عندما أرادت الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية جر روسيا الاتحادية إلى حرب مع أوكرانيا هذه الحرب التي تقترب من عامها الثالث رغم المحاولات الروسية ورغم الخيارات العديدة التي طرحتها لحل مشكلة الدونباس ذات الأغلبية الروسية والتي تتعرض لحملة شرسة وحرب إبادة منذ عام 2014 من قبل نظام كييف ورغم الدعوات الروسية للتفاهم والوصول إلى توافقات لحل الأزمة وفق اتفاقيات مينسك 1 لعام 2014 ومينسك 2 لعام 2015 التي تم توقيعها بين روسيا الاتحادية وجمهورية أوكرانيا برعاية فرنسية وألمانية عمدت إلى تقديم مختلف المساعدات العسكرية والسياسية والمالية لكييف ومع بداية الحرب فرضت عقوبات سياسية واقتصادية وتجارية ومالية تجاوزت 7000 عقوبة شملت كل القطاعات حتى الثقافة والرياضة والفن والموسيقى لم تسلم من هذه العقوبات التي لم يشهد العالم في تاريخه القديم والحديث في محاولة لعزل روسيا على المستوى العالمي.
إلا أنه مع اقتراب هذه الحرب من عامها الثالث كما أسلفنا وتمكن روسيا الاتحادية من الصمود وفشل الهجوم الأوكراني الذي طبل له الغرب على روسيا ونجاح الجيش الروسي في صد كل المحاولات الأوكرانية وتغير ميزان القوى لصالح روسيا الاتحادية وبروز مؤشرات تشير إلى قرب خسارة أوكرانيا لهذه الحرب رغم الدعم والمساعدات التي قدمتها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا والتي علق عليها الغرب آمالا لإلحاق الهزيمة بروسيا فإن الموقف الغربي من الحرب الأوكرانية بدأ في التغير في اتجاه تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا وبالتالي رفع يدها عن أوكرانيا وتركها تواجه مصيرها وحدها بعد إن دمرت هذه الحرب البنية التحتية وخربت وهدمت العديد من المدن في الأقاليم الشرقية من البلاد وتسويتها مع الأرض مما يتطلب زمنا ووقتا طويلا وميزانيات ضخمة لإعادة البناء في ظل عدم توفر الإمكانيات المالية للدولة الأوكرانية وهكذا وجد الرئيس الأوكراني نفسه وحيدا يواجه هو وشعبه الجيش الروسي المسلح تسليحا حديثا ومزود بتقنية عالية في معركة غير متكافئة في حرب حصدت أرواح مئات الآلاف من الشعب الأوكراني أغلبهم من الشباب في عمر الزهور مما تسبب في معاناة لأسرهم وأهاليهم إذا عرفنا إن أغلب الأسر الأوكرانية لديها طفل أو طفلان بالكثير.
لقد كانت الزيارة الأخيرة للرئيس الأوكراني للولايات المتحدة الأمريكية والفتور الذي استقبل به من قبل أعضاء الكونجرس ورفض الكونجرس تقديم مساعدات إضافية إلى أوكرانيا رغم محاولات الرئيس جو بايدن لإقناع الكونجرس بتمرير قرار تقديم مساعدات جديدة إلى كييف لتتمكن من مواصلة حربها ضد روسيا في حين وافق على زيادة المساعدات إلى إسرائيل لدعمها في حرب غزة ضد حركة حماس أول مؤشرات هذا التحول في الموقف الغربي حيث غادر الولايات المتحدة الأمريكية صفر اليدين كما يقال ولم تحقق الزيارة أيا من مطالبه بعكس زياراته السابقة التي استقبل فيها بترحيب حار من قبل أعضاء مجلسي النواب والشيوخ ولاقى كل الدعم والمساندة في إشارة إلى أن المسألة الأوكرانية لم تعد تثير اهتمام المواطن الأمريكي كما هو الحال في بداية الحرب حيث تشير استطلاعات الرأي أن نسبة كبيرة من المواطنين الأمريكان لم يجدوا جدوى في تمويل الحرب من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية وعليه بدأت الضغوطات تتزايد من جانب الجمهوريين للتقليل من الدعم المخصص لأوكرانيا.
أما بالنسبة إلى الدول الأوروبية فإن الموقف لم يكن أفضل من الموقف الأمريكي حيث إن العديد من الدول قد بدأت أعادت النظر في مسالة تقديم المساعدات لكييف بسبب تراجع المخزون من الذخيرة في مخازن السلاح الأوروبية وزيادة التكلفة في ظل التضخم الذي تشهده أغلب الدول الأوروبية بسب هذه الحرب والتي وصلت إلى مستويات قياسية تجاوز 7% وارتفاع نسبة البطالة ونتيجة للضغط الشعبي على الحكومات للحد من مساعدة أوكرانيا والدعوات إلى حوار مع روسيا لإنهاء الحرب.
هذا بعكس الموقف الروسي الذي عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحفي السنوي في موسكو مؤخرا عندما أكد أن السلام مع أوكرانيا ممكن ولكن في حالة واحدة فقط بعد تحقيق موسكو لأهدافها التي لم تتغير منذ بدء الحملة العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في فبراير من عام 2021 وهو استئصال النازية ونزع سلاح أوكرانيا وحياديتها وإن روسيا قادرة على تحقيق ذلك وهي ماضية إلى الأمام لتحقيق هذه الأهداف رغم العقوبات الاقتصادية الغربية ورغم العزلة السياسية التي تواجهها وذلك بفضل الصمود الروسي اقتصاديا وماليا وتماسك المجتمع الروسي والقدرات المتزايدة للجيش الروسي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك