وتمضي الأيام وتمر السنون وهكذا هي الدنيا تودع الإنسانية عاما وتستقبل عاما جديدا لتستمر الحياة بحلوها ومرها وتتواصل المسيرة الإنسانية في دورتها السنوية لتبدأ دورة جديدة في حياتنا على هذا الكوكب الذي نعيش فيه. فقد ودع العالم قبل أيام عاما آخر وهو عام 2023 واستقبل عاما جديدا وهو عام 2024. فقد انتهى عام 2023 مخلفا وراءه آلاما وأوجاعا ومأسي، حيث كان من أسوأ الأعوام التي عشناها خلال عقد من الزمان على الأقل، هذه الآلام والأوجاع والمآسي التي تسببت فيها الدولة الصهيونية بقيادة الإرهابي بنيامين نتنياهو التي لم تراع ولم تعط أي اعتبار لأبسط القيم والمبادئ الإنسانية ولا لقواعد احترام حقوق الإنسان والتي من أهمها الحق في حياة كريمة، حيث شنت قوات الاحتلال الصهيوني حرب إبادة ضد أخوتنا وأشقائنا في غزة ليعم الدمار والخراب هذا القطاع الذي يعتبر جزءا من الدولة الفلسطينية التي تعترف بها أغلب دول العالم حتى اصبح الشعب الفلسطيني الذي يعيش في غزة في سجن كبير بلا ماء ولا كهرباء ولا غاز ولا طاقة ولا خدمات ولا مستشفيات ولا تعليم ولا حتى مواد غذائية كافية، حيث منعت الدولة الصهيونية دخول المساعدات بمختلف أشكالها وأنواعها إلى قطاع غزة وسط شجب واستنكار دول العالم المحبة للسلام وتحول القطاع إلى مدينة أشباح لا يجد إلا العدوان والإرهاب الإسرائيلي التي تمارسه قوات الاحتلال في أبشع صوره وراح ضحيته الآلاف من السكان المدنيين أغلبهم من كبار السن والأطفال والنساء حتى أصبح قطاع غزة مقبرة للأطفال بدعم ومساندة من قبل أغلب الدول الأوروبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي سخرت كل إمكانياتها العسكرية والإعلامية وأرسلت البوارج الحربية وحاملات الطائرات ووضعتها تحت تصرف قوات الاحتلال لإبادة الشعب الفلسطيني الأعزل.
أما بالنسبة لمنطقتنا العربية، فإن المشهد لم يكن أفضل حالا خلال العام المنصرم فالوضع في القطر الليبي الشقيق لا يزال على حاله ولم يشهد أي تحسن أو توصل إلى اتفاق ينهي الخلاف بين القوى السياسية الليبية المؤثرة على الساحة السياسية ولا تزال الدولة الليبية منقسمة والصراع على السلطة لا يزال قائما بين البرلمان الليبي والحكومة الليبية لتعيش الشقيقة ليبيا بين دولتين في دولة واحدة، ويدفع الشعب الليبي ثمن هذا الخلاف من أمنه واستقراره رغم ما تتمتع به ليبيا من خيرات مادية كبيرة تستخدم في الصراع بدل من استخدامها لرفاهية الشعب الليبي.
وفي السودان وبعد مضي أكثر من سنتين على اسقاط نظام عمر البشير بعد ثورة شعبية لم يشهد استقرارا فالقتال الذي خلف ويخلف آلاف القتلى لا يزال مستمرا بين قوات الدعم السريع والمجلس العسكري رغم الوساطات العربية والدولية ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول العربية لوضع حد لهذا الخلاف وإخراج السودان من النفق المظلم الذي دخل إليه فلا أمن ولا استقرار سياسي في السودان ولا أفق لوضع حد لهذه الحالة التي يمر بها السودان، حيث يفتقر الشعب السوداني إلى أبسط الخدمات الأساسية للحياة.
وفي اليمن لا تزال مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران تعرقل أي جهود للمصالحة الوطنية في اليمن وتعرقل الملاحة في البحر الأحمر تنفيذا للأجندة الإيرانية التي تهدف إلى تهديد المصالح الخليجية والعالمية.
على المستوى العالمي لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة وبعد أيام سوف تدخل عامها الثالث دون أفق للحل السياسي أو للحوار بين الأطراف المعنية لإنهاء هذه الحرب التي فرضها الغرب على روسيا الاتحادية حيث تفشل الولايات المتحدة كل المحاولات للوصول إلى حل سياسي لتكون أوكرانيا خنجرا في خاصرة الدولة الروسية وأداة في يد الإدارة الأمريكية تحركها متى تشاء وكيفما تشاء لإلحاق الضرر والأذى بروسيا الاتحادية.
أما بالنسبة لنا في مملكة البحرين فقد استطاعت بلادنا مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية تحديدا التي نواجهها، حيث انخفض معدل الدين العام وتحسن الوضع الاقتصادي والحمد لله، ونتمنى أن تكون مقدمة نحو مزيد من تحسين معيشة المواطن البحريني.
نستقبل عام 2024 وكل هذه المآسي والأوجاع والمشكلات يعاني منها العالم وتبقى دون أفق لحلها، ومع ذلك نتمنى أن يكون 2024 عام خير وبركة على العالم، وتغليب لغة الحوار على لغة الخلاف والحرب وعدم استخدام القوة في العلاقات بين الدول ليكون بداية لمرحلة جديدة لعالمنا الذي يعيش فيه، أساسها التعاون والتفاهم والتنسيق والثقة المتبادلة لحل هذه المشاكل التي تشكل كابوسا جاثما على صدور شعوب العالم التي تنشد السلام والأمن والاستقرار والعيش في عالم متحضر ومتقدم ومتطور لا مكان فيه للحروب والخلافات والصراعات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك