لا نعترف بالمنظمات الدولية التي لا تعترف بحقوقنا، وصلتها بالحق والعدل واهنة.. لا نعترف بهيئة الأمم المتحدة، ولا بمجلس الأمن الذي يقف كل واحد منهما مع الباطل الصهيوني، ويخرس لسانه عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وتنكر عليه هذه المنظمات ما أقرته هذه المنظمات لغيره من الشعوب.
وعدم اعترافنا بهذه الهيئات الدولية لأنها تكيل بمكيالين، وهي بهذا لم تنصف الشعوب المقهورة، وفِي مقدمتهم شعب فلسطين (الأبي).
إن الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية لهم حقوق بالكتاب أي بالقرآن والسنة، وهما من أوثق المواثيق التي تتقدم المواثيق التي اجترحها الإنسان وأحلها محل ما تواضع عليه البشر من قوانين.
إن المواثيق التي تؤكد حقوقنا في فلسطين، ولا يمكن ردها أو التشكيك في مصداقيتها وشرعيتها، ولقد ضمن لنا الحق سبحانه وتعالى حقنا فيها في قرآن (معجزة) نتلوه صباح مساء، ونتذكر به فلسطين وحق أهلها فيها حين نتلو قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) (الإسراء / 1)
وهذه الوثيقة المباركة التي لن تستطيع قوانين الدنيا ومواثيقها أن تطعن فيها أو تشكك في مضمونها، وهي محفوظة في كتاب محفوظ (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (فصلت / 42).
وحفظ الله تعالى لكتابه المعجز (القرآن الكريم) يعني أول ما يعني حفظ ما جاء فيه من حقوق ومواثيق وإن أنكرها البشر وشككوا فيها، وتبقى ذكرى فلسطين وما حدث لأهلها من عدوان، حاضرة في وجدان الأمة الإسلامية طالما هناك حفظة للقرآن يتلون آياته آناء الليل وأطراف النهار، ويتدبرون ما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم.
إن وثيقة ملكية المسلمين لفلسطين وما حولها وثيقة خالدة خلود القرآن الكريم نفسه، ولن يزيدها الزمان إلا خلودًا وثباتًا، ونحن المسلمين نؤمن بأن قيام دولة لليهود في فلسطين علامة من علامات الساعة أخبرتنا بها السنة المباركة، وذكر القرآن الكريم طرفًا منها في قوله تعالى: (وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا) (الإسراء /104).
إذًا، فملكية المسلمين لفلسطين، وفِي مقدمتهم الشعب الفلسطيني جزء من المعجزة التي أثبت بها الله تعالى صدق الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في صدق بلاغه عن الله تعالى، وهي معجزة لا تبلى أبدًا.
ولقد ارتقت هذه المعجزة مرتبة عالية حين جعلها الله تعالى واسطة العقد بين الإسراء والمعراج، فهي منتهى إسراء الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وبداية معراجه، وكان من الممكن أن يعود من رحلة معراجه مباشرة إلى المسجد الحرام، ولا حاجة إلى النزول في المسجد الأقصى، ولكن ربما لتأكيد المكانة المباركة لبيت المقدس وللمسجد الأقصى، وليؤكد أيضًا على مسؤولية المسلمين في قابل أيامهم عن صيانة هذ المكان المقدس والدفاع عنه، ولهذا فلا عجب أن يحتفي به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. (رضي الله عنه) حين سافر بنفسه إلى فلسطين ليتسلم مفاتيح بيت المقدس، ثم يهتم به القائد المظفر صلاح الدين الأيوبي فيخلصه من براثن الصليبيين بعد أن بقي محتلًا من قبلهم ما يربو على الثمانين عامًا، وبذلك صار بيت المقدس ضمن المقدسات الإسلامية بعد أن أكمل الله تعالى الدين، وأتم النعمة على المسلمين، يقول تعالى: (.. اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا..) (المائدة / 3).
هذا عن البيان الإلهي الذي أثبت ملكية المسلمين لبيت المقدس وما حوله، وصار حدث الإسراء والمعراج مناسبة تتكرر كل عام يحتفي بها المسلمون، ويؤكدون من خلالها على حقهم في فلسطين، ومسؤوليتهم عن الدفاع عنها، وصيانتها وأكد ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسجد الأقصى» رواه البخاري. هاتان الوثيقتان تؤكدان بما لا يدع مجالًا لأدنى شك أو ريبة على أن المسجد الأقصى قرآنًا هو ملك للمسلمين، وأنهم لن يتخلوا عنه مهما تعاقب الليل والنهار، وآيات حفظه والدفاع عنه آيات نتعبد بتلاوتها ليس كل عام، بل كل لحظة من ليل أو نهار، ونستشعر مسؤولية حفظه والدفاع عنه، وأننا يوم القيامة سوف نسأل عن ذلك حفظنا أم ضيعنا!
إذًا ففلسطين لنا.. وبيت المقدس لنا.. والمسجد الأقصى لنا.. وعلى الدخلاء المحتلين، الغاصبين الذين دنسوا الأرض المقدسة بأقدامهم النجسة أن يرحلوا عن ديارنا، وأمرهم آيل إلى زوال، وعلامة من علامات الساعة التي وعدنا الله تعالى بتحققها على يد عباد لله تعالى، وإرهاصات هذا النصر تترى أمامنا، فلأول مرة يكون ضمن كشوف الشهداء أسماء لأطفال رضع، بل لأطفال خدج لم يكتمل نموهم بعد، وكأنهم يستعجلون الشهادة، وهم لم يكلفوا بها بعد!
هذه هي ملحمة شعب آل على نفسه، وأعطى المواثيق والعهود أن يموت على أرضه وتختلط دماؤه بترابها، ويكون اللون لون الدم، والريح ريح المسك، والشهادة هي قمة النصر والتأييد من الله تعالى لأمة كتب عليها القتال وهو كره لها، وصدق الله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) البقرة / 216.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك