ما هو الاختيار أمام أي إنسان؟ الاختيار الأول بعد البقاء على قيد الحياة هو الحرية، كلما زادت الخيارات المتاحة لك، زادت الحرية لديك. كلما قلت الخيارات المتاحة لك، قلت الحرية لديك.
وفيما يتعلق بشراء المنتجات، كلما زادت الخيارات المتاحة لك، زادت الحرية التي تتمتع بها في شراء المنتجات. إذا قمت بإبعاد هذه الاختيارات وجعلتها خيارًا واحدًا، وهو ليس خيارًا على الإطلاق وهو في هذه الحالة التي نتحدث عنها عن مستقبل الوضع المالي والمصرفي في العالم فإن المطروح سيكون فقط (هو العملة الرقمية)، فما عليهم سوى التحكم في ذلك، للتحكم في القدرة الشرائية للجميع.
عندما ظهرت بطاقات الائتمان لأول مرة، كان لا يزال هناك قدر هائل من النقد المتداول وكانت هناك الكثير من المشتريات النقدية مستمرة في خلال تلك الفترة. انظر إلى الأمر الآن، المشتريات النقدية تتناقص يومًا بعد يوم. لماذا؟ هناك هذه العبارة التي تقول «اعرف النتيجة وانظر إلى الرحلة».
إذا كنت لا تعرف ما هو المخطط له والنتيجة النهائية (إلى أين سيتم نقلنا)، فإن كل شيء يبدو عشوائيًا. هذا يحدث، وذلك يحدث، إنهم يفعلون هذا، إنهم يفعلون ذلك، يبدو أنه لا يوجد نمط له ولا تنسيق له.
ولكن عندما تدرك إلى أين نسير، فإن ما يبدو عشوائيًا، يتخذ سلسلة واضحة من الخطوات نحو تلك النتيجة. من المخطط أن تكون تلك هي النتيجة المتوخاة أو المنتظرة، ونحن نتحرك بسرعة كبيرة في الوقت الحالي، عالم توجد فيه سلطة عالمية لن يتم انتخابها في نهاية المطاف، بل سيتم تعيينها من قبل التكنوقراطيين والبيروقراطيين، وما يسمونهم «الخبراء الطبيين»، والمهندسين والعاملين في مجال البرمجيات... وما إلى ذلك، وسوف يفرض ما يخططون له (من قبل السلطة العالمية) على كل مجتمع في العالم.
إذن ما الذي عليهم فعله للسيطرة على الناس؟ إذا كنت تتحكم في المال، يمكنك التحكم في ما يمكنك شراؤه وما لا يمكنك شراؤه، فعليًا في العالم الذي نعيش فيه، يعني التحكم في كل حياة الناس، من خلال ماذا؟ السيطرة على «اختياراتهم».
حتى الآونة الأخيرة، لدى المستهلك كان مازال القدرة على الدفع ببطاقته الائتمانية، أو تحويل أمواله من حساب إلى آخر، ذلك أن الملاذ الآمن العائش حتى الآن وهو النقد. ويمكنك الاحتفاظ بالنقود، ويمكنك استخدامها، ولا تعرف السلطات الشيء الكثير عن بعض التعاملات لأن الناس يتبادلون قطعًا من الورق.
من هذا المنطلق لا يمكن السيطرة على هذه التعاملات بالطريقة التي يريدون السيطرة عليها. إذا في ضوء ذلك ماذا يريدون؟
إنهم يريدون مجتمعًا غير نقدي ويريدون عملة إلكترونية عالمية واحدة، وأكثر من ذلك، يريدون عملة رقمية يتم التحكم في تعاملاتها، «يتحدث الاتحاد الأوروبي عن عملته الرقمية، ودول أخرى في جميع أنحاء العالم تفعل الشيء نفسه».
ماذا يعني ذلك؟ بمجرد نفاد النقود، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها الشراء ستكون هي العملة الرقمية. إن العملة الرقمية ليست فقط قابلة للتتبع أو متابعتها ومراقبتها بشكل كامل وكلي، بمعنى أن كل ما تشتريه، ستعرف عنه السلطات، ولكنها أيضًا قابلة للبرمجة، بمعنى أنها يمكن برمجتها بحيث لا تشتري ما لا تريد السلطات أن تشتريه وتلك مصيبة كبرى حتى أموالك لا يمكنك التحكم فيها ولا تعطيك القدرة على شراء ما تريده.. هل يمكن قبول ذلك أو حتى تصوره في خيال كل واحد منا؟
لذلك، على سبيل المثال، هذه العملة القابلة للبرمجة (CBDC)، إذا أراد شخص ما شراء أحد كتبي على سبيل المثال، فلا يمكن أن يكون ذلك نقدًا، لأن النقد سيختفي، لذلك يجب أن يكون ذلك بالعملة الرقمية (وهو بديل النقد). لكن إذا كانت مبرمجة على عدم شراء ذلك، فلن يتمكن أحد من شراء كتبي. يمكنك تطبيق ذلك عبر المجتمع في سيناريوهات مختلفة، كل الأشياء التي لا تريد السلطات أن يشتريها الناس أو يتمكنون من الوصول إليها، ستتم برمجتها بحيث لا يمكنك شراؤها.
وأحد الأشياء التي تظهر الآن على سبيل المثال وهو موضوع التغير المناخي الناجم عن «النشاط البشري» هو أن هناك شركات بطاقات ائتمان تقدم بطاقات تحمل ما يسمى بـ«حد شراء الكربون الخاص بك»، حتى تتمكن من استخدام شراء تلك الأشياء بالبطاقة، إلى الحد الذي يتبين فيه أن مشترياتك قد وصلت إلى مستوى معين من انبعاثات الكربون (لإنتاجها أو نقلها أو أي شيء آخر)، مما يعني أن لها بصمة كربونية، وقد خرقتها.
في هذه الحالة، لن تعمل هذه البطاقة لحماية «البيئة» حتى تحصل على مخصصك التالي في الفترة التالية المتاحة لك. تبحر في موقع المنتدى الاقتصادي العالمي وسترى العجائب هناك من هذه الخطط التي بات الحديث عنها على المكشوف.
لذلك، في حين أن النقد موجود، يمكنك استخدام أشياء أخرى مثل بطاقات الائتمان، وتطبيقات الدفع، ولا بأس بذلك لأنه لديك دائمًا احتياطي كاف من النقود. ولكن بمجرد نفاد الأموال النقدية في المجتمع الاقتصادي، يختفي الاختيار ويصبح لديك طريقة واحدة للشراء وهي ما سيتم السيطرة عليه.
{ كاتب بحريني
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك