من العوامل المهمة في انتعاش الحركة الاقتصادية العقارية هي التداولات العقارية. وهذه التداولات ترتبط بشكل وثيق بفئة مهمة هي الفئة المقترضة من البنوك والمصارف لشراء العقارات.
بالطبع كان من الواضح أن اتجاه البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم الى رفع أسعار الفائدة عدة مرات متتالية منذ بداية عام 2022، حيث رفعت أسعار الفائدة من مستويات قريبة من 1% إلى 5% بهدف تهدئة شبح التضخم المرتفع الذي بات خطرا يهدد الاقتصاديات التي بدأت تتعافى بعد الجائحة، أدى ذلك إلى عزوف العديد من المقترضين والمستثمرين العقاريين عن الاستثمار العقاري بسبب التردد عن الاقتراض.
علما بان سعر الفائدة القياسي في مستواه الحالي هو الأعلى منذ عام 2001 في الولايات المتحدة أو 2008 في المملكة المتحدة، وأعلى مستوى قياسي في الاتحاد الأوروبي. لذلك فإن الانعكاسات السلبية واضحة ومباشرة في حركة انخفاض عمليات البيع والشراء، وبالمقابل ارتفاع قيمة إيجارات الفنادق والشقق والمحلات وغيرها.
وعدا عن تراجع حتى مشاريع التطوير العقاري في بعض المناطق، خلقت هذه الزيادات في نسب الفوائد تحديات أخرى مختلفة بما في ذلك ضغوطات تصاعدية على ميزانيات الأفراد والاسر وزيادة مصروفات بطاقات الائتمان والرهون العقارية والقروض الاستهلاكية وغيرها. وأسهمت أسعار الفائدة المرتفعة في خلق تحديات وضغوطات على البنوك نفسها مع تراجع القروض خاصة العقارية، لاسيما مع التخوف من ان يتبع التضخم ركود اقتصادي وضعف في السيولة النقدية واتجاه الكثير من الافراد الى الودائع المصرفية بدل الاستثمارات العقارية في هذه المرحلة، وهذا ما يجعل الكثير من البنوك تتردد او تضع ضوابط أكبر عند منح القروض.
وبالتالي، فإن رفع اسعار الفائدة وكابوس التضخم كانا اشبه بكابوس أدى إلى تقليص قدرة المستهلكين على الشراء.
الامر المؤكد انه في مرحلة معينة سوف تتحول البنوك المركزية من وضع مكافحة التضخم إلى البدء بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى. وحتى لو لم تكن هذه المرحلة قريبة فإنه من المتوقع يشهد منتصف العام القادم بعض الانخفاض في اسعار الفائدة نتيجة التراجع التدريجي في نسب التضخم.
نأمل ان يشهد عام 2024 انخفاضا في أسعار الفائدة على القروض العقارية في الأسواق العالمية والإقليمية والمحلية، وان ينعكس ذلك مباشرة وبشكل إيجابي على المشاريع العقارية والبناء والنهضة العمرانية خاصة في مملكتنا الغالية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك