خلال فترة جائحة كورونا تم إغلاق الآلاف من أجهزة الصراف الآلي وفروع البنوك المحلية حول العالم بينما كنا نتحرك نحو مجتمع غير نقدي وتواصل الجهات الرسمية نشر المراقبة الرقمية والعملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC). كان عذر إغلاق أجهزة الصراف الآلي هو منع جراثيم الإنفلونزا الموسمية من الانتشار عبر النقود. وفي المملكة المتحدة، تم إغلاق أكثر من 8000 جهاز صراف آلي، وهو ما يمثل 13% من جميع أجهزة الصراف الآلي في 2021. وفي الولايات المتحدة، تم إغلاق أكثر من 19000 جهاز صراف آلي وأصبح الوصول إلى النقد أكثر ندرة.
علق رئيس بنك التسويات الدولية أوجستين كارستينز في (19 أكتوبر 2020) حول العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC): «نعتزم إنشاء التكافؤ مع النقد بعد تحليلنا للعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDC)على وجه الخصوص للاستخدام العام، وهناك فرق كبير هناك، لا نعرف على سبيل المثال من يستخدم فاتورة بقيمة 100 دولار اليوم أو 1000 بيسوس اليوم. الاختلاف الرئيسي مع العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) هو أن البنك المركزي سيكون له السيطرة المطلقة على القواعد واللوائح التي ستحدد استخدام هذا التعبير عن مسؤولية البنك المركزي، كما ان لدينا التكنولوجيا اللازمة لفرض ذلك».
نشر بنك التسويات الدولية تقريرًا (يونيو، 2023) بعنوان «مخطط النظام النقدي المستقبلي» الذي يقترح أن تكون العملة الرقمية للبنك المركزي بمثابة العملة الاحتياطية الجديدة ويدعو إلى مصادرة جميع الممتلكات المادية، حيث سيتم تخصيص رمز رقمي فريد لكل عنصر في العالم الحقيقي، والذي سيحتوي على قواعد حول كيفية استخدام أو عدم استخدام كل عنصر بحيث يمكن التحكم بكل شخص مباشرة من قبل البنك المركزي.
وقالت كاثرين أوستن فيتس (محللة اقتصادية ومصرفية أمريكية): «إنه ما لم يكن لدينا دولة ذات سيادة تحمي الأفراد السياديين الذين لديهم الحرية في التعامل، بما في ذلك التعاملات الخاصة، من دون الافراط في استخدام التكنولوجيا، فلن تكون لدينا سيادة. وسيتم استبدالها بالرقابة المركزية من قبل المصرفيين. وقالت إن هذه التكنولوجيا، مع الأنظمة الأخرى، ستحول منزلك وسيارتك ومجتمعك إلى معسكر اعتقال رقمي. وستكون من خلال ذلك نهاية حرية الإنسان من خلال النظام المالي».
وقد حذر مؤخراً ريتشارد فيرنر، وهو خبير اقتصادي مصرفي ألماني (تم اختياره ضمن أفضل 100 من قادة عالم الغد (GLT) من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في عام 2003) من العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) التي يمكن الوصول إليها في البداية عبر الهاتف. ولكن الهدف في النهاية هو زرع شريحة بحجم حبة الأرز تحت جلد المستخدمين. وقال إنه سيتم جذب الناس تدريجيا إلى نظام الدخل الأساسي الشامل (UBI). وأوصى بضرورة إنشاء البنوك محليًا، وهذا يمكن أن يؤخر أو حتى يمنع إدخال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
فما الفرق بين العملة الرقمية للبنك المركزي والعملة الرقمية للبنك؟ إنها متشابهة والفرق هو الجوانب المركزية فيها. هذه هي نهاية العمل المصرفي، ولن تتمكن البنوك من التنافس مع الجهات التنظيمية (البنوك المركزية). هذه هي الجهة التنظيمية للبنك التي تقول إنني سأصعد إلى الساحة وأتنافس مع الجهة التنظيمية الخاصة بي.
ولكن هل لديهم فرصة؟ الأمر كما هو الحال في كرة القدم، إذا قالت الإمبراطورية إنني أشعر بالملل قليلاً من مشاهدة الساحة والملعب، سأنضم للعب وسأسجل بعض الأهداف الآن، ابتعد عن طريقي، أطلق صافرة، أعطيك البطاقة الحمراء، بطاقة صفراء لك، سأسجل هدفًا. ما مدى سهولة تسجيل الإمبراطورية لبعض الأهداف؟ هل لدى أي شخص آخر فرصة؟ لا، من المفترض أن تكون هناك إمبراطوريات، وليس من المفترض أن تنضم إلى اللعبة.
هذا هو ما تمثله العملات الرقمية الجديدة للبنوك المركزية للبيع بالتجزئة.. إنها الإمبراطورية التي تدخل اللعبة وتتنافس فجأة وتستخدم فعليًا جميع القوى المتاحة. لذا فأنت بحاجة إلى القليل من الصدمة، أو الأزمة، حيث ستنتقل كل الأموال من الودائع المصرفية إلى البنوك المركزية. ويغلق النظام المصرفي ويحصل على بنك مركزي واحد وهو ما يريده المخططون المركزيون.
كيف سيبدو الاقتصاد الرقمي في الأوقات التي يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي في التفكير البشري وصنع القرارات من خلال الخوارزميات المبرمجة؟ إن التوازن بين التكنولوجيا والتدخل البشري أمر لا بد منه، وإلا فإن البشرية محكوم عليها بالفناء. ورسالتي لك هي: استخدم النقد في حياتك اليومية واحتفظ بالنقود المتداولة لدعم البنوك الصغيرة والمحلية من خطر الاختفاء.
{ كاتب بحريني
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك