العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أهمية ومكانة الارتقاء بالصناعات والخدمات البحرية الخليجية في المرحلة الراهنة

الأحد ٠٧ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المدعوم‭ ‬أمريكيا‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬تنامت‭ ‬أهمية‭ ‬الصناعات‭ ‬والخدمات‭ ‬البحرية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬الخليجي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬والعالمي،‭ ‬في‭ ‬أبعاده‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستراتيجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭  ‬تتميز‭ ‬بطول‭ ‬سواحلها‭ ‬البحرية،‭ ‬وامتدادها‭ ‬وقربها‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬بحار،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬كالبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬والبحر‭ ‬العربي‭ ‬وخليج‭ ‬عمان‭ ‬ومضيق‭ ‬هرمز،‭ ‬ومضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬المدخل‭ ‬الجنوبي‭ ‬للبحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬والذي‭ ‬يربطه‭ ‬بخليج‭ ‬عدن‭ ‬وقناة‭ ‬السويس،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬بحرية‭ ‬معادية‭ ‬وطامعة‭ ‬فيها،‭ ‬تملك‭ ‬ترسانات‭ ‬بحرية‭ ‬كبيرة،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬تطوير‭ ‬صناعتها‭ ‬البحرية‭ ‬فهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لتأمين‭ ‬موانئها‭ ‬وسواحلها‭ ‬ومياهها‭ ‬الإقليمية‭ ‬ومنشآتها‭ ‬البحرية‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬التهديد‭ ‬البحري‭ ‬متعدد‭ ‬الأنماط‭ ‬والمصادر،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬تجارتها‭ ‬من‭ ‬القرصنة‭ ‬في‭ ‬أعالي‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لمنع‭ ‬التهريب‭ ‬والقرصنة‭ ‬وتجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬والأسلحة‭ ‬والهجرة‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لحمل‭ ‬وتدريب‭ ‬قواتها‭ ‬البحرية‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬للتحسب‭ ‬والاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬وحالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لخلق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تواجهه‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬أبرزها‭ ‬سياسات‭ ‬التنويع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعلها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الصناعات‭ ‬والخدمات‭ ‬البحرية‭ ‬لتوسيع‭ ‬قطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري‭ ‬وصناعة‭ ‬وتعليب‭ ‬الأسماك،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لتعظيم‭ ‬تنافسية‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬والرياضة‭ ‬البحرية،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬لبناء‭ ‬منصات‭ ‬حقولها‭ ‬النفطية‭ ‬البحرية،‭ ‬وهي‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬البحر‭.‬

إن‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬واقتصاديات‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وسواحل‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬والبحر‭ ‬العربي‭ ‬تعتمد‭ ‬جميعها‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وعلى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬المحتملة‭ ‬المتنوعة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الذي‭ ‬تعد‭ ‬صناعة‭ ‬السفن‭ ‬والقطع‭ ‬البحرية‭ ‬الحديثة‭ ‬قاعدته‭ ‬الرئيسة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تكثيف‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬وبما‭ ‬يحقق‭ ‬أمن‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أمنها‭ ‬البيئي،‭ ‬وحماية‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬البحرية،‭ ‬وضمان‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬بالمياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬التقليدية‭ ‬وغير‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التكامل‭ ‬والتعاون،‭ ‬وصياغة‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬والصناعات‭ ‬والخدمات‭ ‬البحرية‭. ‬

وبناء‭ ‬عليه‭ ‬فإن‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬تتطلب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬وتطوير‭ ‬الصناعات‭ ‬والخدمات‭ ‬البحرية‭ ‬واعتماد‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وتسليح‭ ‬أساطيلها‭ ‬البحرية‭ ‬وتزويدها‭ ‬بالزوارق‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لأجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬بأبعاده‭ ‬الثلاث‭ (‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬البحرية،‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬البحري،‭ ‬الأمن‭ ‬البيئي‭ ‬البحري‭)‬،‭ ‬ولكي‭ ‬ندرك‭ ‬أهمية‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وضرورة‭ ‬صياغة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬بحرية‭ ‬موحدة‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ (‬90%‭) ‬من‭ ‬نفط‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬سنوياً،‭ ‬وأن‭ ‬نحو‭ (‬30‭) ‬ألف‭ ‬قطعة‭ ‬بحرية‭ ‬وسفينة‭ ‬تمر‭ ‬من‭ ‬المضايق‭ ‬والبحار‭ ‬المحيطة‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭  ‬وأن‭ ‬نسبة‭ (‬45%‭) ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الآمنة‭ ‬وحركة‭ ‬السفن‭ ‬العالمية‭ ‬تمر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحار‭ ‬المحيطة‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬إعداد‭ ‬نظم‭ ‬متطورة‭ ‬للإمداد‭ ‬البحري‭ ‬الخليجي‭ ‬تتناسب‭ ‬واتساع‭ ‬رقعة‭ ‬مسرحها‭ ‬البحري،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬إمكاناتها‭ ‬الجمعية‭ ‬وتبني‭ ‬قدراتها‭ ‬الوطنية‭ ‬بنفسها‭ ‬وتستفيد‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مشابهة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أقل‭ ‬منها،‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتها‭ ‬الصناعية‭ ‬البحرية‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬الخليجي،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬البحري‭ ‬الخليجي‭ ‬هو‭ ‬تهديد‭ ‬لطاقة‭ ‬العالم‭ ‬وتجارته‭ ‬الخارجية‭ ‬وبالتالي‭ ‬أمنه‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الصناعات‭ ‬البحرية‭ ‬تتميز‭ ‬بعمق‭ ‬ارتباطاتها‭ ‬الأمامية‭ ‬والخلفية‭ ‬مع‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأخرى،‭ ‬فصناعة‭ ‬السفن‭ ‬والقوارب‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ (‬89‭) ‬مدخلا‭ ‬صناعيا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحريك‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وتنميته،‭ ‬كما‭ ‬ترتبط‭ ‬بقطاعات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخرى‭ ‬كقطاع‭ ‬الصيد‭ ‬البحري،‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي،‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬والمواصلات،‭ ‬والقطاع‭ ‬الرياضي،‭ ‬والقطاع‭ ‬العسكري،‭ ‬وقطاع‭ ‬النفط،‭ ‬وقطاع‭ ‬البناء‭ ‬والإنشاء‭ ‬البحري‭ ‬وعليه‭ ‬فإنها‭ ‬صناعة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مهمة‭ ‬تتلاقى‭ ‬وتتكامل‭ ‬مع‭ ‬الصناعات‭ ‬والقطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بدول‭ ‬المجلس،‭ ‬وتوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الأهمية‭ ‬لمواطني‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وذلك‭ ‬مقوم‭ ‬مهم‭ ‬لتوطينها‭ ‬وتنميتها‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا