قدمت جنوب إفريقيا طلبًا شجاعًا إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل لما وصفتها بأنها «أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني» في قطاع غزة، مؤكدة أن أفعال إسرائيل تحمل طابع الإبادة لأنها تبيت النية لقتل فلسطينيي غزة كجزء من الفلسطينيين وهم المجموعة القومية والعرقية والإثنية الأوسع.
وتُعد محكمة العدل الدولية في لاهاي منظمة تابعة للأمم المتحدة مكلفة بمحاكمة الجرائم الدولية مثل جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ وهي تعمل على محاسبة الأفراد المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم سواء كانوا زعماء سياسيين أو عسكريين أو أي أفراد متورطين في التخطيط أو تنفيذ أعمال الإبادة الجماعية.
وتمثل الإبادة الجماعية أحد أكثر أنواع الجرائم المروعة في تاريخ الإنسانية، حيث تتضمن استهدافًا ممنهجًا لمجموعة معينة من السكان بسبب أعراقهم أو دياناتهم أو انتماءاتهم الثقافية أو السياسية، فهل تُعتبر جرائم إسرائيل في غزة جرائم إبادة جماعية؟
ربما تحتاج الإجابة عن هذا السؤال إلى رجال قانون متخصصين؛ لكن الأكيد هو أن ما ترتكبه قيادات إسرائيل في غزة هو جريمة مكتملة الأركان، حيث نشهد قتلا للمدنيين عن عمد، وبقلب بارد؛ وللأسف، بمباركة دولية.
تصر هذه القيادات الإسرائيلية على قصف مناطق مدنية مكتظة بالسكان في غزة، واستهداف البنية التحتية المدنية الحيوية بشكل متعمد، ما أسفر عن تدمير المنازل ودَكّ المدارس والمستشفيات، هكذا من دون أن يعترف المجتمع الدولي بأن ما يحدث انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية.
حق الوصول إلى الرعاية الطبية، حق الوصول إلى المساعدات الإنسانية، حق حماية المدنيين من الهجمات، حماية النساء والأطفال، هي حقوق أساسية للمدنيين في سياق الحروب؛ إلا أن المجتمع الدولي يقبل بانتهاكها بلا تأنيب للضمير، ولا خجل من التمييز بين أرواح البشر.
هل تنجح جنوب إفريقيا، وتنجح محكمة العدل الدولية في الانتصار للعدل وإظهار الحق؟ نتمنى ذلك، وإن كان الأمر صعبًا؛ وخاصة أن قيودًا سياسية وتنفيذية تحد من قدرات هذه المحكمة وفاعليتها، فمحكمة العدل الدولية لا تمتلك نفس السلطة التنفيذية التي تمتلكها المحاكم الوطنية في الدول؛ وليس لديها شرطة لتنفيذ أحكامها، إنما يتوقف الأمر على التعاون الوطني والدولي لتنفيذ أحكامها. وهنا، جميعنا نعرف، وحدث ولا حرج، حجم الدعم الدولي الذي تتمتع به إسرائيل.
فهل نيأس إذن؟ بالطبع لا، فإثبات هذه الجرائم خطوة عظيمة على الطريق الصحيح، فدعونا نصدق أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة.. ولنشكر جنوب إفريقيا على خطوتها المقدامة والشجاعة هذه.
{ كاتبة صحفية مصرية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك