القراء الأعزاء،
في ديسمبر يحضر ويتجسّد الفرح في تفاصيل كثيرة صغيرة وكبيرة، ويبقى هذا الشهر للبحرينيين رمزاً لفرحة الوطن وأعياده، والفرح يُحاط دائماً بمظاهر معينة للاحتفال به كأضواء الزينة والألعاب النارية والفعاليات المختلفة هنا وهناك، والتي تقيمها المؤسسات الرسمية والأهلية وأحياناً الأسر نفسها، فالكل يظهر فرحته بأسلوبه وطريقته.
ومن أبرز الفعاليات الرسمية المرتبطة بأعياد الوطن تلك التي تنظمها هيئة البحرين للثقافة والآثار للعام الثاني على التوالي بالتعاون مع مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث وجهات أخرى، وهي فعالية (ليالي المحرق)، تلك الفعالية التي أسهمت إلى حد كبير في ابراز العمق التاريخي للمحرق كنموذج مُصغّر للبحرين الأم، وعلى البُعد الإنساني القائم على أسمى مبادئ التعايش والتسامح لمدينة المحرق، عراقة ثقافتها بتنوعها (المأكولات الشعبية، ثقافة المباني وارتباطها بالهوية، الفنون الشعبية، والرقصات الشعبية الحرف اليدوية المختلفة النسائية والرجالية، الفنون المعاصرة، تاريخ المدينة كعاصمة قديمة للحكم، ولمهنة الغوص وكمدينة الأوائل في التعليم والتمريض والقائمة تطول ولا تنتهي)، وبالتالي فقد حققت أهدافا متعددة في وقت واحد، حيث عرّفت الجمهور بتاريخ مدينة المحرق، كما بثّت السعادة فيهم من خلال الأجواء الاحتفالية، حرّكت اقتصاد المنطقة ولا سيما الأسر المنتجة وتركت بصمة لا تنسى في ذاكرة الزائرين من أبناء الوطن كبيرهم وصغيرهم، فأيقظت في الكبار ذكريات الأمس وأضافت للذاكرة ومن خارج الوطن.
وقد حظيت الخميس الماضي بفرصة لزيارة ليالي المحرق ضمن جولة جميلة نظّمها الشيخ صلاح الجودر عضو مركز الملك حمد العالمي للتعايش والتسامح لمجموعة من الأصدقاء ضمت أعضاء من أكثر من دولة عربية وأجنبية، ووجدت أن فعالية ليالي المحرق، على الرغم من أنها ليست حفلا غنائيا لفنان كبير أو حدث رياضي مهم أو غيرهما من المناسبات المهمة التي تجتذب المهتمين والمعجبين من خارج البحرين، إلا أنها استطاعت ببساطتها واقترابها من الواقع البحريني الأصيل والعريق أن تجتذب الضيوف من دول الجوار لحرصهم على التجوّل في الفعاليات المتعددة التي تضمنها برنامج ليالي المحرق، والتي تنوعت بين تقديم مجموعة من الفرق الشعبية التي تقدم كل منها نوعاً معيناً من الفنون المتعددة، المأكولات الشعبية التي تُطهى في الموقع من قبل الأسر المنتجة، بجانب المنتجات المختلفة الأخرى التي تميزت بإنتاجها الأسر المنتجة البحرينية، العروض الفنية من فنون تشكيلية وصناعات يدوية بأياد بحرينية موهوبة جداً، البعض منها يستحق الوصول إلى العالمية.
ولربما يكون من الصعب التطرق إلى كل التفاصيل الجميلة في ليالي المحرق، ولكن في رأيي أن أبرز ما يميزها هو أن هذه الفعاليات تأخذ ضيوفها على (مسار اللؤلؤ) ذلك المشروع الذي سيبقى شاهداً على تاريخ البحرين الاقتصادي والذي تم إدراجه على قائمة التراث الإنساني العالمي، بفضل جهود الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة هيئة البحرين للثقافة والآثار السابقة والتي حفظت من خلاله الكثير من المباني التراثية التي كانت في طريقها إلى الزوال لمواكبة البناء الحديث.
فشكراً كل الشكر لهيئة البحرين للثقافة والآثار، على رأسها الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس الهيئة، والشكر موصول لوزارة البلديات وللبلديات ولكل جهة رسمية أو أهلية اجتهدت لرسم ابتسامة على وجوه المواطنين والمقيمين ولجعل أعياد البحرين فرحة تستقر في القلوب على أمل احيائها في عام قادم.
حفظ الله البحرين وقيادتها وشعبها ودامت أعيادك يا وطن، والتي لا تكتمل إلا برفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام والدنا صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم، وإلى مقام صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وإلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس الوزراء ولي العهد الأمين، وإلى كل الشعب البحريني النبيل.
وبقي فقط أن يتغنّى الشعر بالمحرق الجميلة:
حلا محرّق، سعادة وفرحةٍ للعين
في كل قِرنه وفي كل حارة وما بين وبين
حلاها راحةٍ للعين
مدينة بالشعر ترقى وملاذٍ للفكر تبقى
وبها ورّق عشق أخضر وظلّت رمز المحبين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك