العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

النفاق الغربي ودعم العدوان الإسرائيلي.. هل حقًا لا يفقهون؟

بقلم: سندس القيسي {

الاثنين ١٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

مخطئ‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬لا‭ ‬تدرك‭ ‬الحقيقة،‭ ‬حقيقة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحقيقة‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وهل‭ ‬هي‭ ‬حقيقة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬كما‭ ‬نفهمها‭ ‬نحن؟

إنهم‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬يكترثون‭ ‬إلا‭ ‬بالمقدار‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يكترثوا‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬المؤثرين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬يؤثرون‭ ‬في‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬محاورتهم‭ ‬وتعليمهم‭ ‬وتثقيفهم‭ ‬بالشؤون‭ ‬المصيرية‭ ‬المهمة‭ ‬للشعوب‭ ‬العربية‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬جعلهم‭ ‬يكترثون‭ ‬لأمرنا‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفهم‭ ‬العميق‭ ‬للحضارة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مظاهرها‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬التسامح‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬عقلية‭ ‬فوقية،‭ ‬استعمارية‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬اللاشعور‭.‬

ولذلك،‭ ‬فنحن‭ ‬لم‭ ‬نذق‭ ‬طعم‭ ‬الحرية‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬لأننا‭ ‬دائمًا‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬فيما‭ ‬يعتمده‭ ‬ويجيزه‭ ‬ويمنعه،‭ ‬وفيما‭ ‬يحلله‭ ‬ويحرمه‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬المحرقة‭ ‬اليهودية‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬المسماة‭ ‬بالهولوكوست‭ ‬في‭ ‬الأربعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬نتائجها‭ ‬زرع‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬لأن‭ ‬الحكومات‭ ‬الأوروبية‭ ‬آنذاك‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬ترضي‭ ‬ضميرها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬وخاصة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتتخلص‭ ‬من‭ ‬عقدة‭ ‬الذنب‭ ‬تجاه‭ ‬الضحايا‭ ‬اليهود‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تتخلص‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الموجودين‭ ‬عندها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬قد‭ ‬صدرت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬وعد‭ ‬بلفور‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1917‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬منح‭ ‬ارض‭ ‬بلا‭ ‬شعب‭ ‬لشعب‭ ‬بلا‭ ‬أرض‭. ‬ولم‭ ‬تكتف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بإطلاق‭ ‬هذه‭ ‬الكذبة‭ ‬بل‭ ‬صدقتها‭ ‬أيضًا‭ ‬وتبنت‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭.‬

المطامع‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬معروفة‭ ‬لدينا،‭ ‬فالعالم‭ ‬العربي‭ ‬يتوسط‭ ‬آسيا‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬رابطًا‭ ‬الشرق‭ ‬بالغرب‭ ‬والشمال‭ ‬بالجنوب‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬مهد‭ ‬الثقافات‭ ‬والحضارات‭ ‬التي‭ ‬بدونها‭ ‬يشعر‭ ‬الغرب،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬العالم‭ ‬برمته‭ ‬بالضياع،‭ ‬وفلسطين‭ ‬بالذات‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬للديانة‭ ‬المسيحية‭ ‬التي‭ ‬يدين‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬ونحن‭ ‬نعي‭ ‬أن‭ ‬المسيحيين‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالديانة‭ ‬اليهودية‭ ‬ولا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالإسلام‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬بعدهما‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭. ‬والغرب‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬امتداده‭ ‬التاريخي‭ ‬يرتبط‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يدين‭ ‬بالمسيحية‭ ‬قبل‭ ‬مجيء‭ ‬الإسلام،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬حضاراته‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الحضارات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬وجود‭ ‬المسيحية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كذلك‭.‬

العالم‭ ‬الغربي‭ ‬وشعوبه‭ ‬لا‭ ‬يكترثان‭ ‬لنا‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬وجدنا‭ ‬بعض‭ ‬المناهضين‭ ‬لسياسة‭ ‬بلدانهم‭ ‬وهم‭ ‬يؤازرون‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬تسجيل‭ ‬المواقف‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬تجاه‭ ‬الحقيقة‭. ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬السؤال‭ ‬التالي؛‭ ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬المؤثرون‭ ‬الغربيون‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬تغيير‭ ‬سياسات‭ ‬بلدانهم‭ ‬التي‭ ‬تشن‭ ‬هجمة‭ ‬شرسة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين؟‭ ‬الجواب‭ ‬بالمختصر‭ ‬هو‭ ‬لا‭.. ‬وهنا‭ ‬نحن‭ ‬نستند‭ ‬إلى‭ ‬الوقائع‭. ‬ملايين‭ ‬المتظاهرين‭ ‬خرجوا‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع‭ ‬ضد‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬العراق‭ ‬واطاحت‭ ‬حكم‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭.‬

صناع‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬يتعرضون‭ ‬الآن‭ ‬للضغط،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬حين‭ ‬تشتد‭ ‬الأزمات‭ ‬من‭ ‬جهتين،‭ ‬فهم‭ ‬بين‭ ‬المطرقة‭ ‬والسندان‭. ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تطالب‭ ‬بالمواجهة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬لدعم‭ ‬القضية‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وهي‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

إن‭ ‬استجداء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬الهنود‭ ‬الحمر‭ ‬في‭ ‬موطنهم‭ ‬الأصلي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬بمكان‭ ‬لأنه‭ ‬كما‭ ‬شاهدنا‭ ‬بأم‭ ‬أعيننا‭ ‬مدى‭ ‬استعدادها‭ ‬لدعم‭ ‬كيان‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬اليهودية‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬المبدأ‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭. ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬لا‭ ‬يرحب‭ ‬بهجرة‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬أتوا‭ ‬منها،‭ ‬فهم‭ ‬من‭ ‬رحلوهم‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬كي‭ ‬يتخلصوا‭ ‬من‭ ‬عبئهم‭ ‬وبكائهم‭ ‬المستمر‭ ‬بسبب‭ ‬المحرقة‭.‬

ما‭ ‬علينا‭ ‬فعله‭ ‬هو‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬قادتنا‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولا‭ ‬حلفائها‭ ‬سيجدون‭ ‬حلاً‭ ‬ناجعًا‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬مستهدف‭ ‬بشعوبه‭ ‬وقياداته‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬يعطي‭ ‬الشرعية‭ ‬للقادة‭ ‬وصناع‭ ‬القرار‭ ‬هي‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬الحية‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬وجودها‭. ‬وبعدها‭ ‬لا‭ ‬يهمنا‭ ‬ما‭ ‬ينشره‭ ‬المتضامنون‭ ‬الغربيون‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أي‭ (‬السوشيال‭ ‬ميديا‭) ‬من‭ ‬تأييد‭ ‬أو‭ ‬استنكار،‭ ‬فهذا‭ ‬ليس‭ ‬دورهم‭ ‬وإنما‭ ‬دورنا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬نحل‭ ‬مشاكلنا‭ ‬بأيدينا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوحدة‭ ‬شعوبًا‭ ‬وحكومات‭ ‬وقيادات‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬بالخبز‭ ‬وحده‭ ‬يحيا‭ ‬الإنسان‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬والوجود‭ ‬العربي‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬رغبة‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭.‬

{ كاتبة‭ ‬أردنية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا