العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رغم الدمار.. روح الشعب الفلسطيني تنتصر على آلة الموت الإسرائيلية

بقلم: د. رمزي بارود {

الخميس ٢٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

يقول‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬أساليب‭ ‬الحفر‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬نفسك‭ ‬في‭ ‬حفرة،‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬الحفر‮»‬‭. ‬أما‭ ‬القانون‭ ‬الثاني‭ ‬فهو‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحفر،‭ ‬فأنت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حفرة‮»‬‭.‬

تلخص‭ ‬هذه‭ ‬الأمثال‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬100‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

واجه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬تحديا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬هجوم‭ ‬كبير‭ ‬شنته‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭ ‬‭ ‬هجوم‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أثبت‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬المنفرد‭ ‬بالفعل‭ ‬أنه‭ ‬سيغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬وسوف‭ ‬يظل‭ ‬تأثيره‭ ‬محسوسا‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لأجيال‭ ‬قادمة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬وليس‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬يلومه‭ ‬سوى‭ ‬نفسه‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬وتجنب‭ ‬ثلاث‭ ‬قضايا‭ ‬فساد‭ ‬كبرى‭ ‬ومحاكمات‭ ‬لاحقة،‭ ‬سعى‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬موقعه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بمساعدة‭ ‬الحكومة‭ ‬الأكثر‭ ‬تطرفا‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تشكيلها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬كان‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬نتيجة‭ ‬لسياسة‭ ‬أيديولوجية‭ ‬متطرفة‭.‬

وحتى‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الحاشدة‭ ‬المناهضة‭ ‬لنتنياهو‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والتي‭ ‬جرت‭ ‬أيضًا‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬لم‭ ‬تنبه‭ ‬الزعيم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفجوة‭ ‬تزداد‭ ‬عمقًا،‭ ‬وأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احتلال‭ ‬وحصار‭ ‬عسكري‭ ‬دائم،‭ ‬قد‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬إسرائيل‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬فرصة‭.‬

لقد‭ ‬استمر‭ ‬نتنياهو‭ ‬ببساطة‭ ‬في‭ ‬الحفر‭.‬

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬هجوم‭ ‬مفاجئ،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬فرقة‭ ‬غزة‭ ‬بأكملها،‭ ‬والحشد‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الضخم‭ ‬في‭ ‬غلاف‭ ‬غزة،‭ ‬موجود‭ ‬لغرض‭ ‬ضمان‭ ‬حصار‭ ‬غزة‭ ‬وتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬عليها‭ ‬وفقًا‭ ‬لحالة‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭. ‬‭ ‬إنه‭ ‬فن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية‭.‬

ووفقا‭ ‬لتصنيف‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬Global‭ ‬Firepower‭ ‬2024،‭ ‬تحتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬المرتبة‭ ‬17‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬أساسًا‭ ‬إلى‭ ‬تكنولوجيتها‭ ‬العسكرية‭.‬

وكانت‭ ‬هذه‭ ‬القدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬المتقدمة‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬هجمات‭ ‬مفاجئة،‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬البشر،‭ ‬بل‭ ‬الآلات‭ ‬المتطورة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بمسح‭ ‬واعتراض‭ ‬والإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬حركة‭ ‬مشبوهة‭. ‬وفي‭ ‬الحالة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬كان‭ ‬الفشل‭ ‬ذريعا‭ ‬ومتعدد‭ ‬الطبقات‭.‬

وبعد‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وجد‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬حفرة‭ ‬أعمق‭ ‬بكثير‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬مخرجاً،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬وتوحيد‭ ‬شعبه،‭ ‬أو،‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬الحرب‭ ‬ليست‭ ‬حلاً‭ ‬أبداً‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعب‭ ‬مقاوم‭ ‬ومضطهد،‭ ‬واصل‭ ‬الحفر‭.‬

وزاد‭ ‬الزعيم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬محاطًا‭ ‬بالوزراء‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬إيتامار‭ ‬بن‭ ‬جفير،‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬وعميخاي‭ ‬إلياهو،‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬الأمور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬كفرصة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬للتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

ولولا‭ ‬صمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والرفض‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مصر‭ ‬والأردن،‭ ‬لكانت‭ ‬النكبة‭ ‬الثانية‭ ‬أمرا‭ ‬واقعا‭ ‬وماثلا‭ ‬اليوم‭.‬

لقد‭ ‬أجمع‭ ‬كل‭ ‬السياسيين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬اختلافاتهم‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬والسياسية،‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬لغتهم‭ ‬العنصرية‭ ‬والعنيفة‭ ‬وحتى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬طعام‭ ‬ولا‭ ‬وقود،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مغلق‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬دعا‭ ‬آفي‭ ‬ديختر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬نكبة‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬اقترح‭ ‬إلياهو‭ ‬‮«‬خيار‮»‬‭ ‬‮«‬إسقاط‭ ‬قنبلة‭ ‬نووية‭ ‬على‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تذكير‭ ‬حكومة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬بأن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تبشر‭ ‬أيضاً‭ ‬بالسوء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لتل‭ ‬أبيب،‭ ‬لعبت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬الأمريكية‭ ‬دور‭ ‬المشجع‭ ‬والشريك‭ ‬الصريح‭.‬

جانب‭ ‬حزمة‭ ‬مساعدات‭ ‬طارئة‭ ‬إضافية‭ ‬بقيمة‭ ‬14‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬أفادت‭ ‬التقارير‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬أرسلت،‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬230‭ ‬طائرة‭ ‬و20‭ ‬سفينة‭ ‬محملة‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والذخائر‭.‬

ووفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬الصادر‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬فإن‭ ‬وكالة‭ ‬المخابرات‭ ‬المركزية‭ (‬السي‭ ‬آي‭ ‬إيه‭) ‬تشارك‭ ‬أيضاً‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وتقديم‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

لقد‭ ‬استمر‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الصادمة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬خيرية‭ ‬دولية‭ ‬محترمة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ومنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وقالت‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬الأونروا‭) ‬إن‭ ‬1‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬قد‭ ‬نزحوا،‭ ‬فيما‭ ‬ذكرت‭ ‬منظمة‭ ‬بتسيلم‭ ‬الحقوقية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ان‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭. ‬وذكرت‭ ‬منظمة‭ ‬إنقاذ‭ ‬الطفولة‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬طفل‭ ‬فلسطيني‭ ‬يُقتلون‭ ‬يومياً‭. ‬

وقال‭ ‬المكتب‭ ‬الإعلامي‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬إن‭ ‬نحو‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬مدمر‭. ‬وحتى‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬خلصت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بغزة‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بدريسدن‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬يثير‭ ‬اهتمام‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬المنطقة‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬يوم،‭ ‬حاملاً‭ ‬نفس‭ ‬رسالة‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬عتبة‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬تصميم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬حريتهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬الآباء،‭ ‬أو‭ ‬الأمهات،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬تكرر‭ ‬مرات‭ ‬عديدة،‭ ‬يحملون‭ ‬جثث‭ ‬أبنائهم‭ ‬الموتى‭ ‬وهم‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬آلامهم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يغادروا‭ ‬وطنهم‭ ‬أبداً‭.‬

لقد‭ ‬حرك‭ ‬هذا‭ ‬الألم‭ ‬الكريم‭ ‬العالم‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬ضمنت‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬ذي‭ ‬معنى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬طلبت‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬مساعدة‭ ‬أعلى‭ ‬محكمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للمطالبة‭ ‬بإنهاء‭ ‬فوري‭ ‬للحرب‭ ‬وتأكيد‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬عملاً‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

وسرعان‭ ‬ما‭ ‬حفزت‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بلداناً‭ ‬أخرى،‭ ‬وأغلبها‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭.‬

لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬الحفر،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتأثر،‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬غير‭ ‬مدرك‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حوله‭ ‬بدأ‭ ‬أخيرًا‭ ‬يفهم‭ ‬حقًا‭ ‬معاناة‭ ‬الأجيال‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ولا‭ ‬يزال‭ ‬نتنياهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الهجرة‭ ‬الطوعية‮»‬،‭ ‬وعن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين،‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بطرق‭ ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬أوهامه‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعظمة‭ ‬والقوة‭.‬

لقد‭ ‬علمتنا‭ ‬100‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬النارية‭ ‬المتفوقة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬عندما‭ ‬شعب‭ ‬بأكمله‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭.‬

لقد‭ ‬علمتنا‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الأولويات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬عندما‭ ‬تتوحد،‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ‭.‬

وقد‭ ‬يستمر‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الحفر،‭ ‬ولكن‭ ‬التاريخ‭ ‬قد‭ ‬كتب‭ ‬بالفعل‭: ‬لقد‭ ‬انتصرت‭ ‬روح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬آلة‭ ‬الموت‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا