العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل يغامر نتنياهو بأزمة مع الولايات المتحدة؟

بقلم: أشرف العجرمي {

الاثنين ١٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

يجمع‭ ‬الخبراء‭ ‬والمحللون‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬الذين‭ ‬يعرفون‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬مستعد‭ ‬لفعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬الحلبة‭ ‬السياسية،‭ ‬وبالذات‭ ‬كرئيس‭ ‬لحزب‭ ‬‮«‬الليكود‮»‬‭ ‬ورئيس‭ ‬للحكومة‭. ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬نجاحاً‭ ‬باهراً‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬البقاء‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬خصومه‭ ‬ومنافسيه،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬لقب‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الذي‭ ‬بقي‭ ‬أطول‭ ‬فترة‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬وتفوق‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬دافيد‭ ‬بن‭ ‬جوريون‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

ولكن‭ ‬أمور‭ ‬نتنياهو‭ ‬تعقدت‭ ‬بعد‭ ‬تشكيل‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحكومي‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬يضم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الليكود‮»‬‭ ‬والأحزاب‭ ‬الأصولية،‭ ‬حزبَي‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الدينية‮»‬‭ ‬برئاسة‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬و«القوة‭ ‬اليهودية‮»‬‭ ‬برئاسة‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير،‭ ‬حيث‭ ‬بدأ‭ ‬نتنياهو‭ ‬حرباً‭ ‬ضد‭ ‬الجهاز‭ ‬القضائي‭ ‬في‭ ‬الدولة؛‭ ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬المتهم‭ ‬فيها‭ ‬بالاحتيال‭ ‬والرشوة‭ ‬وسوء‭ ‬الأمانة،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬لليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬لينفذ‭ ‬برنامجه‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬وكان‭ ‬الشارع‭ ‬يتحرك‭ ‬ضده‭ ‬بقوة‭ ‬كبيرة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬توقعوا‭ ‬سقوطه‭ ‬نتيجة‭ ‬للاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭.‬

الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬غلاف‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وضع‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬حافة‭ ‬السقوط،‭ ‬فهو‭ ‬المتهم‭ ‬الرئيس‭ ‬بالفشل‭ ‬والهزيمة‭ ‬اللذين‭ ‬منيت‭ ‬بهما‭ ‬إسرائيل،‭ ‬هو‭ ‬وكل‭ ‬المستويَين‭ ‬السياسي‭ ‬والأمني‭. ‬

والفشل‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬فقط‭ ‬بالإخفاق‭ ‬الأمني‭ ‬الاستخباري‭ ‬والعملياتي،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬إدارة‭ ‬الصراع‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وحركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اعتقد‭ ‬أنه‭ ‬روّضها‭ ‬وردعها‭. ‬وكل‭ ‬محاولات‭ ‬نتنياهو‭ ‬لإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الجيش‭ ‬والجهات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬لم‭ ‬تنجح،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬متهماً‭ ‬بأنه‭ ‬يريد‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بقائه‭ ‬السياسي،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬الحكومة‭ ‬برئاسته،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬،‭ ‬وإسقاط‭ ‬حكمها،‭ ‬وإعادة‭ ‬المحتجزين‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

والرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬خسر‭ ‬جزءاً‭ ‬مهماً‭ ‬من‭ ‬شعبيته‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬والدولي؛‭ ‬جراء‭ ‬الدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬ولهذا‭ ‬أصبحت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬يعالج‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والمناطق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬عمليتها‭ ‬البرية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافها‭ ‬المعلنة،‭ ‬وضرورة‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترفض‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بشكل‭ ‬تام‭ ‬ونهائي،‭ ‬وتصر‭ ‬على‭ ‬هدن‭ ‬إنسانية،‭ ‬وإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬لسكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وتحرير‭ ‬المحتجزين،‭ ‬لكنها‭ ‬تبحث‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مسألة‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وموضوع‭ ‬إدارة‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭. ‬وحول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬هناك‭ ‬خلافات‭ ‬جوهرية‭ ‬بين‭ ‬الموقفين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والإسرائيلي‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬تريد‭ ‬إسرائيل‭ ‬إبقاء‭ ‬احتلالها‭ ‬للقطاع‭ ‬واقتطاع‭ ‬شريط‭ ‬حدودي‭ ‬منه‭ ‬كمنطقة‭ ‬عازلة،‭ ‬وتقسيمه‭ ‬إلى‭ ‬نصفين،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬محور‭ ‬فيلادلفيا‭ (‬الشريط‭ ‬الحدودي‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وغزة‭)‬،‭ ‬وتعارض‭ ‬عودة‭ ‬السلطة‭ ‬لإدارة‭ ‬القطاع،‭ ‬ترفض‭ ‬واشنطن‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغزة‭ ‬أو‭ ‬اقتطاع‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬تهجير‭ ‬السكان،‭ ‬وتضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عودة‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬والشمال‭ ‬إلى‭ ‬مناطقهم‭. ‬وتؤيد‭ ‬إدارة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لكل‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬والقطاع‭ ‬ضمن‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاحات‭ ‬محددة‭. ‬وتدعم‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الأبعد‭.‬

هذا‭ ‬الخلاف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬صدام‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬والحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬وقد‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬تصريح‭ ‬لمسؤول‭ ‬أمريكي‭ ‬لشبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬حين‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬سيتعين‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬طريقة‭ ‬شريكَيه‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬وبتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬وبين‭ ‬طريقة‭ ‬ترضي‭ ‬واشنطن‮»‬‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬بالحرب‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬توقفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬مدها‭ ‬بالسلاح‭. ‬وبحسب‭ ‬تعبير‭ ‬أحد‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬السابقين،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬ستحارب‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالعصا‭ ‬والحجارة‮»‬‭.‬

والسؤال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬صراع‭ ‬نتنياهو‭ ‬للبقاء‭ ‬وحاجته‭ ‬إلى‭ ‬سموتريتش‭ ‬وبن‭ ‬غفير‭ ‬يحتل‭ ‬أولوية‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬وهل‭ ‬يستطيع‭ ‬المغامرة‭ ‬بصدام‭ ‬مع‭ ‬واشنطن؟‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يذهب‭ ‬نتنياهو‭ ‬حد‭ ‬القطيعة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬المواجهة‭ ‬المباشرة‭ ‬معها،‭ ‬وعلى‭ ‬الأغلب‭ ‬سيحاول‭ ‬لعبة‭ ‬شد‭ ‬الحبال‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬حكومته‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬بأن‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬يغامر‭ ‬بصراع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬لحاجة‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬اللوبي‭ ‬اليهودي،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يخلف‭ ‬وعوده‭ ‬ويكذب‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية‭. ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬ستذهب‭ ‬الإدارة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬إسقاط‭ ‬نتنياهو‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الحل‭ ‬المقبل‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا