العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إبادة الشعب الفلسطيني فكرة متجذرة في الفكر الصهيوني

بقلم: د. رمزي بارود

الاثنين ١٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

تفصل‭ ‬آلاف‭ ‬الأميال‭ ‬بين‭ ‬أوغندا‭ ‬والكونجو‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأماكن‭ ‬مرتبطة‭ ‬بفلسطين‭ ‬بطرق‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تفلح‭ ‬التحليلات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬تفسيرها‭.‬

في‭ ‬3‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تناقش‭ ‬بنشاط‭ ‬مقترحات‭ ‬لطرد‭ ‬ملايين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬مقابل‭ ‬تسديد‭ ‬سعر‭ ‬ثابت‭.‬

من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬المناقشة‭ ‬حول‭ ‬طرد‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬دخلت‭ ‬الفكر‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬ولكن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناقشة‭ ‬ظلت‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المقترحات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ليست‭ ‬نتيجة‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬محددة،‭ ‬مثلا‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭.‬

إذا‭ ‬ألقينا‭ ‬نظرة‭ ‬سريعة‭ ‬على‭ ‬السجلات‭ ‬التاريخية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬فإننا‭ ‬ندرك‭ ‬أنها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الطرد‭ ‬الجماعي‭ ‬للفلسطينيين‭ - ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الترانسفير‮»‬‭ - ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يمثل‭ ‬استراتيجية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬كبرى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬المشكلة‭ ‬الديموغرافية‮»‬‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬

قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬مقاتلي‭ ‬كتائب‭ ‬القسام‭ ‬والحركات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأخرى‭ ‬باقتحام‭ ‬السياج‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬غزة‭ ‬المحاصرة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬في‭ ‬فجر‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬ناقش‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عديدة،‭ ‬كيفية‭ ‬تقليل‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأغلبية‭ ‬اليهودية‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭.‬

ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬المتطرفين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬نوقشت‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أمثال‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق‭ ‬أفيجدور‭ ‬ليبرمان‭ ‬عندما‭ ‬اقترح‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬آنذاك‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬تبادل‭ ‬السكان‮»‬‭.‬

وحتى‭ ‬المثقفون‭ ‬والمؤرخون‭ ‬الليبراليون‭ ‬المفترضون‭ ‬أيدوا‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الممارسة‭.‬

أعرب‭ ‬بيني‭ ‬موريس،‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬المؤرخين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬صحيفة‭ ‬هآرتس‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الليبرالية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬2004،‭ ‬لأن‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬جورويون،‭ ‬مؤسس‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وأول‭ ‬رئيس‭ ‬للوزراء‭ ‬في‭ ‬تاريخها،‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬طرد‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خلال‭ ‬نكبة‭ ‬1948‭ - ‬الحدث‭ ‬الكارثي‭ ‬للقتل‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬الفلسطينية‭.‬

والدليل‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬الترانسفير‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وليدة‭ ‬اللحظة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الخطط‭ ‬الشاملة‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنها‭ ‬وتداولها‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬بدء‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬مركز‭ ‬الأبحاث‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬مسغاف‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬والأمن‮»‬‭. ‬‮«‬الاستراتيجية‭ ‬الصهيونية‮»‬‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬أكتوبر،‭ ‬والتقرير‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الموقع‭ ‬الإخباري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬كالكاليست‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬طرح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬نفسها‭.‬

إن‭ ‬إعلان‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى،‭ ‬صراحة‭ ‬وفورا،‭ ‬رفضها‭ ‬التام‭ ‬لطرد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬جدية‭ ‬تلك‭ ‬الطروحات‭ ‬الرسمية‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬في‭ ‬يوم‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬قال‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬له‭: ‬‮«‬مشكلتنا‭ ‬هي‭ (‬إيجاد‭) ‬الدول‭ ‬المستعدة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬ونحن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

وتلا‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تصريحات‭ ‬أخرى،‭ ‬منها‭ ‬تصريح‭ ‬لوزير‭ ‬المالية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬‮«‬ما‭ ‬يجب‭ ‬فعله‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬تشجيع‭ ‬الهجرة‮»‬‭.‬

عندها‭ ‬تبنى‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الهجرة‭ ‬الطوعية‮»‬‭. ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬طوعي‭ ‬في‭ ‬تجويع‭ ‬2.3‭ ‬مليون‭ ‬فلسطيني،‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يواجهون‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المستمرة،‭ ‬والذين‭ ‬يُدفعون‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬نحو‭ ‬المنطقة‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ومصر‭.‬

في‭ ‬قضيتها‭ ‬القانونية‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬أدرجت‭ ‬حكومة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬المخطط‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها‭ ‬بريتوريا،‭ ‬متهمة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بارتكاب‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭.‬

ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬قلة‭ ‬الحماس‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬يتجولون‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬حكومات‭ ‬مستعدة‭ ‬لقبول‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬تطهيرهم‭ ‬عرقياً‭.‬

تخيل‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬السلوك‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬بلد‭ ‬يقتل‭ ‬الناس‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لقبول‭ ‬الناجين‭ ‬المطرودين‭ ‬مقابل‭ ‬المال‭.‬

ولم‭ ‬تكتف‭ ‬إسرائيل‭ ‬بازدراء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬وضعت‭ ‬أيضاً‭ ‬معايير‭ ‬جديدة‭ ‬تماماً‭ ‬للسلوك‭ ‬الهمجي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أي‭ ‬دولة،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬قديماً‭ ‬كان‭ ‬أم‭ ‬حديثاً‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يراقب،‭ ‬ويدعم،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أو‭ ‬يحتج‭ ‬بلطف‭ ‬أو‭ ‬بقوة،‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬ذي‭ ‬معنى‭ ‬لوقف‭ ‬حمام‭ ‬الدم‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬لمنع‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المرعبة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتبعها‭ ‬حقاً‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬الحرب‭ ‬وتحط‭ ‬أوزارها‭.‬

ولكن‭ ‬هناك‭ ‬شيئا‭ ‬واحدا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬أنشأت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬حاولت‭ ‬نقل‭ ‬يهود‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا،‭ ‬لإقامة‭ ‬دولة،‭ ‬قبل‭ ‬اختيار‭ ‬فلسطين‭ ‬‮«‬كوطن‭ ‬لليهود‮»‬‭.‬

وكان‭ ‬هذا‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬مخطط‭ ‬أوغندا‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1903‭. ‬وقد‭ ‬أثاره‭ ‬تيودور‭ ‬هرتزل،‭ ‬مؤسس‭ ‬الصهيونية،‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصهيوني‭ ‬السادس‭. ‬وقد‭ ‬استند‭ ‬إلى‭ ‬اقتراح‭ ‬قدمه‭ ‬وزير‭ ‬المستعمرات‭ ‬البريطاني‭ ‬جوزيف‭ ‬تشامبرلين‭.‬

فشل‭ ‬مخطط‭ ‬أوغندا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬لكن‭ ‬الصهاينة‭ ‬استمروا‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬ومن‭ ‬سوء‭ ‬حظ‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬إلى‭ ‬هجرة‭ ‬اليهود‭ ‬إلى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وإقامة‭ ‬وطن‭ ‬لهم‭ ‬فيها‭.‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬مقارنة‭ ‬لغة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬اليوم،‭ ‬ودراسة‭ ‬إشاراتهم‭ ‬العنصرية‭ ‬إلى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فيتعين‭ ‬علينا‭ ‬تحديد‭ ‬التداخل‭ ‬الكبير‭ ‬بين‭ ‬تصورهم‭ ‬الجماعي‭ ‬والطريقة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬بها‭ ‬الأوروبيون‭ ‬إلى‭ ‬المجتمعات‭ ‬اليهودية‭ ‬لمئات‭ ‬السنين‭.‬

إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الصهيوني‭ ‬المفاجئ‭ ‬بالكونجو‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬وطنًا‮»‬‭ ‬محتملًا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬يوضح‭ ‬أيضًا‭ ‬النقطة‭ ‬التي‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تاريخها‭ ‬الخاص،‭ ‬مما‭ ‬يبرز‭ ‬العنصرية‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬ضد‭ ‬اليهود‭ ‬في‭ ‬عنصرية‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأبرياء‭.‬

وفي‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2024،‭ ‬اقترح‭ ‬وزير‭ ‬التراث‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أميهاي‭ ‬إلياهو‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬‮«‬إيجاد‭ ‬سبل‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬إيلاماً‭ ‬من‭ ‬الموت‮»‬‭. ‬ولا‭ ‬يحتاج‭ ‬المرء‭ ‬إلى‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬مراجع‭ ‬تاريخية‭ ‬للغة‭ ‬مماثلة،‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬النازيون‭ ‬الألمان‭ ‬في‭ ‬تصويرهم‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

إذا‭ ‬أعاد‭ ‬التاريخ‭ ‬نفسه،‭ ‬فإنه‭ ‬لديه‭ ‬طريقة‭ ‬غريبة‭ ‬وغير‭ ‬لطيفة‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.‬

لقد‭ ‬قيل‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬استوعب‭ ‬الدرس‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المحرقة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬تعلمناها‭ ‬لم‭ ‬نستوعبها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد‭.‬

لا‭ ‬تتولى‭ ‬إسرائيل‭ ‬الآن‭ ‬دور‭ ‬القاتل‭ ‬الجماعي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يواصل‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬لعب‭ ‬الدور‭ ‬المنوط‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬التاريخية‭. ‬إنهم‭ ‬إما‭ ‬يهتفون،‭ ‬أو‭ ‬يحتجون‭ ‬بأدب،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يفعلون‭ ‬شيئًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا