العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

سقوط النظام الدولي في اختبار غزة!

بقلم: عبد الله السناوي {

الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تحللت‭ ‬مؤسساته‭ ‬وقيمه‭ ‬وتقوضت‭ ‬صلاحيته‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬البقاء‭. ‬هكذا‭ ‬بدت‭ ‬صورة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬اختبار‭ ‬غزة‭. ‬وكان‭ ‬العجز‭ ‬شبه‭ ‬مطلق‭ ‬أمام‭ ‬أبشع‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الحديثة‭.‬

في‭ ‬غضون‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬توالت‭ ‬ثلاثة‭ ‬اختبارات‭ ‬كاشفة‭ ‬لمدى‭ ‬تدهوره‭ ‬وعجزه‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بمتطلباته‭.‬

كانت‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬اختبارا‭ ‬جديا‭ ‬لمدى‭ ‬كفاءة‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحية‭ ‬الدولية‭ ‬وقدرة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬التساند‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الموت‭ ‬الجماعي،‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬بلا‭ ‬رحمة‭ ‬مناطق‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬شاملة‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

أثناء‭ ‬الجائحة‭ ‬ضرب‭ ‬التفكك‭ ‬بنية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬الذي‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬إبداء‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬التضامن‭ ‬بين‭ ‬أعضائه‭. ‬وبالوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لم‭ ‬تبد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أي‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬إلى‭ ‬الحلفاء‭ ‬المفترضين،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬يعتد‭ ‬به‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬مؤشرا‭ ‬على‭ ‬قرب‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬الذي‭ ‬تمسك‭ ‬واشنطن‭ ‬بمقاليد‭ ‬القوة‭ ‬فيه‭ ‬منفردة‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وانقضاء‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭.‬

ثم‭ ‬تعرض‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬لاختبار‭ ‬ثان‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭. ‬طرح‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬سؤال‭: ‬لمن‭ ‬تؤول‭ ‬قيادته‭ ‬وما‭ ‬طبيعة‭ ‬حسابات‭ ‬وتوازنات‭ ‬القوة‭ ‬فيه؟‭.. ‬لكنه‭ ‬ظل‭ ‬معلقا‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تمددت‭ ‬وأنهكت‭ ‬بتداعياتها‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬لا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كسبت‭ ‬رهاناتها‭ ‬على‭ ‬إذلال‭ ‬موسكو‭ ‬ولا‭ ‬روسيا‭ ‬رفعت‭ ‬الرايات‭ ‬البيضاء‭ ‬رغم‭ ‬العقوبات‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬اقتصادها‭ ‬المنهك‭.‬

في‭ ‬اختبار‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لوحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بسلاح‭ ‬العقوبات‭ ‬أمام‭ ‬بكين،‭ ‬كما‭ ‬باستعراضات‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬المحيطين‭ ‬الهادي‭ ‬والهندي،‭ ‬حتى‭ ‬تردع‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬صيني‭ ‬محتمل،‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وتسليحيا‭ ‬يدعم‭ ‬موسكو‭.‬

في‭ ‬اختبار‭ ‬غزة‭ ‬وجهت‭ ‬رسائل‭ ‬مشابهة‭ ‬لمنع‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬إقليمي‭ ‬من‭ ‬‮«‬استغلال‭ ‬الوضع‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬صدمة‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭. ‬في‭ ‬الاختبارين‭ ‬لم‭ ‬تنجح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬استثمرته‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬قوة‭ ‬فائقة‭ ‬تخطيطا‭ ‬وتمويلا‭ ‬وتسليحا،‭ ‬في‭ ‬حصد‭ ‬ما‭ ‬طلبته‭ ‬من‭ ‬أهداف‭.‬

في‭ ‬غزة‭ ‬تضررت‭ ‬صورتها‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬خسارة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لها‭ ‬تبعات‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬بقدر‭ ‬مماثل‭ ‬تضررت‭ ‬قيادتها‭ ‬الفعلية‭ ‬للمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬حيث‭ ‬أبقتها‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬شلل‭ ‬وعجز‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬لجوء‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬المادة‭ (‬99‭) ‬من‭ ‬ميثاقها،‭ ‬التي‭ ‬تخوله‭ ‬تنبيه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مسألة‭ ‬يرى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬حفظ‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين‭ ‬سوى‭ ‬احتجاج‭ ‬على‭ ‬تعطيل‭ ‬صلاحيات‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬بجميع‭ ‬مؤسساتها‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬أو‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬المأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المروعة‭.‬

الخطوة‭ ‬بذاتها‭ ‬سابقة‭ ‬تاريخية،‭ ‬والمعنى‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬أفلتت‭ ‬وصلاحيات‭ ‬منظومة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تعطلت‭.‬

أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬نالت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬دولي‭ ‬آخر‭ ‬بحكم‭ ‬قيادتها‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬كله‭. ‬الأشد‭ ‬فداحة‭ ‬انهيار‭ ‬القيم‭ ‬المؤسسة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وضمان‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭.‬

كان‭ ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وجنوب‭ ‬لبنان‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬غضب‭ ‬حقوقي‭ ‬ومهني‭ ‬واسع‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ممكنا‭ ‬فتح‭ ‬أي‭ ‬تحقيق‭ ‬دولي‭ ‬يحاسب‭ ‬ويردع‭. ‬وصلت‭ ‬المأساة‭ ‬إلى‭ ‬ذروتها‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬وكالات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتخصصة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬مهامها،‭ ‬خاصة‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة،‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭.‬

المستشفيات‭ ‬حوصرت‭ ‬وقصفت،‭ ‬وحرب‭ ‬التجويع‭ ‬اتسعت‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وأية‭ ‬حقوق‭ ‬إنسانية‭ ‬قوضت‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬صوت‭ ‬مؤثر‭ ‬للمنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬يضفي‭ ‬عليها‭ ‬صدقية‭ ‬واحتراما‭.‬

قصفت‭ ‬مكاتب‭ ‬ومدارس‭ ‬‮«‬الأونروا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أنشئت‭ ‬خصيصا‭ ‬لغوث‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بعد‭ ‬نكبة‭ (‬1948‭)‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬صرخة‭ ‬احتجاج‭ ‬تلوح‭ ‬بإنزال‭ ‬العقاب‭.‬

بقوة‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬ونفوذه،‭ ‬فشل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬في‭ ‬استصدار‭ ‬قرار‭ ‬يوقف‭ ‬الحرب‭. ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬كله،‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬إحراز‭ ‬علامة‭ ‬نصر‭ ‬واحدة‭.‬

لم‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬اجتثاث‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬وتحرير‭ ‬الأسرى‭ ‬والرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬بالقوة‭ ‬دون‭ ‬دفع‭ ‬أثمان‭ ‬سياسية‭ ‬باهظة‭. ‬فاوضتها‭ ‬عبر‭ ‬وسطاء‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقطع‭ ‬الهدن‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭. ‬مع‭ ‬كل‭ ‬إخفاق‭ ‬في‭ ‬المواجهات‭ ‬المباشرة‭ ‬تصعد‭ ‬من‭ ‬ضراوة‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭.‬

العالم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل‭ ‬تمديدا‭ ‬للحرب،‭ ‬التي‭ ‬أسقطت‭ ‬عشرات‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬قتلى‭ ‬ومصابين‭ ‬ومفقودين‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭. ‬حسب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬خلال‭ ‬أسابيع‭ ‬لا‭ ‬أشهر‭.‬

الأعباء‭ ‬السياسية‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬نالت‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرص‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬تمديد‭ ‬ولايته‭ ‬فترة‭ ‬ثانية‭ ‬بانتخابات‭ (‬2024‭).‬

في‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭: ‬ماذا‭ ‬بعد؟‭.. ‬طرحت‭ ‬أفكارا‭ ‬للتداول‭ ‬بعضها‭ ‬تحليق‭ ‬في‭ ‬الأوهام‭ ‬مثل‭ ‬الخروج‭ ‬الآمن‭ ‬للمقاومة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عام‭ (‬1982‭) ‬بعد‭ ‬احتلال‭ ‬بيروت‭ ‬وترحيل‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭. ‬الوضع‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬يختلف‭ ‬تماما،‭ ‬فالمقاومة‭ ‬تحارب‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬أخرى‭.‬

حمل‭ ‬مشهد‭ ‬تعرية‭ ‬مدنيين‭ ‬لإذلالهم‭ ‬بزعم‭ ‬انتمائهم‭ ‬لـ«حماس‮»‬‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬القتل‭ ‬العشوائي‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬رسالة‭ ‬عكسية‭ ‬عنوانها‭: ‬القتال‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬شهيد‭. ‬بقوة‭ ‬الصور‭ ‬تبددت‭ ‬الفوارق‭ ‬شاسعة‭ ‬بين‭ ‬معاملة‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والأسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬هزيمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬كاملة‭.‬

بدا‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬على‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التعجل‭: ‬من‭ ‬يملأ‭ ‬فراغ‭ ‬الأمن‭ ‬والسياسة‭ ‬في‭ ‬غزة؟‭ ‬أثبتت‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬يسيرا‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬تصوره‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فالمقاومة‭ ‬فكرة‭ ‬أصيلة‭ ‬وليست‭ ‬مقحمة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لا‭ ‬إعادة‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬مقبولة‭ ‬أمريكيا‭ ‬وأوروبيا‭ ‬وعربيا،‭ ‬ولا‭ ‬إنشاء‭ ‬مناطق‭ ‬عازلة‭ ‬تلقى‭ ‬قبولا‭ ‬من‭ ‬الراعي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ولا‭ ‬استبعاد‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬واستبدال‭ ‬‮«‬محمود‭ ‬عباس‮»‬‭ ‬برجل‭ ‬آخر‭ ‬حسب‭ ‬مواصفات‭ ‬الاحتلال‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقبله‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬رغم‭ ‬أية‭ ‬اعتراضات‭ ‬واسعة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬السلطة‭.‬

أكدت‭ ‬التظاهرات،‭ ‬التي‭ ‬عمت‭ ‬العواصم‭ ‬والمدن‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وداخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬دعما‭ ‬وتأييدا‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التناقض‭ ‬الهائل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولها‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬فيها‭.‬

إنها‭ ‬إشارة‭ ‬تغيير‭ ‬تحت‭ ‬الجلد‭ ‬السياسي‭. ‬بصياغة‭ ‬ثانية،‭ ‬إنها‭ ‬إشارة‭ ‬تصدع‭ ‬جديدة‭ ‬ومنذرة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭. ‬تقوض‭ ‬ذلك‭ ‬النظام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يستبين‭ ‬ما‭ ‬بعده‭.‬

يكتفي‭ ‬الصينيون‭ ‬بأدوار‭ ‬المراقبة‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬والمواقف‭ ‬المتضامنة‭ ‬دون‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬الحربين‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والفلسطينية‭.‬

كذلك‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬غير‭ ‬مستعدة‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬جبهة‭ ‬صراع‭ ‬جديدة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المستفيدين‭ ‬استراتيجيا‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬إعلاميا‭ ‬وسياسيا‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

إننا‭ ‬أمام‭ ‬تحلل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬فوضى‭ ‬واسعة‭ ‬مقبلة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتبدى‭ ‬أية‭ ‬إشارة‭ ‬على‭ ‬ميلاد‭ ‬جديد‭ ‬بأي‭ ‬مدى‭ ‬منظور‭.‬

{ كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا