العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

جرائم إسرائيل في قتل المثقفين والشعراء والصحفيين في غزة

بقلم: د. رمزي بارود {

الاثنين ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

إن‭ ‬ما‭ ‬يرتكب‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬سيجد‭ ‬مكانه‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ -‬إنها‭ ‬قصة‭ ‬ملحمية‭ ‬لشعب‭ ‬صغير‭ ‬يرزح‭ ‬تحت‭ ‬حصار‭ ‬وحشي‭ ‬طويل‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬القوى‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬شعب‭ ‬يأبى‭ ‬الهزيمة‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حتى‭ ‬مقارنة‭ ‬المثابرة‭ ‬الأسطورية‭ ‬لشخصيات‭ ‬ليو‭ ‬تولستوي‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬والسلام‮»‬‭ ‬ببطولة‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬بينما‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬الكارثة،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬اليوم‭.‬

ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬بالفعل‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للسكن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‭ (‬الأونكتاد‭) ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬فكيف‭ ‬يمكنها‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬وخاصة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الهمجية‭ ‬وغير‭ ‬المسبوقة،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م؟‭!‬

‮«‬لقد‭ ‬أمرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بفرض‭ ‬حصار‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭ ‬‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭: ‬‮«‬لن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬طعام‭ ‬ولا‭ ‬وقود،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مغلق‮»‬‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬ارتكبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬تضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭.‬

وقال‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ (‬أوتشا‭) ‬في‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023م‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مكان‭ ‬آمن،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الأمور‭ ‬أسوأ‭ ‬بكثير‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭.‬

ولأن‭ ‬سكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬مغادرة‭ ‬وطنهم،‭ ‬فإن‭ ‬مساحة‭ ‬365‭ ‬كيلومتراً‭ ‬مربعاً‭ ‬‭ ‬تقريباً‭ ‬141‭ ‬ميلاً‭ ‬مربعاً‭ ‬‭ ‬قد‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬صيد‭ ‬للبشر‭ ‬الذين‭ ‬قُتلوا‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬الشنيعة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬تخيلها‭.‬

أما‭ ‬أولئك‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يموتوا‭ ‬تحت‭ ‬ركام‭ ‬أنقاض‭ ‬منازلهم‭ ‬المهدمة‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬كادوا‭ ‬أن‭ ‬يقتلوا‭ ‬برصاص‭ ‬المروحيات‭ ‬الهجومية‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهم‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬فإنهم‭ ‬يموتون‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬والجوع‭.‬

ولم‭ ‬تنج‭ ‬فئة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المصير‭ ‬الرهيب‭: ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمعلمون‭ ‬والأطباء‭ ‬والمسعفون‭ ‬والمنقذون،‭ ‬وحتى‭ ‬الفنانين‭ ‬والشعراء‭. ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجموعات‭ ‬لديها‭ ‬قائمة‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬أسماء‭ ‬الضحايا،‭ ‬ويتم‭ ‬تحديثها‭ ‬يوميا‭.‬

ومع‭ ‬إدراكها‭ ‬التام‭ ‬لمدى‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستهدف‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬رواة‭ ‬القصص‭ ‬في‭ ‬غزة‭ - ‬الصحفيين‭ ‬وعائلاتهم،‭ ‬والمدونين،‭ ‬والمثقفين،‭ ‬وحتى‭ ‬المؤثرين‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬يصر‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬بث‭ ‬آلامهم‭ ‬الجماعية‭ ‬ــ‭ ‬ومقاومتهم‭ ‬ــ‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬شتى‭ ‬مناطق‭ ‬ودول‭ ‬العالم،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تبذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعها‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬رواة‭ ‬القصص‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬بالذات،‭ ‬قالت‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬لها‭ ‬أصدرته‭ ‬بتاريخ‭ ‬6‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023م،‭ ‬إن‭ ‬75‭ ‬صحفيا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬فلسطينيا‭ ‬استشهدوا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭- ‬والقائمة‭ ‬تزداد‭.‬

إن‭ ‬الرقم‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه‭ ‬لا‭ ‬يشمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬والكتاب‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬بالضرورة‭ ‬بصفة‭ ‬رسمية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يشمل‭ ‬أفراد‭ ‬عائلاتهم‭ ‬مثل‭ ‬عائلة‭ ‬الصحفي‭ ‬وائل‭ ‬الدحدوح‭ ‬أو‭ ‬عائلة‭ ‬مؤمن‭ ‬الشرفي‭.‬

ولأن‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬مثقفيهم‭ ‬يشكلون‭ ‬أهدافاً‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬حاولوا‭ ‬سنوات‭ ‬إنتاج‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬رواة‭ ‬القصص‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬شكلت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬والطلاب‭ ‬الشباب‭ ‬مجموعة‭ ‬أطلقوا‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أرقاما‮»‬‭.‬

‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أرقامًا‮»‬‭ ‬تحكي‭ ‬القصص‭ ‬حول‭ ‬أعداد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأخبار‭ ‬والمدافعين‭ ‬عن‭ ‬حقوقهم‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ - ‬كذلك‭ ‬عرفت‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أرقاما‮»‬‭ ‬نفسها‭.‬

أحد‭ ‬مؤسسي‭ ‬المجموعة‭ ‬هو‭ ‬الأستاذ‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير،‭ ‬وهو‭ ‬أكاديمي‭ ‬فلسطيني‭ ‬محبوب‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬قال‭ ‬العرعير،‭ ‬المثقف‭ ‬الشاب،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يضاهي‭ ‬تألقه‭ ‬إلا‭ ‬طيبته،‭ ‬إن‭ ‬قصة‭ ‬فلسطين،‭ ‬وغزة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يرويها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أنفسهم،‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬علاقتهم‭ ‬بالخطاب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬هامشية‭.‬

يقول‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير‭ ‬في‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬النور‭ ‬في‭ ‬غزة‭: ‬كتابة‭ ‬ولدت‭ ‬من‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬‮«‬بينما‭ ‬تستمر‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬التلهف‭ ‬للحياة،‭ ‬فإننا‭ ‬نكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬نحيا،‭ ‬وليس‭ ‬لدينا‭ ‬خيار‭ ‬سوى‭ ‬المقاومة‭ ‬وسرد‭ ‬قصصها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فلسطين‭.‬

قام‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير‭ ‬بتأليف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الكتب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬غزة‭ ‬تكتب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬‭ ‬و‮«‬غزة‭ ‬غير‭ ‬صامتة‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬سمح‭ ‬له‭ ‬أيضًا‭ ‬بنقل‭ ‬رسالة‭ ‬المثقفين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭.‬

كتب‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يصبح‭ ‬الوطن‭ ‬حكاية‭. ‬نحن‭ ‬نحب‭ ‬القصة‭ ‬لأنها‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬وطننا،‭ ‬ونحب‭ ‬وطننا‭ ‬أكثر‭ ‬بسبب‭ ‬القصة‮»‬‭.‬

وبحسب‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬فقد‭ ‬رفض‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير‭ ‬مغادرة‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬عزله‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬القطاع،‭ ‬مما‭ ‬أخضعه‭ ‬لمجازر‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭.‬

وكأني‭ ‬برفعت‭ ‬العرعير‭ ‬قد‭ ‬استشعر‭ ‬المصير‭ ‬الذي‭ ‬ينتظره،‭ ‬فقد‭ ‬غرد‭ ‬العرعير‭ ‬بهذا‭ ‬السطر،‭ ‬مع‭ ‬قصيدة‭ ‬كتبها‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أموت،‭ ‬فلتكن‭ ‬حكاية‮»‬‭.‬

في‭ ‬يوم‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬ديسمبر،‭ ‬أعلنت‭ ‬مجموعة‭ ‬الكتاب،‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬أرقاما‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬مؤسسها‭ ‬المحبوب‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير،‭ ‬قُتل‭ ‬في‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬العرعير‭ ‬العضو‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬الذي‭ ‬قتلته‭ ‬إسرائيل‭. ‬وفي‭ ‬14‭ ‬أكتوبر‭ ‬استشهد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يوسف‭ ‬دواس،‭ ‬ومحمد‭ ‬زاهر‭ ‬حمو،‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتيهما،‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬نوفمبر،‭ ‬في‭ ‬غارات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬إحدى‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬قمت‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬المجموعة،‭ ‬قبل‭ ‬الحرب،‭ ‬برز‭ ‬يوسف‭ ‬دواس،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬شعره‭ ‬الطويل‭ ‬غير‭ ‬المعتاد،‭ ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬أسئلته‭ ‬الذكية‭ ‬والدقيقة‭. ‬لقد‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يروي‭ ‬قصص‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬العاديين،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬الأشخاص‭ ‬العاديون‭ ‬الآخرون‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬النضال‭ ‬اليومي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وسعيهم‭ ‬العادل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬وأملهم‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭.‬

هؤلاء‭ ‬الرواة‭ ‬الذين‭ ‬ينقلون‭ ‬قصص‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬قتلوا‭ ‬جميعاً‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تموت‭ ‬الحكايات‭ ‬معهم‭. ‬لكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستفشل‭ ‬لأن‭ ‬القصة‭ ‬الجماعية‭ ‬أكبر‭ ‬منا‭ ‬جميعا‭. ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬أنجب‭ ‬أمثال‭ ‬غسان‭ ‬كنفاني‭ ‬وباسل‭ ‬الأعرج‭ ‬ورفعت‭ ‬العرعير،‭ ‬سوف‭ ‬تنتج‭ ‬دائماً‭ ‬مثقفين‭ ‬عظماء،‭ ‬سيخدمون‭ ‬الدور‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬رواية‭ ‬قصة‭ ‬فلسطين‭ ‬وتحريرها‭.‬

آخر‭ ‬قصيدة‭ ‬كتبها‭ ‬الدكتور‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير‭ ‬بالإنجليزية،‭ ‬وبثها‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬حسابه‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬،‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭:‬

‮«‬إن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬أموت

فعليك‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬أنت

لتروي‭ ‬قصّتي

وتبيع‭ ‬كلَّ‭ ‬أشيائي

وتشتري‭ ‬قماشةً‭ ‬وعُصباً

ولتكن‭ ‬بيضاء‭ ‬طويلة

حتى‭ ‬يرى‭ ‬طفلٌ‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬غزّة

السماء‭ ‬في‭ ‬عينيه

مُنتظراً‭ ‬أباه‭ ‬الذي‭ ‬رحل‭ ‬في‭ ‬لمح‭ ‬البصر

دون‭ ‬أن‭ ‬يُودّع‭ ‬أحداً،

ولا‭ ‬حتّى‭ ‬جسده

يرى‭ ‬الطفل‭ ‬الطائرة‭ ‬الورقية،‭ ‬طائرتي

التي‭ ‬صنعتها،‭ ‬تُحلّق‭ ‬عالياً

ويظنّ‭ ‬للحظة‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬السماء‭ ‬ملاكاً،

يُعيد‭ ‬الحبّ،

إن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬أن‭ ‬أموت

فليأتِ‭ ‬موتي‭ ‬بالأمل

فليصبح‭ ‬حكاية‮»‬‭.‬

*الدكتور‭ ‬رفعت‭ ‬العرعير،‭ ‬أستاذ‭ ‬الأدب‭ ‬الإنجليزي‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بغزة،‭ ‬قام‭ ‬بتدريس‭ ‬أعمال‭ ‬ويليام‭ ‬شكسبير،‭ ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المؤثر‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬نشر‭ ‬قصيدته‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬منذ‭ ‬وفاته،‭ ‬فإن‭ ‬عواطف‭ ‬العرعير‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬صدى‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا