عالم يتغير
فوزية رشيد
أمريكا ومُلهي الرعيان!
{ وأنا أتأمل جولات المبعوثين الأمريكيين إلى دول المنطقة في ظل العدوان الغاشم على غزة (عدوان الكيان الصهيوني وأمريكا والغرب) وآخر أولئك المبعوثين كان وزير الخارجية الأمريكي «بلينكن» للدول العربية في جولته الخامسة، لم أجد ما يصف حالته والحالة الأمريكية بشكل عام، كتلك التغريدة التي تفاعل معها عدد كبير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت التغريدة للعراقي «سالم الجميلي» الذي قارن باحترافية بين «بلينكن» في جولته الخامسة منذ العدوان، وبين الطائر المعروف باسم «مُلهي الرعيان»!
{ المغرد يقول في تغريدته: «هناك طائر اسمه (مُلهي الرعيان)، هذا الطائر يطير مسافات قصيرة بين 2 و10 أمتار، ويستهدف الرعيان أي رعاة الغنم، وعند ما يقترب راعي الغنم منه ويهم بإمساكه يقفز الطائر مسافة أمتار، ثم يركض الراعي خلفه ليمسكه ظنًا منه أن الطير متعب، فيقفز الطير مسافة أخرى، وهكذا تتكرر الحالة حتى يأخذ الراعي بعيدًا عن غنمه ثم يأتي (الذئب) ويعيث بالغنم خرابًا! ويعلق المغرد بأن وزير الخارجية الأمريكي يمارس الدور نفسه! إذ يقوم بدور (مُلهي العرب) يقفز من دولة إلى دولة يدعو إلى وقف العنف حتى تسحق إسرائيل غزة»!
{ في الواقع وفي الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني حرب الإبادة ضد غزة ومجازره اليومية، وحيث كل يوم يتراوح عدد الشهداء في غزة ما بين 300 وأكثر بكثير، فإن دور المبعوثين الأمريكيين هو (إلهاء) العالم بالتصريحات وإلهاء العرب تحديدًا في جولات متواصلة، حتى يواصل الكيان مجازره اليومية وكأن لا شيء يحدث! تلك التصريحات والحديث عن حل الدولتين وعن ما بعد العدوان على غزة، يتم تصريفها كأمر واقع في خانة الإلهاء وتبادل الأدوار مع الكيان! وفي خانة (النفاق السياسي والإنساني)! وحيث يُبدي «بلينكن» في جولته الأخيرة رقته الإنسانية الزائفة تجاه مأساة المراسل والصحفي (الدحدوح) وينسى في ذات الوقت أن يتأمل الأعداد اليومية والمئات من الأطفال والنساء، الذين يسقطون تحت القصف الذي تشارك فيه الولايات المتحدة، وتدعم فيه العدوان وحرب الإبادة! ولا تقبل وقف إطلاق النار الذي يطالب به العالم كله! بل وتستخدم «الفيتو» الإجرامي الشهير لأمريكا، وستعيد استخدامه ضدّ «محكمة العدل الدولية» التي تناقش دعوى حرب الإبادة «الإسرائيلية» في غزة، وما ينتظره العالم هو قرارها لوقف إطلاق النار.
{ إن «مُلهي الرعيان» الأمريكي يتفوق في الحقيقة في دوره على الطائر نفسه، لأنه هنا هو «المُلهي» وهو «الذئب» وهو الذي بنفسه يمارس أبشع جرائم الإبادة ضدّ الأطفال والنساء، وهذه المرة بيد الكيان الصهيوني والدعم المطلق المقدّم له! ويأكل الأخضر واليابس في غزة ويبيد وينشر الخراب والموت والجوع، ويتفرج بدم بارد على المجازر ضد البشر، وليس ضدّ (الغنم)، كما يفعل الطائر! وكأنه يخدم الذئب الشرس وهو يفترس الأغنام، حيث تكاثر الذئاب في المنطقة! القصة هنا هي (الإلهاء) عن كل القوانين الدولية والحقوقية والإنسانية ومواصلة الدوس عليها! وحيث الولايات المتحدة تستعد كما يطرح الخبراء لاستخدام «الفيتو المجرم»، في حال اتخذت «محكمة العدل الدولية» (قرارًا طارئًا وإلزاميًا) بوقف العدوان الصهيوني على غزة!
ولهذا تأتي التصريحات الأمريكية «المُلهية» للعرب وللعالم، والولايات المتحدة قبل غيرها تعرف جيدًا أن تصريحاتها هي فقط للاستهلاك العالمي والعربي إعلاميًا! وأن هدفها أن يواصل مجرم الحرب الصهيوني عدوانه ومجازره وإبادته للشعب الفلسطيني في غزة، وإعطاءه الوقت الكافي الذي يتم تمديده كل مرة ومع كل جولة للمبعوثين الأمريكيين ولا شيء غير ذلك!
{ أمريكا تريد (استعادة وضع اليد على الملف الفلسطيني)! بعد أن فقدت مصداقيتها تماما في الوصول لأي حلّ حقيقي للقضية الفلسطينية! وبعد أن أصاب الفلسطينيين والعرب اليأس من أن تأتي جولات أو تصريحات أو الاتفاقيات التي كانت ترعاها الولايات المتحدة، بأي حلّ! هي تريد مواصلة الدور بأن تدير اللعبة كالسابق وتعتبر (التصريحات الزائفة والمنافقة سياسيًا وإنسانيًا) هي المهمة السامية مجددًا والكافية للتعاطي مع الجرائم الصهيونية ضدّ الفلسطينيين سواء في غزة أو في الضفة الغربية! ولهذا فإن الجولات المكوكية أو قفزات (طائر ملهي الرُعيان) الأمريكي ستكون قادرة على إبطاء ردات الفعل الغاضبة على المستوى العربي والعالمي! ولا تدرك الولايات المتحدة أن «غزة» استطاعت أن تسقط كل الأقنعة وتكشف كل آليات الزيف في مؤسسات ومنظمات «النظام الغربي الاستعماري» وتُعرّي التلاعب الأمريكي والغربي وجرائم الحرب التي يقوم بها الغرب في العالم! وآخرها هذا الدعم المطلق والمفتوح لجرائم الكيان الصهيوني وحرب الإبادة التي يقوم بها في غزة والضفة الغربية رغم الاحتقان العالمي لهذا الدور!
وفي الوقت الذي يواصل فيه طائر «مُلهي الرعيان» الأمريكي مهمته في تسويق الزيف والخداع، لا يدرك أن العالم كله أيضًا يراه (الذئب الوحشي الكبير) الذي يقتل البشر ويلتهم الأطفال والنساء بشهية لا تكلّ ولا تملّ!
لقد سقطت كل الأقنعة تحت أقدام «غزة» والشعب الفلسطيني الذي أثار العالم بصموده، حتى أصبح أيقونة العالم في المظلومية وطلب الحرية والعدالة، كما لم يحدث قط في التاريخ تجاه أي قضية تحولت بجدارة إلى قضية كل شعوب العالم وأحراره!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك