العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أطفال غزة.. جيل غاضب ستدفع إسرائيل ثمن جرائمها بحقه

بقلم: إحسان الفقيه {

الثلاثاء ٢٣ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

الزمن‭ ‬في‭ ‬غـزة‭ ‬ليس‭ ‬عنصراً‭ ‬محايداً،‏‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يدفع‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬برودة‭ ‬التأمل،‭ ‬لكنه‭ ‬يدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬الانفجار‭ ‬والارتطام‭ ‬بالحقيقة،‭ ‬الزمن‭ ‬هناك‏‏‭ ‬لا‭ ‬يأخذ‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الطفولة‭ ‬إلى‭ ‬الشيخوخة،‭ ‬ولكنه‭ ‬يجعلهم‭ ‬رجالاً‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬مع‭ ‬العدو‮»‬‭.. ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬مقطع‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬نثرية‭ ‬للشاعر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الراحل‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬عاماً،‭ ‬يصف‭ ‬فيها‭ ‬صمود‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬وأطفالها،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬أحداث‭ ‬معركة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬والعدوان‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬الغاشم‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬ظهرت‭ ‬مجدداً‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة،‭ ‬لأنها‭ ‬تحمل‭ ‬وصفاً‭ ‬دقيقاً‭ ‬للحالة‭ ‬الراهنة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬الصامدون،‭ ‬وكأن‭ ‬الشاعر‭ ‬كان‭ ‬يلقي‭ ‬قصيدته‭ ‬وعينه‭ ‬تستشرف‭ ‬المستقبل‭.‬

حين‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فهو‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تحتفظ‭ ‬بها‭ ‬مخيلتنا‭ ‬لحياة‭ ‬الأطفال‭ ‬العاديين،‭ ‬فليس‭ ‬هو‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬يختار‭ ‬لعبته‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدُّمى،‭ ‬وليس‭ ‬بالطفل‭ ‬الذي‭ ‬ينام‭ ‬على‭ ‬حكايات‭ ‬أمه‭ ‬قبل‭ ‬النوم،‭ ‬وليس‭ ‬هو‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬تُجهز‭ ‬له‭ ‬أصناف‭ ‬الطعام‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬العالية،‭ ‬وليس‭ ‬هو‭ ‬بالطفل‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره‭ ‬الباص‭ ‬أسفل‭ ‬المنزل‭ ‬ليقله‭ ‬إلى‭ ‬مدرسته‭.‬

الطفل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬نشأ‭ ‬وسط‭ ‬الحصار‭ ‬الغاشم‭ ‬الذي‭ ‬يطوق‭ ‬أرضه‭ ‬ويخنقها‭ ‬ويحرمها‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬احتلال‭ ‬غادر‭ ‬يتحكم‭ ‬بجرعات‭ ‬الماء‭ ‬التي‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬جوفه‭.‬

هو‭ ‬طفل‭ ‬خبُر‭ ‬معنى‭ ‬الوجع،‭ ‬ومعنى‭ ‬الفقْد،‭ ‬لم‭ ‬تخل‭ ‬حياة‭ ‬طفل‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬مشاهد‭ ‬الحروب‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬ما‭ ‬منهم‭ ‬إلا‭ ‬واحتضن‭ ‬أمه‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬أزيز‭ ‬الطائرات‭ ‬وأصوات‭ ‬الدمار‭ ‬ورائحة‭ ‬الدخان‭ ‬ونعي‭ ‬الشهداء‭.‬

أحد‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬سئل‭: ‬ماذا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عندما‭ ‬تكبر؟‭ ‬فكانت‭ ‬إجابته‭ ‬دامية‭ ‬صادمة‭: ‬‮«‬الصغار‭ ‬عندنا‭ ‬لا‭ ‬يكبرون‮»‬،‭ ‬هكذا‭ ‬يعبر‭ ‬بسجية‭ ‬طفل‭ ‬عن‭ ‬نظرة‭ ‬الصغار‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬يخرجون‭ ‬منها‭ ‬مع‭ ‬أحلامهم‭ ‬التي‭ ‬كانت‭.‬

تضم‭ ‬غزة‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬طفل،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقديرات‭ ‬‮«‬يونيسف‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬تبلغ‭ ‬نسبة‭ ‬السكان‭ ‬دون‭ ‬15‭ ‬عاماً‭ ‬حوالي‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬وتشير‭ ‬إحصاءات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬بغزة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬9‭ ‬آلاف‭ ‬طفل‭ ‬قد‭ ‬استشهدوا،‭ ‬ويمثل‭ ‬الأطفال‭ ‬مع‭ ‬النساء‭ ‬نسبة‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬آلاف‭ ‬مفقود،‭ ‬وقدرت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬مقتل‭ ‬160‭ ‬طفلاً‭ ‬يومياً‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي،‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬المصابين‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬المدمر‭.‬

مئات‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة‭ ‬قد‭ ‬ماتوا‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬حضانات،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬أجريت‭ ‬له‭ ‬عملية‭ ‬بتر‭ ‬أطراف‭.‬

الطفل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬سوف‭ ‬تجده‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬طويل‭ ‬يمسك‭ ‬قصعة‭ ‬ليضع‭ ‬فيها‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬أرز‭ ‬أو‭ ‬دقيق‭ ‬يذهب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬أمه‭ ‬الثكلى‭ ‬ليكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬زادهم‭ ‬طيلة‭ ‬اليوم،‭ ‬أو‭ ‬تجده‭ ‬ممسكاً‭ ‬بزجاجة‭ ‬فارغة‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬قطرات‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتلوث‭ ‬بعد‭ ‬ليروي‭ ‬ظمأه،‭ ‬وغالباً‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬شرب‭ ‬المياه‭ ‬الملوثة‭ ‬حتى‭ ‬صار‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬عرضة‭ ‬للأوبئة‭ ‬والأمراض‭ ‬المعوية‭ ‬والجلدية‭.‬

‮«‬ليس‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬مكان‭ ‬آمن‮»‬،‭ ‬صارت‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬فلا‭ ‬يعيش‭ ‬الأمان‭ ‬وإن‭ ‬احتمى‭ ‬بمسجد‭ ‬أو‭ ‬كنيسة‭ ‬أو‭ ‬مشفى‭ ‬أو‭ ‬مدرسة،‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بات‭ ‬مستهدفاً،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬حضن‭ ‬الأب‭ ‬مكاناً‭ ‬آمناً،‭ ‬فبين‭ ‬لحظة‭ ‬وأخرى‭ ‬قد‭ ‬يتهاوى‭ ‬هذا‭ ‬الحصن‭ ‬الحصين‭.‬

مقابل‭ ‬هذا‭ ‬البؤس‭ ‬والشقاء،‭ ‬يعيش‭ ‬صغار‭ ‬غزة‭ ‬حالة‭ ‬فريدة‭ ‬ليست‭ ‬لغيرهم‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬البأس‭ ‬نتيجة‭ ‬إلف‭ ‬الشدائد،‭ ‬تسقط‭ ‬إلى‭ ‬جوارهم‭ ‬الصواريخ‭ ‬ليلاً،‭ ‬فيلعبون‭ ‬في‭ ‬الحفر‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬صباحاً،‭ ‬تجاوزوا‭ ‬الصدمة‭ ‬الأولى‭ ‬لفقد‭ ‬عزيز،‭ ‬فصاروا‭ ‬يتحدثون‭ ‬من‭ ‬بعدها‭ ‬عن‭ ‬ضحاياهم‭ ‬كأنما‭ ‬سافروا‭ ‬عنهم‭ ‬لم‭ ‬يموتوا‭!‬

انظر‭ ‬إلى‭ ‬عيون‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬امتلأت‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬العدوان‭ ‬قهراً‭ ‬وحزناً‭ ‬ورعباً،‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬تطل‭ ‬منها‭ ‬نظرة‭ ‬أخرى،‭ ‬تحمل‭ ‬استخفافاً‭ ‬بالموت،‭ ‬ونقمة‭ ‬على‭ ‬أعدائهم،‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يلحقوا‭ ‬بأحبتهم‭.‬

الطفل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬صنع‭ ‬على‭ ‬عين‭ ‬الله،‭ ‬ربّاهم‭ ‬الله‭ ‬بالمحن‭ ‬والشدائد،‭ ‬تحملوا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحمله‭ ‬بشر،‭ ‬صاروا‭ ‬أصحاب‭ ‬قضية،‭ ‬تجد‭ ‬الطفل‭ ‬منهم‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬المراسل‭ ‬الصحفي،‭ ‬وينقل‭ ‬أخبار‭ ‬العدوان‭ ‬وأحوال‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬علّمه‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬العامة؟

أعجب‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬السنوات‭ ‬العشر،‭ ‬يسعفونه‭ ‬في‭ ‬المشفى‭ ‬وهو‭ ‬راقد‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭: ‬أنا‭ ‬بخير،‭ ‬ما‭ ‬بي‭ ‬شيء،‭ ‬أي‭ ‬طفلٍ‭ ‬هذا؟‭! ‬وأي‭ ‬روح‭ ‬يحمل؟‭!‬

طفلة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬8‭ ‬أعوام،‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬المسعفين‭ ‬في‭ ‬المشفى‭ ‬أن‭ ‬يهتموا‭ ‬أولاً‭ ‬بإصابات‭ ‬أخيها‭ ‬وأهلها؟‭ ‬من‭ ‬علمها‭ ‬هذا‭ ‬الإيثار‭ ‬والتضحية‭ ‬والشعور‭ ‬بالمسؤولية؟‭!‬

وآخر‭ ‬يتحدث‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يفارقوا‭ ‬الأرض،‭ ‬وليفعل‭ ‬الصهاينة‭ ‬ما‭ ‬يشاؤون‭ ‬بهم،‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬أو‭ ‬نصر‭!‬

من‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬المستمر‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس،‭ ‬أن‭ ‬ينصبّ‭ ‬تركيز‭ ‬الطفل‭ ‬واهتمامه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬به‭ ‬وأهله‭ ‬وأرضه‭ ‬من‭ ‬الدمار،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬القائم‭ ‬بالعدوان،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬الأمر‭ ‬مختلف،‭ ‬فالطفل‭ ‬واعٍ‭ ‬بما‭ ‬يحدث،‭ ‬واعٍ‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحرب،‭ ‬واعٍ‭ ‬بأعدائه‭ ‬وأهدافهم،‭ ‬واعٍ‭ ‬بطبيعة‭ ‬العداء‭ ‬الصهيوني‭ ‬لبلاده،‭ ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬الوعي؟‭!‬

الإجابة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬اختزنته‭ ‬ذاكرته‭ ‬البيضاء‭ ‬من‭ ‬إجرام‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لقد‭ ‬نشأ‭ ‬وهو‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬نقص‭ ‬وعن‭ ‬كل‭ ‬فقْد‭ ‬وعن‭ ‬كل‭ ‬خراب،‭ ‬ليجد‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬واحدة‭: ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

وعي‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالقضية‭ ‬وطبيعة‭ ‬الصراع‭ ‬ووقوف‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬حلقوم‭ ‬الصهاينة‭ ‬أمام‭ ‬ابتلاعها‭ ‬فلسطين،‭ ‬قد‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬أطفالهم‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي،‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يعلم‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬عدوه‭ ‬المتسبب‭ ‬بالخراب‭.‬

لقد‭ ‬ارتكب‭ ‬الاحتلال‭ ‬أكبر‭ ‬حماقاته‭ ‬عندما‭ ‬جعل‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬موتوراً‭ ‬ذا‭ ‬ثأر،‭ ‬سوف‭ ‬تظل‭ ‬ماثلة‭ ‬أمام‭ ‬عينيه‭ ‬مشاهد‭ ‬قتلاه،‭ ‬لن‭ ‬ينسى‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬أباً‭ ‬له‭ ‬غاب‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬أو‭ ‬أماً‭ ‬ماتت‭ ‬وهي‭ ‬تحضن‭ ‬أخاه‭ ‬الرضيع،‭ ‬أو‭ ‬أخاً‭ ‬لملموا‭ ‬أشلاءه،‭ ‬أو‭ ‬صديقاً‭ ‬يشاركه‭ ‬أحلام‭ ‬ولهو‭ ‬الصبا‭ ‬صار‭ ‬أثراً‭ ‬بعد‭ ‬عين‭.‬

لقد‭ ‬أنشأ‭ ‬العدوان‭ ‬جيلاً‭ ‬لن‭ ‬يعرف‭ ‬للخوف‭ ‬سبيلاً،‭ ‬قديماً‭ ‬كان‭ ‬القائد‭ ‬المسلم‭ ‬يرهب‭ ‬أعداءه‭ ‬برسالة‭ ‬‮«‬جئتكم‭ ‬برجال‭ ‬يحبون‭ ‬الموت‭ ‬كما‭ ‬تحبون‭ ‬أنتم‭ ‬الحياة‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُخوَّف‭ ‬به‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬القتل،‭ ‬فماذا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الذي‭ ‬أمامك‭ ‬لا‭ ‬يعبأ‭ ‬بالموت،‭ ‬بل‭ ‬يرى‭ ‬الموت‭ ‬راحة‭ ‬ولقاء‭ ‬بالأحبة‭.‬

يتحدث‭ ‬المشفقون‭ ‬عن‭ ‬احتياج‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬لعلاج‭ ‬نفسي،‭ ‬لكن‭ ‬أعتقد‭ ‬مع‭ ‬تتابع‭ ‬العدوان‭ ‬والدمار‭ ‬والشهداء،‭ ‬أن‭ ‬طفل‭ ‬غزة‭ ‬تجاوز‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المسائل‭ ‬اليوم،‭ ‬وتشكلت‭ ‬نفسيته‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬دواء‭ ‬له‭ ‬سوى‭ ‬الثأر‭ ‬والانتقام‭ ‬من‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

{‭ ‬كاتبة‭ ‬أردنية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا