كثيرا ما نسمع عن الاستدامة، وعن القمم والملتقيات والمعارض التي تعنى بها وبمختلف التخصصات، فمن الاستدامة التنموية أو التنمية المستدامة إلى الاستدامة المالية إلى الاستدامة العقارية، إلى الاستدامة الصحية، إلى استدامة الاعمال، إلى الاستدامة البيئية، وغيرها من المجالات التي نسبقها بكلمة استدامة، فماذا نعني بالاستدامة؟ وما أهميتها؟
الاستدامة بوجه عام تعني إيجاد طريقة لاستخدام الموارد بما يمنع استنفادها ان لم تؤد إلى تنميتها، فيما عرفت التنمية المستدامة من قبل البنك الدولي بانها التنمية التي تهتم بتحقيق التكافؤ المتصل الذي يضمن اتاحة نفس الفرص التنموية الحالية للأجيال القادمة، وذلك بضمان ثبات رأس المال الشامل او زيادته المستمرة عبر الزمن.
وعرفت الاستدامة المالية بانها القدرة على الحفاظ على الموارد المالية للمنظمة على مر الزمن. كما تعني القدرة على بدء الأعمال وتنميتها والحفاظ عليها باستقرار مالي قصير وطويل الأجل.
وعلى صعيد الدولة تعرف الاستدامة المالية بانها الحالة المالية، التي تكون فيها الدولة قادرة على الاستمرار في سياسات الإنفاق، وقادرة على تحقيق الإيرادات الحالية مدة طويلة، من دون خفض الموازنة العامة، أو التعرض لخطر الإفلاس، أو عدم الوفاء بالتزاماتها المالية المستقبلية.
وتعرف التنمية العقارية المستدامة بانها تحسين نوعية الحياة في المدينة، ويتضمن ذلك إلى جانب البعد العمراني، أبعادا أخرى، كالبعد الاقتصادي، والبيئي، والاجتماعي، والمؤسسي، والسياسي، وفي إطار الحفاظ على استدامة الموارد الرئيسية بما يوازن بين حق الجيل الحاضر وحقوق الاجيال القادمة. والتوازن في التنمية العقارية المستدامة لا يقتصر على البعد الزمني بل يراد به ايضا امتدادها إلى مختلف ارجاء البلاد ودون قصرها على مدينة دون أخرى او منطقة بعينها بحيث لا تكون هناك مناطق مهمشة عقاريا وأخرى مترفة.
اما استدامة الأعمال فإنها تتمحور حول كيفية تحقيق منظمة الأعمال لأفضل قيمة ممكنة من تطوير اعمالها بما يعزز النمو على الأجل الطويل، وبما يعود بالمنفعة على أطرافها المعنية من المساهمين والمجتمع والعملاء والموظفين ويحقق منفعة دائمة للاقتصاد والبيئة إلى جانب المجتمعات التي تنشط فيها المنظمة. اما الاستدامة الصحية فيقصد بها عيش حياة آمنة خالية من الاوجاع والأمراض والاوبئة.
والاستدامة البيئية فإنها تركز على النشاطات التي تحد من تدهور البيئة واستنزاف مواردها الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي والاستفادة من النفايات بتحويلها إلى مشروعات مفيدة والحد من انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون، وخاصة أن النمو السكاني المتزايد الذي يشهده العالم يؤدي إلى المزيد من التعديات على البيئة ويسهم في تدهورها، فضلا عن التقلبات البيئية الطبيعية الحادة التي تهدد الوجود البشري كالفيضانات وارتفاع درجة الحرارة والزلازل واتساع طبقة الاوزون. وتنامي وتنوع الاوبئة على الرغم من الكم الهائل من العلاجات الصحية المتاحة وغيرها.
وعموما فأن الاهتمام بالاستدامة ينطلق وينسجم مع التوجهات التنموية والاصلاحية المعاصرة في التركيز على احتياجات الناس وضمان حقهم في العيش الكريم ببيئة صحية آمنة تتوافر فيها مستلزمات حياتهم وتتاح فيها الخدمات الضرورية لممارسة مقتضياتها بيسر وبأقل كلفة ممكنة، وبما يحقق العدالة بين المناطق المختلفة والاجيال المتعددة.
وقد اوجد التقدم التكنولوجي الذي شهده العالم فرصا مواتية لتحقيق الاستدامة بكل ابعادها ومجالاتها ومستوياتها. وقد انطلق منتدى الشرق الاوسط للاستدامة في دورته الثانية المنعقدة في المنامة للمدة (8-9) يناير 2024 بمملكة البحرين تحت شعار «تحقيق الحياد الكربوني الصفري – طريق تسريع التنفيذ) ليتناول جوانب مهمة من الانشغالات التي تواجه المنطقة والعالم في مجال الاستدامة البيئية وليسهم في تحفيز إطلاق مبادرات تقود إلى الحفاظ على البيئة وتحقيق الحياد الكربوني، فضلا عن مناقشة القضايا المتعلقة بتغير المناخ. ومن خلال ملاحظة قائمة المؤسسات البحرينية الراعية والمساهمة في اعمال المنتدى مثل شركة ألبا، أي بي ام تير مينالز البحرين، وشركة بابكو انرجيز، والمجلس الاعلى للبيئة، وهيئة الكهرباء والماء، وبنك ABC، وبنك انفراكورب، وبنك HSBC، وبنك ستاندرد تشارترد، وشركة KPMG
بالإضافة إلى مصرف البحرين المركزي وغيرها من الشركات، يتضح الحجم الكبير للوعي البيئي لدى المؤسسات البحرينية المختلفة، ومستواها الارتقائي في استثمار مختلف الفرص للحفاظ على البيئة وبذلك يتحقق الامن البيئي المنشود للإنسان والموارد ومختلف الكائنات الحية.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك