العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التطرف الصهيوني يغتال كل آمال وفرص السلام

بقلم: د. عمرو الشوبكي

السبت ٢٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

لم‭ ‬تعد‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬تضم‭ ‬معتدلين‭ ‬ومتطرفين‭ ‬أو‭ ‬صقورًا‭ ‬وحمائم،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقال‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬إنما‭ ‬تضم‭ ‬متطرفين‭ ‬وأكثر‭ ‬تطرفًا،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التطرف‭ ‬يخص‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬التيارات‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬إنما‭ ‬يخص‭ ‬منظومة‭ ‬حكم‭ ‬كاملة‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬وعلى‭ ‬الشارع‭ ‬أيضًا‭.‬

وقد‭ ‬بدأت‭ ‬مقاومة‭ ‬التطرف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬باستخدام‭ ‬أدوات‭ ‬شعبية‭ ‬ومدنية‭ ‬كورقة‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬واعتمدت‭ ‬التفاوض‭ ‬كوسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬هذا‭ ‬النضال،‭ ‬فكانت‭ ‬انتفاضة‭ ‬الحجارة‭ ‬في‭ ‬1987،‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬إحدى‭ ‬أوراق‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬المفاوض‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬حتى‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬في‭ ‬1993،‭ ‬أما‭ ‬نقطة‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الأداء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬فتمثلت‭ ‬في‭ ‬تحول‭ ‬مؤسسات‭ ‬سلطته‭ ‬إلى‭ ‬كيانات‭ ‬بيروقراطية‭ ‬فيها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الترهل،‭ ‬وتعاملت‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الشكل‭ ‬كأنها‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬ذاتي‭ ‬وأدارت‭ ‬ولم‭ ‬تحكم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭ (‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬2007‭)‬،‭ ‬وفقدت‭ ‬جزءًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬حاضنتها‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬دعمتها‭ ‬عقب‭ ‬انتفاضة‭ ‬الحجارة‭ ‬وانتفاضة‭ ‬الأقصى‭ (‬2000‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬ذهبت‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬تنظيمات‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬أو‭ ‬تمسكت‭ ‬بنضالها‭ ‬الشعبي‭ ‬والمدني‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬أطر‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وقد‭ ‬ظل‭ ‬الموقف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬متمسكًا‭ ‬بمبادرات‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية،‭ ‬فكانت‭ ‬مبادرة‭ ‬الملك‭ ‬عبدالله‭ ‬في‭ ‬2002‭ ‬التي‭ ‬أُعلنت‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬ونصت‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬انسحاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬العربية‭ ‬المحتلة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الجولان‭ ‬وإقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقطاع‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭. ‬وهنا‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬كان‭ ‬ملتزمًا‭ ‬بقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ولم‭ ‬يخرج‭ ‬عنها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬وأمعنت‭ ‬في‭ ‬تطرفها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يحاسبها‭ ‬أحد‭ ‬لأنها‭ ‬ظلت‭ ‬دولة‭ ‬استثناء‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭.‬

لقد‭ ‬أضعف‭ ‬التطرف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تيار‭ ‬الاعتدال‭ ‬العربي‭ ‬والفلسطيني‭ ‬بإغلاق‭ ‬طريق‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية‭ ‬وحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وبناء‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ومضاعفة‭ ‬أعداد‭ ‬المستوطنين،‭ ‬وقمع‭ ‬العمل‭ ‬المدني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وبناء‭ ‬نظام‭ ‬عنصري‭ ‬يقهر‭ ‬ويعتقل‭ ‬ويقتل‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يحملوا‭ ‬سلاحًا،‭ ‬ويقضى‭ ‬على‭ ‬طموحات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬عاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭.‬

لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتصور‭ ‬تيار‭ ‬الاعتدال‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬محور‭ ‬التشدد‭ ‬والممانعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وينسى‭ ‬أو‭ ‬يتناسى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬محورًا‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬تشددًا‭ ‬وممانعة‭ ‬وعنصرية‭ ‬من‭ ‬المتشددين‭ ‬في‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بناء‭ ‬مشروع‭ ‬سياسي‭ ‬مناهض‭ ‬للتشدد‭ ‬الاستيطاني‭ ‬العبري‭ ‬بأدوات‭ ‬مدنية‭ ‬وشعبية‭ ‬وضغوط‭ ‬قانونية‭ ‬وسياسية،‭ ‬لأن‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬وجه‭ ‬إسرائيلي‭ ‬شديد‭ ‬التطرف‭ ‬والعنصرية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬الحالية‭ ‬برئاسة‭ ‬نتنياهو‭ ‬رفضها‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وأي‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا