في ظل التغييرات والثورة التكنولوجية الهائلة في المجال التقني، أصبح العالم اليوم قرية واحدة يسهل التواصل بين أفراده بسبب العولمة الإلكترونية الحديثة، فلا شك أن حياة الكبار والأطفال ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا فهو المحرك الأساسي للتواصل والتعليم والصحة والأمن وغير ذلك بحياتنا الاجتماعية، ومن المؤكد أن التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي هي عبارة عن سلاح ذي حدين فإما أن يتم تفعيلها بشكل إيجابي أو قد تكون سبباً لظهور العديد من المشكلات في حياة الفرد.
ومن الأرجح في حال تعرض الراشدين لمشكلات أثناء استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، يتمكن العديد منهم في السيطرة على الأمور السلبية التي قد يمرون بها بحكم المرحلة العمرية والقدرة على اتخاذ القرار ومشورة الأشخاص الذين حولهم، ولكن يختلف الأمر عندما يواجه الطفل الظواهر والمشكلات الاجتماعية عبر الأجهزة الإلكترونية لنقص المعرفة والخبرة في القدرة على التصرف والتعامل مع هذه النوعية من المواقف.
فاليوم أصبح توجه العديد من المستغلين والمجرمين ألا يتعرض للطفل بشكل مباشر، بل يبدأ بتفعيل وتسخير مواقع التواصل الاجتماعي لاقتناص وتصيد أكبر عدد من الأطفال للوصول إلى أغراضه الشخصية السلبية واستغلال الطفل من خلال إنشاء حسابات وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتوثيق العلاقة بالطفل عن طريق التقرب منه في الألعاب الإلكترونية أو حسابات الطفل الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم ابتزازه وتهديده لاستدراجه لأمور تنافي الأخلاق والآداب العامة، مما يؤثر في الصحة النفسية للطفل ومستواه التعليمي وتفاعله الاجتماعي وميوله للعزلة عن الآخرين ومعاناته من الخوف والتوتر.
ويعد أبرز أسباب تعرض الأطفال للابتزاز الإلكتروني هو قلة الرقابة الأسرية من قبل الآباء والأمهات على أطفالهم وعلى أجهزتهم الإلكترونية، والسماح للأطفال بقضاء وقت طويل في العوالم الافتراضية، وعدم توعيتهم حول الاستغلال الإلكتروني وأساليب استدراج المبتزين للأطفال، مع وجود نقص في تزويد الطفل بمهارات تأهله للتعامل مع المشكلات الذي قد يتعرض لها في العالم الإلكتروني.
ومن هذا المنطلق يأتي دور الآباء بتطوير ثقافتهم التربوية في آلية توفير الأجهزة الإلكترونية للأطفال وبضرورة التأكيد على الطفل بعدم مشاركة صوره الخاصة وحياته الشخصية للآخرين، والابتعاد عن قبول إضافة أشخاص لا يعرفهم في حساباته الشخصية، مع ضرورة الربط التقني بين هاتف الطفل وولي أمره كما هو متاح في كثير من الأجهزة الحديثة.
والجدير بالذكر أن النيابة العامة أولت دوراً بارزاً لحماية الطفل من التعرض للاستغلال بكل أشكاله اتساقاً مع التشريعات الوطنية، فقد أرست النيابة العامة في إعداد منهجية للتعامل مع مشاكل الأطفال وفق مرحلتهم العمرية وحالتهم الشخصية والنفسية وبما يضمن مراعاة حقوقهم في الخصوصية وفي التمثيل القانوني وحصولهم على المساعدة القانونية، وفي الاستماع إليهم وتفهم متطلباتهم، كما ويضمن القانون بتلك القواعد والمبادئ توفير الحماية والمساعدة الاجتماعية والنفسية للطفل.
{ رئيس البحوث والدراسات
النيابة العامة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك