عاشت مملكة البحرين يوم السبت الماضي أجواء احتفالية بمناسبة الأعياد الوطنية المجيدة، الموافقة للسادس عشر والسابع عشر من ديسمبر في كل عام. حيث تنتشر مظاهر الاحتفالات في كل شوارع المملكة، وتحتفل البعثات الدبلوماسية البحرينية أيضاً في مختلف الدول بهذه اللحظات الوطنية.
إن المناسبات الوطنية التي تعيشها مملكة البحرين تحمل قيمة خاصة في قلوب جميع المواطنين. يُستحضر فيها الجهود الجبارة التي بذلها رجالات الوطن، الذين قاموا ببناء ووضع أسس الرخاء والتقدم، ورسخوا مبادئ النهضة والتنمية. فالمسيرة التنموية الشاملة بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله مستمرة بفضل رؤيته الحكيمة وتوجيهاته السديدة، وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله.
إن الإنجازات البارزة التي تم تحقيقها هي نتيجة للتفوق والسعي المستمر نحو تحقيق التطلعات المستقبلية والأهداف المرجوة في إطار دولة مدنية ديمقراطية تتضافر فيها جهود الدولة وإخلاص الشعب والتفافه حول قيادته والالتزام بالدستور وميثاق العمل الوطني، والتعاون البناء بين السلطة التشريعية والتنفيذية في ظل قيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قائد مسيرة التطوير والتقدّم.
تحتفل البحرين بأعيادها الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر بذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة والذكرى الـ 52 لانضمامها إلى الأمم المتحدة دولة كاملة العضوية، والـ 24 لتسلم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله مقاليد الحكم في البلاد.
وكل هذه الاحتفالات تأتي بعد إنجازات استثنائية حققتها المملكة على كل الأصعدة وضمن منهجية عمل حكومي استثنائي تعمل على ترسيخ مبادئ الاستدامة، والتنافسية، والعدالة، وتعزيز مكانة المملكة في الريادة والابتكار في المجالات كافة مع العمل وفق أولويات رفع المستوى المعيشي للمواطنين بما يحافظ على مكتسباتهم، والعدالة والأمن والاستقرار، والتعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة، وتقديم خدمات حكومية ذات جودة وتنافسية.
لقد حققت مملكة البحرين إنجازات تنموية وحضارية متقدّمة منذ عام 1971، حيث بدأت البحرين عهدًا جديدًا من الإصلاح والتنمية الشاملة والمستدامة مع تولي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في عام 1999. فقد تم إطلاق ميثاق العمل الوطني في فبراير 2001 بتوافق 98.4% من الشعب البحريني، وتم إجراء تعديلات دستورية، مما أدى إلى تعزيز الملكية الدستورية في مناخ يسوده الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين المواطنين.
وقد نجحت مملكة البحرين في التغلب على تحدياتها الاقتصادية، نتيجة للنهج الحكيم في استغلال مواردها البشرية، وذلك رغم تحديات محدودية الموارد الطبيعية وارتفاع الكثافة السكانية. وانطلاقا من مبدأ أن الإنسان هو أغلى الموارد وأهم ثروة للوطن، حققت المملكة إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية وثقافية، متسقة مع مسار الإصلاح والتنمية. يتمثل هذا في إطار الرؤية الاقتصادية 2030، حيث تعكس المملكة التزامها القوي بتحقيق التقدم والتطور في مختلف المجالات.
وتستمر المملكة في مسيرتها للإصلاح السياسي والدستوري وفقًا للدستور وميثاق العمل الوطني، في إطار مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، بوجود قضاء نزيه ومستقل، وممارسة البرلمان بجناحيه النواب والشورى مهامه التشريعية والرقابية، بعد إجراء الانتخابات النيابية والبلدية.
إنجازات عام 2023
لقد تمكّنت مملكة البحرين مع قرب نهاية عام 2023، من تحقيق نجاحات وإنجازات على كل الأصعدة وفي شتى المجالات، بفضل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وبتوجيه ومتابعة ورعاية واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه.
فقد تمكّنت المملكة أن تتصدر المؤشرات العالمية في عدة قطاعات ومجالات بسبب التطورات الاقتصادية الملحوظة، بالإضافة إلى تعديل الوكالات الاقتصادية العالمية نظرتها للاقتصاد البحريني، من اقتصاد مستقر إلى اقتصاد إيجابي، حيث حظي الاقتصاد البحريني بإشادات وشهادات عالمية لما حققته البحرين من نمو اقتصادي ملحوظ وبسبب ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد وكذلك التقدم في مؤشرات التنمية البشرية.
وعلى صعيد الابتكار فقد تقدمت مملكة البحرين بخمس مراتب في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023، الذي صدر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية. حيث احتلت المملكة المرتبة 67 على مستوى العالم من بين 132 دولة، وتقدمت إلى المرتبة التاسعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتواصل البحرين تحقيق إنجازات في مؤشر الابتكار العالمي، حيث حصلت في عام 2023 على المرتبة 67 عالمياً، في حين كانت في عام 2022 في المرتبة 72 وفي عام 2021 في المرتبة 78.
ويقيم المؤشر الدول استناداً إلى عدة معايير مهمة لقياس مستوى الابتكار. وقد حققت البحرين المرتبة 28 عالمياً فيما يتعلق بالمؤسسات، وصعدت إلى المركز 77 في رأس المال البشري. واحتلت المملكة المرتبة 74 عالمياً فيما يتعلق بمخرجات المعرفة والتكنولوجيا، واحتلت مركزا متقدما في المخرجات الإبداعية.
وشهدت الرياضة البحرينية خلال العام الحالي ومع احتفالات المملكة بالأعياد الوطنية المجيدة إنجازات تاريخية في مختلف الألعاب والأنشطة. ويبرز في ساحة الإنجازات تحقيق سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، وفريق المملكة للقدرة، المركز الأول ببطولة العالم لسباقات القدرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث حقق سموه هذا الإنجاز الرائع في سباق يمثل ست وثلاثين دولة حول العالم، و شارك فيه مئة وستة عشرون فارسًا وفارسة، محققًا المركز الأول عالميًا في التصنيف الدولي لرياضة القدرة.
وتألقت المملكة أيضًا في دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة التي أقيمت في هانغتشو، بالصين، حيث حققت أفضل مشاركة لها في تاريخ الألعاب الآسيوية. حيث جاءت المملكة في المركز التاسع في جدول الميداليات وكانت الأولى عربيًا. وحازت اثنتي عشرة ميدالية ذهبية وثلاث ميداليات فضية وخمس ميداليات برونزية في مختلف الرياضات، مما أضاف إنجازات لافتة إلى رصيد الرياضة البحرينية.
وفي دورة الألعاب العربية الخامسة عشرة التي أُقيمت بالجزائر، حققت مملكة البحرين إنجازًا تاريخيًا بفضل أبطالها في مختلف الرياضات. جاءت المملكة في المركز الأول خليجيًا والرابع عربيًا في جدول الترتيب العام للميداليات، حيث حصلت على مجموع قدره اثنتان وأربعون ميدالية ملونة، منها تسع عشرة ميدالية ذهبية وإحدى عشرة ميدالية فضية واثنتا عشرة ميدالية برونزية.
وأمّا على الصعيد السياسي فإن المملكة تتسم باعتماد سياسة خارجية حكيمة وعقلانية تعزز الأمن والسلم الدوليين، محترمة سيادة الدول الأخرى وتعزز قيم التعاون والتفاهم الدولي. كما تسعى المملكة إلى دعم الحلول السلمية للمنازعات الإقليمية والدولية، وتعزز التفاهم والحوار كوسيلة لتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نشيد بالإنجازات العظيمة التي حققتها المملكة في كل المجالات، ونثمن المسيرة المبدعة التي تسلكها نحو المستقبل بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله. إن نمو البحرين الشامل وتقدمها المستمر في مختلف الميادين يعكسان رؤية جلالته الحكيمة والجهود الجادة المبذولة لتحقيق الاستدامة والازدهار. لذا، يحق لنا أن ونحن نحتفل بالأعياد الوطنية للبحرين أن نفخر بما وصلنا إليه من نمو وتقدّم ونتطلع بفخر إلى مستقبل مشرق يحمل في طياته المزيد من الإنجازات.
{ أكاديمي متخصص في العلوم
الشرعية وتنمية الموارد البشرية
Dr.MohamedFaris@yahoo.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك