شكلت فجيعة وفاة حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة رحمه الله خسارة كبيرة للأمتين العربية والإسلامية وللدول الصديقة، فبرحيله خسر العالم شخصية وطنية لها مكانتها المرموقة على الساحة الدولية بفضل الجهود التي بذلها الراحل الكبير في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار في الإقليم والعالم وإسهاماته في حل الخلافات بين الدول وتجسيد قيم ومبادئ الأمم المتحدة التي تدعو إلى السلام والمحبة ونبذ الخلافات ومنع الحروب وعدم استخدام القوة في العلاقات بين الدول، فكان هذا المصاب الجلل برحيل سمو الشيخ نواف الأحمد رحمه الله صعبا علينا جميعا حيث عم الحزن في كل مكان فنحن في البحرين ومنذ لحظة إعلان خبر وفاته آلمنا الخبر وعبر الناس عن حزنهم الشديد في مدن وقرى البحرين متضرعين إلى المولى العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، مؤكدين وقوف البحرين حكومة وشعبا إلى جانب دولة الكويت الشقيقة في هذه الظروف الصعبة المتمثلة في وفاة الراحل الكبير.
بدأ الشيخ نواف الأحمد الصباح رحمه الله حياته السياسية منذ نيل دولة الكويت استقلالها في عام 1962 عندما تولى منصب محافظ حولي على مدار ستة عشر عاما بعدها انيطت إليه حقيبة وزارة الداخلية في عام 1978 وفي عام 1988 عين وزيرا للدفاع، حيث شهدت الكويت خلال توليه هذا المنصب مرحلة من أصعب المراحل في تاريخ الكويت الحديث والمتمثلة في الغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990، حيث قاد الراحل الكبير وزارة الدفاع خلال فترة الغزو العراقي بكل كفاءة واقتدار من خلال تشكيل تحالف دولي ضم العديد من الدول الشقيقة والصديقة في تضامن منقطع النظير دعما للشرعية الكويتية انتهى بخروج القوات العراقية من دولة الكويت واستعادة الدولة الشقيقة شرعيتها وسيادتها.
وبعد التحرير وإعادة الحياة إلى طبيعتها وعودة الشعب الكويتي إلى بلاده وانتهاء المحنة تم تشكيل أول حكومة كويتية بعد التحرير، حيث أسندت حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح رحمه الله، وفي عام 1994 تم تعيينه نائبا لرئيس الحرس الوطني حتى عام 2003 عندما تم تعيينه من جديد وزيرا للداخلية وفي عام 2005 تمت تزكيته وليا للعهد بعد أن تولى المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم.
وفي عام 2020 تولي مقاليد الحكم في البلاد وأصبح أميرا لدولة الكويت خلفا لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في ظل تحديات تواجهها البلاد بسبب الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتحدي وباء كورونا الذي كلف العالم الكثير ماديا واقتصاديا وبشريا، حيث استطاعت الكويت بفضل قيادته الحكيمة ونظرته الثاقبة تجاوز كل هذه التحديات والحمد لله.
وعلى المستوى الدولي كان للوساطة الكويتية التي قادها سمو الشيخ نواف الأحمد رحمه الله نتائج إيجابية في حل الخلافات الإقليمية وإعادة الثقة وأسهمت في تحسين العلاقات بين دول الإقليم.
وعلى صعيد السياسة الخارجية واصل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح نهج سلفه الشيخ صباح الأحمد كثابت من ثوابت السياسة الخارجية الكويتية القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول مع مراعاة المصالح الكويتية.
ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نتقدم بتعازينا الحارة لأسرة آل صباح الكرام وللكويت الشقيقة حكومة وشعبا بخالص التعازي والمواساة بهذا المصاب الجلل وأن ما يطمئننا على مستقبل دولة الكويت الشقيقة ما رأيناه وشاهدناه من انتقال سلس وسريع للسلطة من خلال الاحتكام للدستور الكويتي والمادة المتعلقة بتوارث الإمارة وبمباركة أسرة آل صباح وبموافقة مجلس الأمة وتأييد الشعب الكويتي الشقيق، وإننا على يقين بأن صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت هو خير خلف لخير سلف وسوف يواصل النهج الكويتي الذي سار عليه أسلافه من حكام الكويت منذ نشأة الدولة الكويتية الحديثة.
تغمد الله الراحل الكبير بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والأبرار، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك