بعد سويعات قليلة من يوم النصر الفلسطيني العظيم في السابع من أكتوبر 2023م، طار وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية «أنتوني بلينكين»، الدولة الأقوى عسكريًا في هذا العالم والأضعف أخلاقيًا إلى دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد، لاغيا هويته الوطنية الأمريكية حال وصوله وليجاهر بهويته الدينية، ويفاخر أمام مستقبليه بأنه جاءهم بصفته يهوديا، ثم شارك فورًا في مجلس الحرب المصغر وليقرر معهم الحرب على الشعب الفلسطيني!
عودة للمرة الخامسة في 90 يومًا لمهندس حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ركن وطننا الجنوبي الباسل، يأتي «بلينكين» ليرسم المشهد الفلسطيني القادم، ترتيبات ما اصطلح على تسميته «اليوم التالي» كما تراه دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية أمنيًا وسياسيًا!
وما يرشح من ترتيبات «اليوم التالي» وهي شحيحة، ولكننا نشتم رائحة خطة خبيثة يجري تسويقها لدول الإقليم بما فيها الدول العربية، تشمل الخطة الأمريكية التسويق، الإسرائيلية المنشأ، العديد من اللاءات، ونذكر منها:
لا سيادة فلسطينية على الأمن والحدود والمعابر، ولا رابط جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا تحديد لمساحة الكيان الفلسطيني المقترح، ولا سيادة على القدس الشرقية وتؤجل علاقة الكيان الفلسطيني مع القدس لمراحل لاحقة!
وللقدس عاصمة روحنا الأبدية، يريدون تكريس التقاسم الزماني والمكاني لمنطقة «البراق» بما فيها المسجد الأقصى المبارك، ويودون تحديد البعد العسكري والتسليح للكيان الفلسطيني القادم ويعملون بكل قوة على شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين بداية بإضعاف ومن ثم إلغاء دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)!
وحين نأتي لقطاع غزة العنيد الباسل، فهناك الكثير من السيناريوهات التي يخطط لها دهاقنة السياسة العالمية في أوكار الشر، فهناك المنطقة العازلة على طول السياج الشرقي وهناك عمل على توفير قوات أمنية متعددة الجنسيات مع تكريس دور المنسق الأممي الأمريكي للمساعدات الإنسانية، وموضوع الإدارة المدنية مطروح بقوة لتحمل مسؤولية إعادة إعمار قطاع غزة.
وتمتد اللاءات من الكيان الفلسطيني الكلي لتصل لقطاع غزة ركن وطننا الجنوبي الباسل، فالتصور ألا تكون هناك سيادة فلسطينية على معبر رفح ومحور فيلادلفيا، وتتولى المعبر قوة متعددة الجنسيات!
ونحن نصل لليوم 95 من حرب الإبادة الجماعية على شعبنا العربي الفلسطيني الأصيل المتمسك بثرى وطنه الذي لا يملك سواه، يسطر شعبنا بنسائه ورجاله وشبابه وأطفاله وعجائزه ومقاومته أنبل ملاحم البطولة والفداء، صلابة منقطعة النظير في الميدان وتصدي بطولي لآلة الشر مكبدة العدو خسائر فادحة لا ولن يتحملها.
في المقابل يعاني المشروع الصهيوني تصدعات رهيبة سيكون لها تأثير بعيد المدى على هذه الدولة التجربة التي تحاول للآن إقناع يهود العالم على القدوم والعيش في دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية.
فقد ألغت المحكمة العليا تعديلات قضائية مثيرة للجدل، أثارت احتجاجات صاخبة في دولة الكيان العام الماضي ضد حكومة «نتنياهو»، وكانت التعديلات تهدف للحد من صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء القوانين التي تعتبرها غير دستورية.
وفي مجلس الحرب المصغر والموسع هناك تناقضات قوية عكستها الاجتماعات وما نتج عنها من تلاسن وصراخ مما أدى لإلغاء بعض من الاجتماعات، وهناك رؤى مختلفة بين رئيس الوزراء «نتنياهو» ووزير الدفاع «يوآف جالانت»، فهناك بعض المؤتمرات الصحفية التي لا يشارك فيها «جالانت»، وكذلك منع رئيس الوزراء «نتنياهو» وزير الدفاع «جالانت» من الاجتماع مع رئيس الموساد ورئيس الشاباك منفردًا.
يوم 7 أكتوبر 2023م تحول عند الفاشيين الجدد في دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد العنصريين إلى فرصة للانقضاض على الشعب العربي الفلسطيني وسحق مشروعه الوطني التحرري وتصفية قضيته ومقاومته، وهناك من يريد نصب المحاكمات لمن أوصل (إسرائيل) للهاوية ولمن أعلن الحرب دون تحضير ولا تخطيط ولا لإعداد جيد، فقط أعلنوا الحرب بدافع الانتقام والغرائزية!
عادت فلسطين للواجهة بتوهج وألق بفضل «طوفان الأقصى» هذا المفصل التاريخي العظيم، وتهاوت صورة دولة الكيان الصهيونية كواحة للديمقراطية وسط الصحراء القاحلة، وسحقت نظرية الشعب المضطهد حين رأى العالم حرب الإبادة التي مازالوا يشنونها على الشعب العربي الفلسطيني.
يشبه الصهاينة الأمريكيين الذين قتلوا 60 مليونًا من الهنود الحمر أصحاب البلاد الأصليين ليقيموا ولاياتهم المتحدة على جثثهم، ولكن الفلسطينيين متشبثين بأرضهم بعناد رغم الدمار، فقد دمر العدوان 70% من مباني قطاع غزة وهناك 30000 شهيد مع من هم تحت الأنقاض وأكثر من 56000 جريح و320 شهيدا في الضفة الغربية وأكثر من 5850 معتقلا منذ السابع من أكتوبر 2023م.
وعلى كل دهاقنة السياسة ومحترفوها في الغرب الظالم وهم في أوكارهم الشريرة أن يعلموا أن الشعب العربي الفلسطيني هو من يقرر مصيره فوق تراب وطنه المقدس ولن تسقط الراية، فسنتناقلها جيلاً بعد جيل، وسيكون لنا وطن عزيز وسنعلم أبنائنا أننا عرب أقحاح نستحق الحياة ونحبها إذا ما استطعنا إليها سبيلاً!
{ كاتب فلسطيني مقيم
في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك