخريجين بأن يحرصوا على اختيار الشركات التي يتدربون فيها في ضوء اتجاهاتهم وقيمهم الشخصية نحو العمل المرغوب به بعد التخرج، وذلك يعتمد على مستوى ونضج وعيهم المهني والذي يمكن ان يتبلور من خلال تخصصهم الجامعي، والدورات التدريبية المتخصصة بإنضاج الوعي المهني لدى الشباب عموما، وخاصة أن تقنيات الأعمال في السوق في تطور متواصل، لذا لا بد من التعرف على آفاق تطور المهنة التي نتدرب عليها ومجالاتها المختلفة، والمسارات التي يمكن ان تتفرع عنها وعلاقتها بالمهن الاخرى وبسوق العمل.
وعلى الخريجين أيضا وقبل ان يتقدموا إلى التوظيف التعرف على قدراتهم ومهاراتهم وميولهم الراسخة وامكاناتهم في التكيف والتوافق مع المهن المتاحة للتوظيف في سوق العمل.
كما ينبغي لهم التواصل مع معارفهم من أصحاب الأعمال لاطلاعهم على بيئة أعمالهم وآليات العمل لديهم وتجاربهم الخاصة، وبما يدفعهم إلى تعزيز ليس المهارات المهنية فقط وانما المهارات الحياتية التي تندرج تحت مهارات التوظيف، مثل مهارات الاتصال والتواصل الفعال، حيث ان البحث عن فرصة عمل وعرض المهارات التي تمتلكها سواء عبر السيرة الذاتية أو عبر المكالمة المباشرة، وحضور جلسات مقابلات العمل كلها تتطلب عملية اتصال فعال يستطيع من خلاله المتقدم للتوظيف اعطاء صاحب العمل أو لجنة مقابلة المتقدمين للتوظيف تصورا أفضل عنه بما يجعله خيارا مفضلا للتوظيف.
ومن المهارات الحياتية المهمة مهارة العمل ضمن فريق، وامتلاك مهارة المرونة التي تعني القدرة على التكيف والتعامل مع مختلف الظروف والحالات والانماط، وتقود إلى المزيد من الصبر والتحمل، وبالتالي القدرة على الابداع والابتكار والتجديد، وهذه المهارة تعتمد على مهارتي الاتصال والعمل ضمن فريق، حيث ان قدرة الخريج على اجراء اتصال فعال والعمل ضمن الفريق تفترض بالضرورة وجود درجة من المرونة تساعده على النجاح في المهارتين المذكورتين.
ومن المهارات التي أصبحت مطلبا حتميا في اغلب الوظائف في الوقت الحاضر والتي يتطلب تعلمها والتدريب عليها مهارة إجادة اللغة الإنجليزية قراءة وكتابة ومحادثة، ومهارة سبر أغوار الكمبيوتر والتعامل مع البرمجيات الرقمية المختلفة سواء في القطاعات الاقتصادية او المالية أو التقنية أو الاجتماعية، فهي الخط الاول للدخول إلى السوق.
وختاما نؤكد أن امتلاك المهارات المهنية والحياتية إلى جانب المقترحات الجديدة التي قدمتها الحكومة إلى مجلس النواب وتضمنت زيادة رسوم استقدام العمالة الوافدة لتقليص الأثر المالي المباشر بين كلف توظيف المواطن والوافد، فضلا عن حزمة البرامج التي اطلقها صندوق العمل تمكين في ضوء توجيهات قيادة البلاد الرشيدة والمتضمنة دعم التوظيف والتطوير الوظيفي ودعم المؤسسات سيسهم في تمكين الشباب البحريني من ان يكون الخيار المفضل لسوق العمل بعون الله وتوفيقه.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك