العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ملاحظات حول ظاهرة الباعة الجائلين

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٠٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

تنامت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬ظاهرة‭ ‬الباعة‭ ‬المتجولين‭ ‬أو‭ ‬الفرشات‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مدنها‭ ‬وقراها‭ ‬وبالقرب‭ ‬من‭ ‬الطرقات‭ ‬والشوارع‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الدوارات‭ ‬وتزايد‭ ‬عددها‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬ما‭ ‬لتوسع‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬عند‭ ‬نقطتين‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬بيان‭ ‬المشكلات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭:‬

أولا‭: ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الباعة‭ ‬المتجولين‭ ‬الذين‭ ‬يجوبون‭ ‬الطرقات‭ ‬والأحياء‭ ‬السكنية‭ ‬والفرجان‭ ‬الشعبية‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬فهؤلاء‭ ‬أغلبيتهم‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الوافدين‭ ‬الآسيويين‭ ‬الذين‭ ‬يبيعون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفواكه‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬مصادرها‭ ‬أو‭ ‬مدى‭ ‬خضوعها‭ ‬للرقابة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬وهي‭ ‬تشكل‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬لمتابعة‭ ‬هؤلاء‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬ضدهم‭ ‬فإن‭ ‬تكاثر‭ ‬وزيادة‭ ‬أعدادهم‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬السيطرة‭ ‬عليهم‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجودهم‭ ‬على‭ ‬الطرقات‭ ‬وفي‭ ‬الأحياء‭ ‬والفرجان،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬الشراء‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬لانخفاض‭ ‬سعر‭ ‬ما‭ ‬يبيعونه‭ ‬من‭ ‬بضائع،‭ ‬فإن‭ ‬الحل‭ ‬الجذري‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬هو‭ ‬منع‭ ‬الجائلين‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬العشوائي‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬رخصة،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بضائعهم‭ ‬التي‭ ‬يبيعونها‭ ‬غير‭ ‬نظيفة‭ ‬وغير‭ ‬صحية‭.‬

إن‭ ‬الحملات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬وهي‭ ‬حملات‭ ‬محمودة‭ ‬ومشكورة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬معالجة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بشكل‭ ‬جذري،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الأغلبية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬غير‭ ‬النظامية،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬المخالفة،‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬حلا‭ ‬جذريا‭ ‬لهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلين‭ ‬الذين‭ ‬يشكلون‭ ‬خطرا‭ ‬بما‭ ‬يبيعونه،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬أحد‭ ‬مصدر‭ ‬هذه‭ ‬البضاعة‭ ‬وكيفية‭ ‬تخزينها‭ ‬ومكانها‭ ‬ومدى‭ ‬صلاحيتها‭ ‬للاستهلاك‭ ‬الآدمي‭.‬

الجانب‭ ‬الثاني‭: ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بمزاحمة‭ ‬ومنافسة‭ ‬المحلات‭ ‬المرخصة‭ ‬رسميا،‭ ‬والتي‭ ‬تدفع‭ ‬الضرائب‭ ‬للجهات‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وتخضع‭ ‬للرقابة‭ ‬الصحية‭ ‬المستمرة‭ ‬وهذه‭ ‬المنافسة‭ ‬غير‭ ‬الشريفة‭ ‬تلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بهذه‭ ‬المحلات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬نظامية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬ظاهرة‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلين‭ ‬يحقق‭ ‬هدفين‭ ‬أساسيين‭ ‬هما‭: ‬ضمان‭ ‬تنظيم‭ ‬عمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التجارية‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬المنافسة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬وحماية‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بمنع‭ ‬بيع‭ ‬أي‭ ‬مواد‭ ‬أو‭ ‬سلع‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬غير‭ ‬خاضعة‭ ‬للرقابة‭ ‬الصحية‭.‬

ثانيا‭: ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬أصحاب‭ ‬الفرشات‭ ‬أو‭ ‬البسطات‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬البعض‭ ‬الذين‭ ‬يبيعون‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬وتتمركز‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬محددة‭ ‬وتبيع‭ ‬سواء‭ ‬الخضراوات‭ ‬والفواكه‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬المعلبات‭ ‬أو‭ ‬تبيع‭ ‬الأسماك‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬وتحت‭ ‬حرارة‭ ‬الشمس‭ ‬القاتلة‭ ‬وأغلب‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصدر‭ ‬مشروع‭ ‬للرزق،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬لا‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬رزق‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المواطنين‭ ‬وإنما‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مدروس‭ ‬ويضمن‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬وخاضع‭ ‬للرقابة‭ ‬مثل‭ ‬إنشاء‭ ‬مجموعة‭ ‬أسواق‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬وتكون‭ ‬أسواق‭ ‬مغطاة‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬وسائل‭ ‬النظافة‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬وكهرباء‭ ‬وثلاجات‭ ‬ورقابة‭ ‬صحية‭ ‬يومية‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤجر‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬فرشة‭ ‬من‭ ‬الفرشات‭  ‬المرخصة‭ ‬برسوم‭ ‬بسيطة‭ ‬تغطي‭ ‬كلفة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬لتجنب‭ ‬الفوضى‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬توقف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الفرشات‭ ‬للشراء‭ ‬بما‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الفرشات‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الطرقات،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬أن‭ ‬السماح‭ ‬ببيع‭ ‬الأسماك‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬يشكل‭ ‬خطورة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حساسية‭ ‬الأسماك‭ ‬واحتمال‭ ‬تعفنها‭ ‬وفسادها‭ ‬وبالتالي‭ ‬عدم‭ ‬صلاحيتها‭ ‬للاستهلاك‭ ‬الآدمي‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يستطيعون‭ ‬معرفة‭ ‬مدى‭ ‬صلاحية‭ ‬هذه‭ ‬الأسماك‭ ‬من‭ ‬عدمها‭. ‬وعليه‭ ‬تكون‭ ‬الخسارة‭ ‬خسارتين‭ ‬خسارة‭ ‬مادية‭ ‬وخسارة‭ ‬صحية،‭ ‬وقد‭ ‬تعرضت‭ ‬شخصيا‭ ‬لهذه‭ ‬الإشكالية‭ ‬عندما‭ ‬اشتريت‭ ‬الروبيان‭ ‬من‭ ‬أحدى‭ ‬الفرشات‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الطرقات،‭ ‬حيث‭ ‬اتضح‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬كمية‭ ‬فاسدة‭ ‬واضطررت‭ ‬إلى‭ ‬رميها‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬أنني‭ ‬اكتشفتها‭ ‬قبل‭ ‬الأكل‭.‬

إن‭ ‬البحرين‭ ‬كدولة‭ ‬حضارية‭ ‬متقدمة‭ ‬استطاعت‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬تنظيم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تقريبا‭ ‬فلا‭ ‬تترك‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬غير‭ ‬خاضع‭ ‬للرقابة‭ ‬والمتابعة،‭ ‬ولذلك‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا