دعونا في البداية نتفق على مبدأ واحد ومهم وهو (اننا في هذا الجزء من العالم لا نبغضكم ولا نكرهكم)، ومن أوصل إليكم وأبلغكم اننا في عداء معكم هم زعماؤكم وبعض مفكريكم، وكل مناهجكم التعليمية ووسائل إعلامكم، فهؤلاء قاموا بغرز فكرة واحدة في أدمغتكم وهي أننا نكرهكم ونرجو لكم الفناء وذلك من أجل هدف واحد لا غير، هو أن يوجدوا عدوا لكم وبذلك فإنكم سوف تُسلمون لزعمائكم وتوافقونهم على كل ما يفعلون، توافقونهم على إرسال القوات والجيوش إلى أفغانستان، وبعد ذلك العراق واليوم فلسطين وأنتم تدفعون الضرائب تلو الضرائب لدعم وقتل العدو المبهم والوحش الكاسر حتى لا يغزو حياتهم ويعيدكم إلى عصور الظلام، هكذا أوصلوا وجودنا إلى عقولكم.
ولكن تعالوا معنا في هذه الدقائق لنبين لكم من نحن، وما هو الإسلام.
ولكن قبل أن نتحدث عن الإسلام، فإننا نرجو ألا تنظروا وتتفحصوا حال المسلمين اليوم، فهم يعيشون في أسوأ حالاتهم، لا تقيسوا الإسلام بهم، فجزء كبير منهم يعيش توابع لفكركم الغربي أو الشرقي، لذلك من أراد منكم أن يتعرف على الإسلام فليذهب ويقرأ القرآن الكريم.
اقرأوا القرآن الكريم، دعوا آيات القرآن تسري في عروقكم وشرايينكم، دعوها تغسل قلوبكم وتمس شغاف مشاعركم، حتى تصل إلى عقولكم، عندئذ ستجدون أن القرآن الكريم يجيب عن جميع أسئلتكم التي كنتم تعانون منها طوال سنوات حياتكم، من أين جئتم، ولماذا أنتم هنا في الدنيا، وما وظيفتكم في الدنيا، وإلى أين المصير، وكل الأسئلة التي تؤرقكم.
لا غموض في الإسلام، فالإسلام دين بسيط وسهل. وهو ليس دين مشاعر فحسب وإنما هو دين عقول أيضًا، فكم من عالم غربي وشرقي وفي كل التخصصات أقر وآمن بالقرآن الكريم لأنه بمجرد أن قرأ آيات في تكون الجنين، أو آيات في الفلك والفضاء، أو آيات في النفس البشرية، أو آيات في تركيب الأرض وما إلى ذلك، حتى أن بعضا من علماء الغرب أخذ القرآن الكريم وأعلن أنه سوف يهزم القرآن، وعندما قرأ وتمعن في كل تلك الآيات العظيمة وجد نفسه تخضع لهذا الدين العظيم.
الإسلام – أيها السادة – دين النظافة، فهو ينظف العقيدة والنفوس من ظلام العبودية لغير الله سبحانه، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يؤمن أن الله واحد فقط لا شريك له، وهذا يعني التجرد التام من براثن الهوى والخوف والمادية الصرفة، هذا يعني ألا نخاف المستقبل، وألا نخاف من أحد أيا كانت منزلته، ألا نخاف الموت أو الفقر، لأن الأرزاق مقسمة منذ سيدنا آدم عليه السلام، فإن لم تأخذ ما تتمناه اليوم فإنك حتمًا ستأخذ حقك ونصيبك في مكان آخر وشيء آخر لا تتوقعه، وهذا ما يصنع الرضا والسعادة الداخلية.
أتدرون أيها السادة إن نظافة البدن والجسم فرض مهم على المسلم، فعلى الأقل فإن الإنسان المسلم مطالب من الدين أن يغتسل مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، وأن يتوضأ خمس مرات لكل صلاة، أتعتقدون أن هذه الأجسام التي يتم غسلها بهذه الكيفية وبهذا التكرار سوف يتراكم عليها الغبار والميكروبات وما إلى ذلك من أمراض، هذا بالإضافة إلى الاعتناء بالملابس والشعر والأسنان وكل أعضاء الجسم.
في الإسلام لا يوجد عندنا هذا الرجل أفضل من ذلك الرجل، أو هذه المرأة أفضل من تلك، لأن نسبه أو نسبها ينتمي إلى فلان من البشر، ففي الإسلام كان هناك بلال الحبشي، وصهيب الرومي وسلمان الفارسي بالإضافة إلى أبي بكر الصديق وعمر الفاروق القرشيان، هؤلاء كانوا جميعًا يقفون صفًا واحدة متراصًا أثناء الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل على العكس فإن بلال الحبشي كان أفضل عند الله سبحانه وتعالى من الكثير من سادة قريش والعرب، أتدرون لماذا ؟ في الإسلام يقاس المرء بحبل تواصله مع الله سبحانه وبما يقدم للمجتمع من خدمات.
حتى إن في الإسلام لا يوجد رجل دين، فلا يوجد من يبيع صكوك الغفران ولا يوجد من يمتلك مفاتيح الجنة، ففي الإسلام لا يوجد أصلاً صكوك غفران، فالعلاقة علاقة مباشرة بين الإنسان والله سبحانه وتعالى، سواء كنت في الشارع أو في المنزل أو في وسط البحر أو في وسط الصحراء، أنت والله سبحانه وتعالى، فلا وسيط ولا باب ولا عراقيل ولا عوائق، أطرق الباب – مهما كانت ذنوبك أو خوفك أو حاجتك – وأدخل وقل ما تشاء وأنت جالس بين يدي جلالته، فهو الوحيد الذي يسمع ويستجيب، فرجل الدين لا وجود له بيننا.
يُعد الإسلام الدين الوحيد الذي أكرم المرأة، أخرجها من ظلامات الجهالة والإهمال، إلى النور والعلم والفكر، أتدرون أن أول جامعة أنشئت في أمريكا لتعليم النساء كانت في عام 1821 ميلادية، وذلك بعد نزاع شديد وتفكير: هل المرأة تستحق أم لا؟ ولكن أتريدون أن تعرفوا متى أنشئت أول جامعة في العالم الإسلامي لتعليم النساء، فقد كانت عام 841 ميلادية، أي قبل أمريكا بحوالي ألف سنة. المرأة في الإسلام أم تكرم، فلا تدخل الجنة إلا بقبول رضاها، المرأة في الإسلام بنت وأخت وزوجة وملكة حياة وأسرة. الإسلام أكرم المرأة بينما لم توجد حضارة سواء في الماضي أو الحاضر يجد أن المرأة إنسانة تستحق الاحترام والتبجيل، أو فقد كان السؤال المطروح دائمًا: هل المرأة إنسان؟ أتصدقون هذا؟
وفي الحضارة الغريبة اليوم فإن المرأة تُعد سلعة تباع وتشترى، كالرقيق، ألا تصدقون ما أقول، أنظروا حواليكم، واسألوا أنفسكم ما أكثر سلعة معروضة للبيع؟ فكروا بعقولكم.
الأسرة في الإسلام – أيها السادة – قضية مهمة، لا، وإنما في غاية الأهمية، لأنها لبنة مجتمع متكامل، فلا يمكن بناء المجتمع الصالح الحاضن لحياة الشخص، إلا من خلال هذه الأسرة، وهذا يعني أن للأم والأب مكانة لا يمكن أن تتزعزع في حياة الفرد، أيًا كان مستواه، فقد أمرنا ديننا وتقاليدنا أن نقبل يديهما ورأسيهما كلما دخلنا عليهما البيت، وحتى أن نقبل أرجلهما إن أمكن ذلك، وعلى الرغم من ذلك فإننا لا نوفي حقوقهما، لذلك أمرنا القرآن الكريم ألا نرفع أصواتنا في حضرتهما وإن غضبنا من تصرفاتهما ألا نقول لهما كلمة (أف)، وهي أصغر كلمة في اللغة العربية التي تعبر عن التذمر، وهذا يعني أن حتى التذمر على الوالدين غير مقبول في الإسلام، وليس الغضب فحسب، فهل لديكم في مجتمعكم الغربي أو الشرقي شيء من ذلك؟
في الإسلام لا يوجد إنسان جائع أو بلا مأوى، أو ما يعرف لديكم بفاقدي المأوى (Homeless)، فالإنسان حتمًا سيجد له مأوى وعملا، وربما راتب، أتدرون أن في عهد الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجري رواتب لغير المسلمين المتقاعدين وكبار السن، هل لديكم في حضارتكم ذلك؟ كان بيت مال المسلمين – الذي يعرف اليوم بوزارة المالية وبالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية – يبحثون عن المحتاجين حتى يمنحوهم المكافآت والبيوت وما يحتاجون، ليس ذلك فحسب وإنما في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- فاضت أموال الزكاة لدرجة أنه لم يرغب أحد من المسلمين أو حتى من يعيشون في كنف الدولة الإسلامية من أخذ مال الزكاة لأن جميع أفراد الدولة المسلمة التي كانت تمتد من الصين إلى فرنسا قد استكفوا فلم يعودوا في حاجة إلى مال أو بيت أو أي شيء، لدرجة أن الخليفة أمر بشراء الشعير وسكبه على رؤوس الجبال لتأكل الطيور والحيوانات، هل وجدتم حضارة فعلت ذلك من قبل وبعد الإسلام؟
في الإسلام لا نفرض عقيدتنا أو فكرنا على أحد، فمن أراد أن يسلم فهو أخ لنا له مثل ما لنا وعليه مثلما علينا ومن لا يرغب فله دينه، ألا ترون أن هناك الآلاف من الذي يعيشون بيننا من غير المسلمين، فالإسلام لا يفرض على الناس اعتناقه، فإن ذلك ينافي العقل والمنطق والدين، فالإسلام يحترم الأديان وحريات الناس وفكرهم بل ويسهم في تطوير الفكر والثقافة والحضارة أيًا ما كان نوعها. إن كان الإسلام يحرم الاختلاط بالحضارات والعقائد والأفكار لما تمكّن علماء المسلمين الأوائل من دراسة الحضارة الهندية والصينية بل وتطويرها والاستفادة من علومها وإعادة صياغتها، وتفجير مكنوناتها، وتحويلها وترجمتها وتعديلها لتتناسب مع مفاهيم الحضارة الحديثة، وفي بغداد ودمشق ومن ثم في الأندلس وفرنسا قدمنا كل هذه الحضارة والفكر والثقافة إلى العالم بصورتها النقية.
الإسلام – أيها السادة – لم ينتشر بالسيف حسبما تم إبلاغكم، وغرس تلك الفكرة في عقولكم، وليس هو دين دموي وإرهابي، وإنما وصل إلى الناس وانتشر في بقاع الأرض بأخلاق القرآن وتشريعاته وبأخلاق المسلمين. أما بالنسبة للجهاد –الذي تخافون- فقد كانت تعاليمه واضحة لا لبس فيها، وكانت الأوامر للجنود ألا يقتلوا الأطفال أو النساء أو المواطنين والمدنيين أو الأسرى، وإنما كان هدف الجهاد ليس القتل والقتال، وإنما كان من أجل إيصال الفكر الإسلامي الى بقاع الأرض والشعوب والبشر، ولكن قادتكم كانوا يرفضون ذلك، أتدرون لماذا؟ لأنهم يعرفون أنه لو تعرفتم على الإسلام فإنكم سترفضون أي فكر وثقافة وتشريع آخر، لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتوافق مع الفكر الإنساني، مهما قيل لكم أو زيفه الكلام الإعلامي المسموم الذي يبث في ربوع دولكم.
أيها السادة والسيدات، لا أريد أن أطيل عليكم، وإنما مرة أخرى أدعوكم فقط لقراءة القرآن الكريم، اقرأوا كلماته وآياته، افهموا فكره وعباراته، حاولوا أن تستوعبوا مفاهيمه وأطروحاته، عندئذ ستفهمون أن إعلامكم ومناهجكم التعليمية وزعماءكم يكذبون عليكم، ولا نفرض عليكم الإسلام فهذا شأنكم وحريتكم، ولكن كل الذي نرجوه منكم أن تتركوا للأفراد حرية الاختيار.
فمن كان يريد الحقيقة فسيجدها في القرآن الكريم، ومن لا يريد فهذا شأنه.
Zkhunji@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك