تنامت في السنوات الماضية ظاهرة الباعة المتجولين أو الفرشات المنتشرة في مختلف مناطق البحرين في مدنها وقراها وبالقرب من الطرقات والشوارع أو من الدوارات وتزايد عددها ولا يخفى ما لتوسع هذه الظاهرة من نتائج سلبية على المجتمع وعلى صحة المواطنين والمقيمين.
ويمكن أن نتوقف في هذا الإطار عند نقطتين في إطار بيان المشكلات الناجمة عن هذه الظاهرة:
أولا: بالنسبة إلى الباعة المتجولين الذين يجوبون الطرقات والأحياء السكنية والفرجان الشعبية كل يوم فهؤلاء أغلبيتهم الساحقة من الوافدين الآسيويين الذين يبيعون في الغالب الخضراوات والفواكه ولا أحد يعلم مصادرها أو مدى خضوعها للرقابة من قبل الجهات المعنية ذات الصلة وهي تشكل في حد ذاتها خطرا على صحة الناس. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الجهات المختصة لمتابعة هؤلاء واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم فإن تكاثر وزيادة أعدادهم تجعل من الصعب السيطرة عليهم. وعلى الرغم من وجودهم على الطرقات وفي الأحياء والفرجان، وبالرغم من أن عددا لا بأس به من المواطنين والمقيمين يقبلون على الشراء من هؤلاء لانخفاض سعر ما يبيعونه من بضائع، فإن الحل الجذري للقضاء على هذه الظاهرة هو منع الجائلين من العمل العشوائي ومن دون رخصة، خوفا من أن تكون بضائعهم التي يبيعونها غير نظيفة وغير صحية.
إن الحملات التي تقوم بها الجهات المختصة من حين لآخر وهي حملات محمودة ومشكورة إلا أنها لا تكفي لمعالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها حيث يجب أن تتم معالجة هذا الوضع بشكل جذري، وخاصة أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الباعة الجائلين هم من العمالة غير النظامية، وقد يكون أغلبهم من العمالة المخالفة، مما يقتضي حلا جذريا لهذه الظاهرة للتخلص من هؤلاء الباعة الجائلين الذين يشكلون خطرا بما يبيعونه، حيث لا يعلم أحد مصدر هذه البضاعة وكيفية تخزينها ومكانها ومدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.
الجانب الثاني: بالنسبة إلى هذه الظاهرة الأولى التي تتعلق بمزاحمة ومنافسة المحلات المرخصة رسميا، والتي تدفع الضرائب للجهات المختصة في الدولة وتخضع للرقابة الصحية المستمرة وهذه المنافسة غير الشريفة تلحق الضرر بهذه المحلات التي تقدم خدمات نظامية، ولذلك فإن القضاء على ظاهرة الباعة الجائلين يحقق هدفين أساسيين هما: ضمان تنظيم عمل المؤسسات التجارية وحمايتها من المنافسة غير المشروعة وحماية صحة المواطنين والمقيمين بمنع بيع أي مواد أو سلع أو غيرها غير خاضعة للرقابة الصحية.
ثانيا: هناك أيضا أصحاب الفرشات أو البسطات كما يسميها البعض الذين يبيعون بشكل منتظم في الشوارع والطرقات وتتمركز في أماكن محددة وتبيع سواء الخضراوات والفواكه أو بعض المعلبات أو تبيع الأسماك بوجه خاص في هذه الشوارع وتحت حرارة الشمس القاتلة وأغلب الذين يعملون في القطاع هم من المواطنين الذين يبحثون عن مصدر مشروع للرزق، ولذلك فإن معالجة هذه الظاهرة لا تتمثل في القضاء على مصدر رزق مثل هؤلاء المواطنين وإنما تتمثل في تنظيم هذا القطاع على نحو مدروس ويضمن لهؤلاء الاستمرار في العمل، ولكن بشكل منتظم وخاضع للرقابة مثل إنشاء مجموعة أسواق صغيرة في كل منطقة وتكون أسواق مغطاة تتوافر فيها وسائل النظافة من مياه وكهرباء وثلاجات ورقابة صحية يومية ويمكن أن يؤجر المواطن البحريني فرشة من الفرشات المرخصة برسوم بسيطة تغطي كلفة الكهرباء والماء لتجنب الفوضى الناجمة عن توقف العديد من السيارات عند هذه الفرشات للشراء بما يشكل خطرا في كثير من الأحيان لأن هذه الفرشات غالبا ما تكون قريبة من الطرقات، كما لا يخفى أن السماح ببيع الأسماك في الشوارع يشكل خطورة كبيرة على صحة المواطنين والمقيمين بالنظر إلى حساسية الأسماك واحتمال تعفنها وفسادها وبالتالي عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي وخصوصا أن كثيرا من الناس لا يستطيعون معرفة مدى صلاحية هذه الأسماك من عدمها. وعليه تكون الخسارة خسارتين خسارة مادية وخسارة صحية، وقد تعرضت شخصيا لهذه الإشكالية عندما اشتريت الروبيان من أحدى الفرشات الموجودة على الطرقات، حيث اتضح فيما بعد أنها كانت كمية فاسدة واضطررت إلى رميها والحمد لله أنني اكتشفتها قبل الأكل.
إن البحرين كدولة حضارية متقدمة استطاعت منذ زمن بعيد تنظيم كل شيء تقريبا فلا تترك أي قطاع من القطاعات غير خاضع للرقابة والمتابعة، ولذلك نتطلع إلى القضاء على هذه الظاهرة حفاظا على صحة المواطنين والمقيمين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك