يحيى السنوار، كما يراه الكيان الصهيوني، مهندس عملية «طوفان الأقصى»، ورجل خطير، بل إنه أصبح أكثر الرجال المطلوبين في «إسرائيل». وكان (السنوار) قد قضى أكثر من 22 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلية (1988 – 2011) قبل أن يطلق سراحه في صفقة «وفاء الأحرار» (جلعاد شاليط) في 2011، بعد أن كان قد «جمع» أحكاما تصل إلى أكثر من (430) عاما. وبحسب شهادات إسرائيلية، كان (السنوار) قائدا بين السجناء، وهو الذي توطدت علاقته في السجن مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين، الذي كان يرى في (السنوار) شخصا قياديا، فبات أحد المستشارين المقربين له، كما أنه تطوع لمساعدته في الطعام ونقله من غرفة إلى أخرى، كما ذكر تقرير لقناة «كان» الإسرائيلية.
الشهادات الكثيرة التي تناولت شخصية (السنوار)، سواء داخل السجن أو خارجه، تؤكد أنه رجل منظم وطموح وحاد الذكاء، فيما وصفه الضابط (ميخا كوبي) الذي أشرف على استجوابه لصالح جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عام 1989 بأنه رجل يتمتع بحضور قيادي وكاريزما، قليل الكلام، كما أنه «سريع الغضب»، فيما وصفه موقع «إن آر جي» الإسرائيلي بأنه «قائد داخل السجن وخارجه، ورجل يتمتع بالانضباط». وطبعاً، كثيرة هي التصريحات الرسمية لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين وأيضاً كتابات صحفية بارزة سعت إلى «شيطنة» (السنوار) من خلال إطلاق نعوت عليه أقلها وصفه «بالنرجسي» صعوداً (بل هبوطاً) إلى وصفه «بالمجرم» و«القاتل» و«الداعشي» بل «الرعديد» و«النازي».
اليوم، يكبد (السنوار) الكيان الصهيوني أكبر خسارة عسكرية له في تاريخه، فارضا معادلات جديدة للصراع الفلسطيني /الإسرائيلي. وبات رئيس الوزراء الإسرائيلي المأزوم (بنيامين نتنياهو) والمسؤولون اليمينيون المتطرفون يعتبرونه «عدوهم الأول»، فهو أكثر فلسطيني استطاع خداعهم حين أوهمهم وهو في السجن أنه يميل إلى التهدئة، حيث زعم خبراء في الكيان الصهيوني أن لديهم خبرة في شخصيته وكيفية التعامل معه! غير أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين أكدوا لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أن «التقدير الخاطئ لشخصيته كان مقدمة لأكبر فشل في مجال الاستخبارات الإسرائيلية». ويقول (مايكل ميلشتاين) الضابط السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية للصحيفة: «بالنسبة إلى السنوار، لم نفهمه على الإطلاق.. لقد نجح في الخداع النهائي».
ومع التطورات المتلاحقة منذ فجر السابع من تشرين أول /أكتوبر، وصولا إلى النجاح الكبير في صفقة الرهائن الأولى، يتعمق المأزق الإسرائيلي فيما يتعلق بشخصية (السنوار) حيث تؤكد صحيفة «هآرتس» أنه يتولى شخصيا التعامل مع أي اتصالات حول موضوع أي مفاوضات جارية حول الأسرى.
وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب الإسرائيلي (نداف إيال) «هذه الصفقة هي إحدى الصفقات الأكثر استحقاقاً في تاريخ إسرائيل»، مضيفا: «وإن كنا عازمين على تصفية يحيى السنوار، فإن أي صفقة لن تعترضنا. أما إذا كنا غير مصممين على فعل ذلك، فما من شيء سيساعدنا، وعندها علينا مواجهة هذا العسكري المخضرم، فحركة حماس ستعيد تسليح رجالها، وسيمكنها أن تتنفس الهواء».
من جانبه، كتب (يوسي يهوشع) في مقال بعنوان «لعبة السنوار» عن أن هذا الأخير لا يفهم سوى لغة القوة التي يجب مواصلة الحديث بها معه، قائلا: «السنوار يناور إسرائيل بهدف تأخير استمرار العملية العسكرية وأساسا تأخير بداية المعالجة لجنوب القطاع».
وهذا أيضاً ما ذهب إليه المحلل العسكري المعروف (عاموس هرئيل)… «يجب ألا ننسى من هو الشريك في الصفقة، إنه يحيى السنوار الذي من الصعب الاعتماد على وعوده. من الواضح تماماً أن لديه هدفين من المفاوضات: إطالة أمد وقف إطلاق النار، على أمل عدم تجدد القتال، والتسبب بالأذى النفسي للجمهور الإسرائيلي»!
والتفاوض مع (السنوار) يدل على ضعف الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي اعتبره (يهوشع) «ربما ضعف من النوع الذي أودى بنا إلى الحافة!».
أما المحللة الإسرائيلية المعروفة «إيريس لعال» فأوضحت مستخلصة أن نصير اليمين الإسرائيلي «تتأذى كرامته الشخصية» عند الحديث عن «تسوية مع حماس»… وبالتالي «هم يجدون صعوبة في فهم أننا، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، هُزمنا وأن يحيى السنوار هو الذي يفرض الشروط».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك