العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

العودة إلى التخطيط الشخصي السنوي

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

قلنا‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬سابقة‭ ‬إن‭ ‬التخطيط‭ ‬الشخصي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعد‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬الفرد،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬أيًا‭ ‬كان‭ ‬حجمها،‭ ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الإداري‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الفرد‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬مخططه‭ ‬الشخصي‭ ‬والحياتي،‭ ‬فإن‭ ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مخططه‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬جيد،‭ ‬ولكن‭ ‬إن‭ ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬‭ ‬أيًا‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭ ‬‭ ‬فإنه‭ ‬عليه‭ ‬ألا‭ ‬ييأس‭ ‬وإنما‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬وأن‭ ‬يأخذ‭ ‬ورقة‭ ‬وقلما‭ ‬ويبدأ‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬للعام‭ ‬الجديد‭.‬

ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نلخص‭ ‬أهمية‭ ‬التخطيط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية؛‭ ‬يقول‭ ‬أحدهم‭:‬

كنت‭ ‬أسير‭ ‬في‭ ‬غابة،‭ ‬وإذا‭ ‬أمامي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬استوقفني‭ ‬أحدهم‭ ‬وقال‭: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الغابة؟‭ ‬فقلت‭: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تريدون‭ ‬الذهاب؟‭ ‬فقال‭: ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نصل‭. ‬قلت‭: ‬اذهبوا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭. ‬فقال‭ ‬ذلك‭ ‬الفرد‭: ‬وهل‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬سيوصلنا؟‭ ‬قلت‭: ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تصل،‭ ‬فكل‭ ‬الطرق‭ ‬سواء‭.‬

فالإنسان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخطط‭ ‬لحياته‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يذهب‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬التخطيط،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬النقطة‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبلغها،‭ ‬وفي‭ ‬الزمن‭ ‬الذي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تبلغه،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬النقطة،‭ ‬هكذا‭ ‬ببساطة‭.‬

إذن،‭ ‬كيف‭ ‬نخطط‭ ‬للعام‭ ‬القادم؟

أولاً‭: ‬دائمًا،‭ ‬عندما‭ ‬نبدأ‭ ‬التخطيط‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستخدم‭ ‬ورقة‭ ‬وقلما،‭ ‬وأن‭ ‬نمارس‭ (‬منهجية‭ ‬الشخابيط‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬نكتب‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬لنا،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬حدود،‭ ‬نكتب‭ ‬أهدافنا،‭ ‬ورغباتنا،‭ ‬وتطلعاتنا‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بالنا،‭ ‬وهذه‭ ‬الشخابيط‭ ‬وهي‭ ‬الأوراق‭ ‬الأولية‭ ‬التي‭ ‬نكتبها‭ ‬قبل‭ ‬المسودة‭ ‬الأولى،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ (‬شخابيط‭) ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬أحد‭ ‬إلا‭ ‬أنت‭ ‬فقط‭.‬

ثانيًا‭: ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الشخابيط‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬المسودة‭ ‬الأولى،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المسودة‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الشخابيط‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬بعض‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬أو‭ ‬الملامح‭ ‬الأولية‭ ‬للخطة‭ ‬السنوية،‭ ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬المسودة‭ ‬الأولى‭.  ‬

ثالثًا‭: ‬تحديد‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬تجاوزنا‭ ‬مرحلة‭ ‬العصف‭ ‬الذهني‭ ‬والشخابيط‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭: ‬ماذا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أحقق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬ولا‭ ‬نقصد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬أهدافنا،‭ ‬وإنما‭ ‬هنا‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬نحدد‭ ‬رغباتنا‭ ‬واحتياجاتنا‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هرم‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬نموذج‭ ‬آخر،‭ ‬مثل‭: ‬أريد‭ ‬تطوير‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الوظيفة،‭ ‬أو‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬أو‭ ‬أريد‭ ‬شراء‭ ‬سيارة‭ ‬أو‭ ‬منزل‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬مجرد‭ ‬تحديد‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان،‭ ‬أي‭ ‬ماذا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أحقق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬احتياج‭ ‬أو‭ ‬رغبة‭ ‬واحدة‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬وضع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاحتياجات‭ ‬ليصبح‭ ‬لديك‭ ‬عدة‭ ‬احتياجات‭ ‬وعلى‭ ‬أثر‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الخطة‭ ‬السنوية‭.‬

رابعًا‭: ‬تحديد‭ ‬الرسالة؛‭ ‬فالرسالة‭ ‬هي‭ ‬معتقدات‭ ‬الإنسان‭ ‬وقيمه‭ ‬وأولوياته‭ ‬والقواعد‭ ‬التي‭ ‬بناء‭ ‬عليها‭ ‬يتخذ‭ ‬قراراته،‭ ‬وهي‭ ‬تمثل‭ ‬الاتجاه‭ ‬الكلي‭ ‬للإنسان‭ ‬وتوضح‭ ‬رغباته‭ ‬والمعنى‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭. ‬ويحلو‭ ‬للبعض‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬المهمة‭ ‬أي‭ ‬مهمة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬دوره؛‭ ‬لماذا‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة؟‭ ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬بقائه‭ ‬في‭ ‬الوجود؟‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬يود‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فلكل‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يسأل‭ ‬نفسه‭ ‬ببساطة‭ ‬أو‭ ‬يسأل‭ ‬غيره‭: ‬ما‭ ‬رسالتي‭ ‬في‭ ‬الحياة؟‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬دوري‭ ‬في‭ ‬الحياة؟‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬مهمتي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة؟‭ ‬ما‭ ‬أهميتي‭ ‬في‭ ‬الحياة؟‭ ‬

والرسالة‭ ‬هي‭ ‬جملة‭ ‬مختصرة‭ ‬بمقصد‭ ‬الإنسان‭ ‬وغايته‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬فعادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬جملة‭ ‬عامة‭ ‬وطريق‭ ‬دائم،‭ ‬مثل‭: ‬

{‭ ‬أن‭ ‬أكوّن‭ ‬جوًا‭ ‬من‭ ‬الاستقرار‭ ‬والحب‭ ‬النفسي‭ ‬والعائلي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬

{‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬والرقي‭ ‬الفكري‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والمهني‭ ‬للمجتمع‭.‬

خامسًا‭: ‬تحديد‭ ‬الرؤية؛‭ ‬تعرف‭ ‬الرؤية‭ ‬أنها‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬نحلم‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬الحلم‭ ‬الذي‭ ‬نود‭ ‬تحقيقه‭ ‬أو‭ ‬بتعبير‭ ‬آخر‭ ‬هي‭ ‬حلم‭ ‬أكبر‭ ‬بقليل‭ ‬عن‭ ‬إمكاناتنا‭ ‬الحالية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬نود‭ ‬تحقيقه‭ (‬وهي‭ ‬حلم‭ ‬طامح‭ ‬وليس‭ ‬جامح‭). ‬وتعرف‭ ‬أيضًا‭ ‬أنها‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬التي‭ ‬نسعى‭ ‬لصنعها،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬نود‭ ‬الوصول‭ ‬إليه،‭ ‬ويجدها‭ ‬الآخرون‭ ‬أنها‭ ‬كلمة‭ ‬عامة‭ ‬للأهداف،‭ ‬لذلك‭ ‬تعرف‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أو‭ ‬الأهداف‭ ‬البعيدة‭ ‬المدى‭ ‬أو‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬نخطط‭ ‬له‭ ‬لنعمله‭ ‬غدًا‭ ‬أو‭ ‬الأسبوع‭ ‬القادم،‭ ‬أو‭ ‬الشهر‭ ‬أو‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭. ‬

وحتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬للرؤية‭ ‬فإننا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الرؤية‭ ‬هي‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭: ‬ماذا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أصنع‭ ‬في‭ ‬حياتي؟‭ ‬ما‭ ‬الصورة‭ ‬المستقبلية‭ ‬التي‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬عليها؟‭ ‬مثل‭: ‬

{‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أحيا‭ ‬حياة‭ ‬تتمركز‭ ‬حول‭ ‬قيمي‭ ‬بالتواصل‭ ‬والإبداع‭ ‬والمساهمة‭ ‬وأن‭ ‬أقدر‭ ‬مواطن‭ ‬القوة‭ ‬لدي‭. ‬

{‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬مدربة‭ ‬للعقول،‭ ‬كوني‭ ‬شخصية‭ ‬مؤثرة‭ ‬وبارعة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬والتفاوض‭ ‬ولدي‭ ‬روح‭ ‬الدعابة‭.‬

{‭ ‬أن‭ ‬أوازن‭ ‬بين‭ ‬حياتي‭ ‬العملية‭ ‬وحياتي‭ ‬الشخصية‭ ‬وأصنع‭ ‬لنفسي‭ ‬سمعة‭ ‬ممتازة‭ ‬وحسنة‭.‬

سادسًا‭: ‬تحديد‭ ‬الأهداف؛‭ ‬نصل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬الأهداف،‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬باختصار‭:‬

{‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إليه‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيقه‭.‬

{‭ ‬الموجه‭ ‬لسلوك‭ ‬الفرد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشبع‭ ‬الدافع،‭ ‬وإليه‭ ‬يتجه‭ ‬السلوك،‭ ‬ويكون‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬شيئًا‭ ‬خارجيا‭.‬

{‭ ‬النتيجة‭ ‬الحاسمة‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬إليها‭ ‬الفرد‭.‬

{‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬إنجازه،‭ ‬أو‭ ‬النتائج‭ ‬المحددة‭ ‬التي‭ ‬يُتوقع‭ ‬تحقيقها،‭ ‬أو‭ ‬الغايات‭ ‬المتوقعة‭ ‬من‭ ‬الفرد‭.‬

لذلك‭ ‬يجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬الهدف‭ ‬أنه‭ ‬يقود،‭ ‬ويوجه‭ ‬ويرشد‭ ‬السلوك‭ ‬الإرادي‭ ‬لغـرض‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المـسعى‭ ‬وتحقيقه،‭ ‬فلولا‭ ‬تلك‭ ‬القيادة،‭ ‬وذلك‭ ‬الإرشاد‭ ‬والتوجيه‭ ‬للفعل‭ ‬والحركة‭ ‬لانتاب‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬تعثرات،‭ ‬وفوضى‭ ‬ويصبح‭ ‬السلوك‭ ‬لا‭ ‬يحقق‭ ‬غاية‭ ‬مبتغاة‭ ‬المحددة،‭ ‬ويغدو‭ ‬النشاط‭ ‬وبذل‭ ‬المجهود‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬ويتساوى‭ ‬حينذاك‭ ‬النشاط‭ ‬وعدمه‭ ‬في‭ ‬القيمة،‭ ‬أو‭ ‬تصير‭ ‬العملية‭ ‬السلوكية‭ ‬آلية‭ ‬روتينية‭ ‬وتقليدية‭ ‬لا‭ ‬يرجى‭ ‬من‭ ‬نتائجها‭ ‬أية‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬بالإنسان‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬تطور‭ ‬فكري‭ ‬أو‭ ‬ثقافي،‭ ‬أو‭ ‬حضاري‭ ‬يذكر،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬طبعًا‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬الهادفة‭ ‬والمقصودة‭ ‬هي‭ ‬الاداة‭ ‬المرشحة‭ ‬والمتفق‭ ‬عليها‭ ‬بأنها‭ ‬الأفضل‭ ‬والأوثق‭ ‬للتغيير‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬للفرد‭ ‬وللجماعة‭ ‬وتخدم‭ ‬أغراض‭ ‬المجتمع‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يرام،‭ ‬مثال‭ ‬للأهداف‭:‬

{‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭.‬

{‭ ‬قراءة‭ ‬4‭ ‬صفحات‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فرض‭ ‬يوميًا‭.‬

{‭ ‬ممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬المشي‭ ‬30‭ ‬دقيقة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬8‭ ‬والـ8‭:‬30‭ ‬صباحًا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬اثنين‭ ‬والأربعاء‭ ‬طوال‭ ‬العام‭.‬

سابعًا‭: ‬وضع‭ ‬الخطة؛‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬قمنا‭ ‬بتحديد‭ ‬الأمور‭ ‬النظرية‭ ‬كلها،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحول‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬والأهداف‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬عملية،‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬فمثلاً؛‭ ‬كان‭ ‬هدفي‭: ‬تنمية‭ ‬العلاقات‭ ‬الأسرية‭ (‬أسرتي‭ ‬الصغيرة‭)‬،‭ ‬حسنٌ،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكنني‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف؟

نقسم‭ ‬الخطة‭ ‬إلى‭ ‬مهام،‭ ‬مثلاً‭: ‬

{‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬مع‭ ‬الأولاد؟

{‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬مع‭ ‬زوجتي‭ ‬أو‭ ‬زوجي؟

{‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬مع‭ ‬البيت؟

ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬حدد‭ ‬لكل‭ ‬فئة‭ ‬ماذا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفعل،‭ ‬فمثلاً‭:‬

{‭ ‬الأولاد‭: ‬أجلس‭ ‬معهم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الساعة‭ ‬الخامسة‭ ‬مساءً‭ ‬إلى‭ ‬السابعة‭ ‬للمذاكرة‭ ‬وتطوير‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬لديهم‭. ‬ويمكن‭ ‬كذلك،‭ ‬أخرج‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬‭ ‬لنقل‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬‭ ‬للترويح‭ ‬عن‭ ‬النفس‭. ‬ويمكن‭ ‬مثلاً‭: ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬الفلانية‭. ‬وهكذا‭.‬

{‭ ‬الزوجة‭ ‬أو‭ ‬الزوج‭: ‬الخروج‭ ‬مع‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬خميس‭ ‬لتناول‭ ‬العشاء‭. ‬قضاء‭ ‬عصر‭ ‬كل‭ ‬أربعاء‭ ‬معه‭ ‬أو‭ ‬معها‭ ‬حتى‭ ‬صلاة‭ ‬العشاء،‭ ‬نشرب‭ ‬الشاي‭ ‬ونتكلم‭.‬

وهكذا‭ ‬يمكن‭ ‬تقسيم‭ ‬الحياة،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تواجهنا‭ ‬بعض‭ ‬المعضلات‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭ ‬يمكن‭ ‬تعديلها‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬نرغب‭ ‬وحسب‭ ‬الظروف‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭.‬

وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أمور‭ ‬وأهداف‭ ‬أخرى،‭ ‬مثلاً‭:‬

{‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتخرج‭ ‬من‭ ‬الثانوية‭ ‬العامة،‭ ‬البكالوريوس،‭ ‬الماجستير،‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬كيف‭ ‬يمكنني‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك؟‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل؟‭ ‬وكم‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬التي‭ ‬أحتاجها‭ ‬لإنجاز‭ ‬ذلك؟

{‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أرتقي‭ ‬في‭ ‬وظيفتي،‭ ‬ماذا‭ ‬وكيف‭ ‬أفعل؟

{‭ ‬أريد‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬شراء‭ ‬منزل‭ ‬العمر،‭ ‬ماذا‭ ‬أحتاج‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف؟

ومن‭ ‬الذكاء‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هدف،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬فإنه‭ ‬يمكنك‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الآخر،‭ ‬والأهداف‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬يمكن‭ ‬تأجيلها‭ ‬للعام‭ ‬القادم،‭ ‬مع‭ ‬بذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الجهد‭.‬

ولكن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭:‬

{‭ ‬تكون‭ ‬خطتك‭ ‬مكتوبة‭ ‬على‭ ‬ورق‭.‬

{‭ ‬معلقة‭ ‬على‭ ‬الجدار‭ ‬بحيث‭ ‬تراها‭ ‬كلما‭ ‬غدوت‭ ‬أو‭ ‬رجعت‭.‬

{‭ ‬تراجع‭ ‬الخطة‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬وتتأكد‭ ‬أنك‭ ‬تسير‭ ‬وفق‭ ‬الخطة‭.‬

{‭ ‬قيمّ‭ ‬خطواتك،‭ ‬ولكن‭ ‬حاول‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭ ‬ألا‭ ‬تحيد‭ ‬عن‭ ‬الخطة‭ ‬إلا‭ ‬للضرورة‭ ‬القصوى‭.‬

{‭ ‬يمكن‭ ‬تأجيل‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬الخطة،‭ ‬أو‭ ‬يمكن‭ ‬إن‭ ‬استجدت‭ ‬أمور‭ ‬غير‭ ‬عاجلة‭ ‬تأجيل‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬السنة‭ ‬القادمة‭ ‬ومع‭ ‬الخطة‭ ‬القادمة‭. ‬ولكن‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬ضرورة‭ ‬قصوى‭ ‬يمكنك‭ ‬تعديل‭ ‬الخطة‭ ‬بأقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭.‬

{‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬قم‭ ‬بتقييم‭ ‬الخطة‭ ‬والإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬فعلها،‭ ‬احتفل‭ ‬بالنجاحات‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬صغيرة،‭ ‬أو‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬إنجازها‭ ‬فيمكن‭ ‬ترحيلها‭ ‬للعام‭ ‬القادم‭.‬

هذه‭ ‬ملامح‭ ‬سريعة‭ ‬لوضع‭ ‬مخطط‭ ‬بسيط،‭ ‬ولكل‭ ‬مخطط‭ ‬تفريعات‭ ‬وتفصيلات‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬الخوض‭ ‬فيها،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للمرء‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬العشوائية‭ ‬التي‭ ‬نمارسها‭ ‬بصورة‭ ‬دائمة‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا