قبل السابع من أكتوبر 2023م عملت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأقوى عسكريا والأضعف أخلاقيا في هذا الكون على شق طريق جديد لها ليس له علاقة بالشرق الأوسط، واستندت في هذا على كثير من المعطيات كان أهمها انهيار الاتحاد السوفييتي والنزيف الذي لحق بها جراء تدخلها في العراق وأفغانستان، ورغبة لتوفير جهدها لمواجهة التحدي الصيني المتنامي، وترك ملف القضية الفلسطينية لما تريده وتقرره دولة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية!
وقبل السابع من أكتوبر 2023 م عمل رئيس الوزراء الصهيوني «نتنياهو» وهو البارع في الكذب على تعميق الصدع بين جناحي الوطن السليب الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بتمرير الأموال الشهرية إلى «حماس»، وتسهيل قبول آلاف العمال الفلسطينيين للعمل في الداخل وزيادة أعداد الشاحنات المحملة بالبضائع الداخلة للقطاع.
في نفس الوقت مارس «نتنياهو» سياسات إضعاف للسلطة الوطنية الفلسطينية بتكثيف سياسة الاقتحامات المسلحة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وقتل الشباب يوميا واعتقال البعض واحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية، وتوسيع المستوطنات واقتحامات المسجد الأقصى المبارك، وعمليا قضى «نتنياهو» على إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو) وأبقى على بند التنسيق الأمني فقط المرفوض شعبيا والمدان وطنيا، وكل هذا بهدف إضعاف السلطة ووضعها أمام شعبها بموقف المقصر!
وركن رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» ليقين تولد لديه بأن «حماس» فقط تريد البقاء في السلطة ولا نية لديها لمحاربة إسرائيل وتعزز لديه هذا اليقين حين لم تنخرط «حماس» في المعركة عام 2021 م والتي تركت بها حركة الجهاد الإسلامي وحيدة!
بعد ثلاثة أشهر على السابع من أكتوبر 2023م، اليوم الذي دفع به العرب الفلسطينيون التاريخ إلى الأمام بقوة وأعاد فلسطين إلى الواجهة بعد العمل على شطبها شعبا وقضية، يسطر شعبنا بإمكانياته البسيطة المتواضعة أعلى ملاحم البطولة والفداء فوق ثرى وطننا الذي لا نملك سواه!
يصرخ الكاتب الإسرائيلي «عكيفا إلدار» الانتفاضة الثالثة على الطريق، فرق الطوارئ للمخربين اليهود لا تنتظر اليوم التالي للحرب، «إيتمار بن غفير» وزير الأمن الداخلي قام بتوزيع البنادق في الضفة الغربية على كل مهووس ومجذوم، الجنود والضباط في الجيش يراقبون فقط أو يشاركون في الاحتفال!
سيطرة الزعران المستوطنين المسلحين على الأراضي الفلسطينية لن تولد إلا انتفاضة ثالثة لن نقوى عليها، كما يقول الكاتب الإسرائيلي «عكيفا إلدار»، وتذهب الكاتبة الإسرائيلية «شمريت مئير» بعيدا بنصيحتها لرئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» وتحثه على التواضع ورسم أهداف يستطيع تحقيقها في حربه على غزة، وتقول له إن هدف القضاء على «حماس» هو مثل (إفراغ البحر بملعقة)، عليك التوصل إلى هدف يمكنك من حرية الحركة الأمنية المستمرة وغير المحدودة في القطاع وهذا يكفي!
وتنتقد بشدة وقسوة الكاتبة «سيما كدمان» شعبوية «بن غفير» وزير الأمن الداخلي فتطالبه بعدم التربح على حساب معاناة (المخطوفين) وأنه لم يكن عليه أن يطرح للنقاش أمام الكنيست سن قانون إعدام كل من يقتل يهوديا أو يتسبب بقتله، وكان عليه الانتظار لما بعد الحرب.
وفي قاعة الكنيست كان «جيل كدمان» والذي لديه عمة موجودة عند «حماس» يبكي ويناشد ويتوسل لدى «بن غفير» بعدم طرح هذا القانون للنقاش الآن، فيضغط «بن غفير» على يده ويسحبه ليعانقه عنوة في مشهد شعبوي لم يستسغه «جيل كدمان»، ويصرخ في قاعة الكنيست النواب من حزب «قوة يهودية» اليميني العنصري الفاشي برئاسة «بن غفير» في وجه عائلات الموجودين عند «حماس» بقوله (ليس لكم حصرية على الألم)!
ويواصل وزير الخارجية الأمريكي الدولة الأقوى عسكريا والأضعف أخلاقيا في هذا الكون إدارة الحرب العدوانية على الشعب العربي الفلسطيني هوية وقضية وكيانا، ويتحجج بحق إسرائيل في أن تفعل كل ما في وسعها لضمان عدم تكرار حادثة 7 أكتوبر 2023 م ويقدم للكيان هذا البعد النازي!
وسياسيا يبدي «بلينكن» تطرفا لا مثيل له بطرح أطروحات تعتبر خطة عمل لحكومة الاحتلال والعدوان والأبارثهايد الصهيونية للمضي قدما في تدمير الكيان الفلسطيني وإعادة رسمها تحت الوصاية الإقليمية الدولية لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني بكسر قامة غزة باستحالة الحياة بها وأخذها بعيدا لمنع أي تواصل جغرافي مع الشطر الشمالي للوطن الضفة الغربية المحتلة.
علينا كفلسطينيين التنبه من أن طرح «بلينكن» من أن على «حماس» تغيير ميثاقها وإلا ستعتبر حركة محظورة هو يهدف إلى منعها من الدخول في منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيلاتها وأطرها، والطلب من حركة «حماس» إلقاء السلاح وتسليم القادة لهو اعتداء على القانون الدولي الذي نص على جواز مقاومة المحتل وهو حق أصيل كفلته الشرعية الدولية وكل الشرائع السماوية للشعوب المحتلة، والشعب العربي الفلسطيني ليس استثناء!
هناك الكثير ليقال فلسطينيا عن إنهاء الانقسام فورا وضرورة التوافق على برنامج سياسي واحد، وتجديد كل الشرعيات الفلسطينية بالانتخابات حتى نواجه العالم مستقبلا مسلحين بالوحدة والشرعية، وتصحيح البوصلة لتكون السلطة الوطنية الفلسطينية تتبع منظمة التحرير الفلسطينية الموحدة!
وعربيا علينا العمل بكل السبل لإيصال المساعدات الإغاثية لشعبنا في قطاع غزة الباسل بعد أن استعملت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو» لإفشال قرار وقف الحرب في 8 ديسمبر 2023 م.
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك