العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحرب في غزة.. والمسارات المتوقعة للصراع

بقلم: د. ناصيف حتى {

الأربعاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أسابيع‭ ‬سبعة‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والسياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أسيرة‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬الحكومة‭ ‬غداة‭ ‬‮«‬الصدمة‮»‬‭ ‬المتعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬التي‭ ‬شكلها‭ ‬هجوم‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بمختلف‭ ‬تداعياته‭ ‬البشرية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬والسياسية‭ ‬على‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬القلعة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقهر‭. ‬إسرائيل‭ ‬اليوم‭ ‬أسيرة‭ ‬الأهداف‭ ‬ذات‭ ‬السقف‭ ‬المرتفع‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬للحرب،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬كليا‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬والسيطرة‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تدير‭ ‬القطاع،‭ ‬تحت‭ ‬رقابتها‭ ‬وتحت‭ ‬سقف‭ ‬رؤيتها‭ ‬الأمنية،‭ ‬سلطة‭ ‬سياسية‭ ‬إدارية‭. ‬سلطة‭ ‬مركبة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬فلسطينية‭ ‬أو‭ ‬عربية‭ ‬دولية‭. ‬

إن‭ ‬خيار‭ ‬السيطرة‭ ‬الأمنية‭ ‬بعد‭ ‬التخلص‭ ‬الكلي‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬حماس،‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬واقعي‭ ‬وغير‭ ‬ممكن‭ ‬التحقيق‭. ‬الخيار‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬حاولت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فرضه‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬خيار‭ ‬التهجير،‭ ‬بإخراج‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬القطاع،‭ ‬وإقامة‭ ‬مخيمات‭ ‬لاجئين‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬المؤقت‭ ‬الذي‭ ‬يدوم‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المصرية‭ ‬أمر‭ ‬مرفوض‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وحازم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مصر‭ ‬وكذلك‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بالطبع‭ ‬وغير‭ ‬قابل‭ ‬للتحقيق‭. ‬تخفيض‭ ‬جديد‭ ‬للهدف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬دون‭ ‬إعلانه‭ ‬رسميا‭ ‬بالطبع،‭ ‬يتمثل‭ ‬بمحاولة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬عازلة‭ ‬بعد‭ ‬طرد‭ ‬السكان‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬ودفع‭ ‬السكان‭ ‬نحو‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع،‭ ‬أمر‭ ‬أيضا‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتحقيق‭ ‬لأسباب‭ ‬عسكرية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

معادلة‭ ‬أخذت‭ ‬تستقر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬قوامها‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وتغيرت‭ ‬نحو‭ ‬تخفيضها‭ ‬دون‭ ‬المس‭ ‬بجوهرها‭ ‬كما‭ ‬أشرنا‭. ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬ممتدة‭ ‬مفتوحة‭ ‬في‭ ‬الزمان‭. ‬حرب‭ ‬قد‭ ‬تشهد‭ ‬تصعيدا‭ ‬وتخفيضا‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬ضد‭ ‬القطاع‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬بحسب‭ ‬المفهوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والمستحيل‭ ‬التحقيق‭ ‬كما‭ ‬اتضح‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬للحرب‭. ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬التوتر‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وترتفع‭ ‬وتيرته‭ ‬كما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تكرار‭ ‬أحداث‭ ‬الاعتداءات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المستوطنين‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بغية‭ ‬محاصرتهم‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تهجيرهم‭ ‬لاحقا‭. ‬منطقة‭ ‬جنين‭ ‬وجوارها‭ ‬صار‭ ‬يسميها‭ ‬البعض‭ ‬بغزة‭ ‬الصغيرة‭. ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬الحرب‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تنطلق‭ ‬انتفاضة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬سلمية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬حدة‭ ‬سياسة‭ ‬التهويد‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬على‭ ‬صعيدي‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والديموغرافيا‭ ‬لاستكمال‭ ‬ضم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭. ‬هدف‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غائبا‭ ‬عند‭ ‬الحكومات‭ ‬السابقة،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬صار‭ ‬معلنا‭ ‬والعمل‭ ‬لتحقيقه‭ ‬ناشطا‭ ‬ومتسارعا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬القائمة‭ ‬وصمت‭ ‬دولي‭ ‬فاضح‭ ‬ومستمر‭ ‬رغم‭ ‬ضرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعرض‭ ‬الحائط‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬وبالأخص‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

توسع‭ ‬النزاع‭ ‬نحو‭ ‬الضفة،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬غزة،‭ ‬واستمراره‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬حصل‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬بالتوسع‭ ‬إلى‭ ‬نزاع‭ ‬إقليمي‭. ‬نزاع‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬أولا‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬الاهتمام‭ ‬الدولي‭ ‬الواسع‭ ‬بإبقاء‭ ‬لبنان‭ ‬خارج‭ ‬النزاع‭ ‬ورغم‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬الاشتباك‭ ‬القائمة‭ ‬والتي‭ ‬شهدت‭ ‬تصعيدا‭ ‬متوازنا‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأبعاد‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والأهداف‭ ‬وطبيعة‭ ‬القوة‭ ‬النارية‭ ‬دون‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬مفتوحة‭.‬

التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الوقف‭ ‬الكلى‭ ‬للقتال‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الواقعي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬الانزلاق‭ ‬نحو‭ ‬الحرب‭ ‬المفتوحة‭ ‬وذات‭ ‬التداعيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭. ‬هدف‭ ‬ترفضه‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وتستند‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تفهم‮»‬‭ ‬غربي‭ ‬باعتبار‭ ‬حربها‭ ‬المفتوحة‭ ‬بالأهداف‭ ‬والزمان‭ ‬والجغرافيا‭ ‬هي‭ ‬عمل‭ ‬دفاعي،‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬منطق‭ ‬مناقض‭ ‬بشكل‭ ‬كلي‭ ‬للواقع‭ ‬وللقوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬بداية‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية،‭ ‬بدأت‭ ‬بالظهور‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬بطيء‭. ‬مواقف‭ ‬مختلفة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬الدعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وتراجع‭ ‬ولو‭ ‬طفيف‭ ‬لهذا‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ومواقف‭ ‬لدول‭ ‬ولو‭ ‬عددها‭ ‬أقل،‭ ‬تعارض‭ ‬بشدة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

انسداد‭ ‬الأفق‭ ‬أمام‭ ‬الحل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الإلغائي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كشعب‭ ‬له‭ ‬حقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬كما‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التطورات‭ ‬اليومية،‭ ‬وازدياد‭ ‬ضغط‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المؤيدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ومخاطر‭ ‬الذهاب‭ ‬نحو‭ ‬المجهول‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي‭ ‬وخارجه‭ ‬القريب‭ ‬والأبعد،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرورة‭ ‬قيام‭ ‬انخراط‭ ‬ناشط‭ ‬ومتصاعد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأطراف‭ ‬العربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬المؤثرة‭ ‬وضمن‭ ‬صيغ‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬كلها‭ ‬عناصر‭ ‬تساعد‭ ‬وتدفع‭ ‬نحو‭ ‬التوصل‭ ‬لتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬وقف‭ ‬القتال‭ ‬كليا‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يجري‭ ‬العمل‭ ‬لإحياء‭ ‬مسار‭ ‬مفاوضات‭ ‬السلام‭. ‬مسار‭ ‬أمامه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العقبات‭ ‬والصعوبات‭ ‬ولكنه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضروري‭ ‬لإنقاذ‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬المترابطة‭ ‬والمتداخلة‭. ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬وأشكال‭ ‬وأثمان‭ ‬مختلفة‭.‬

السلام‭ ‬العادل،‭ ‬رغم‭ ‬الصعوبات‭ ‬العديدة‭ ‬أمام‭ ‬بلوغه‭ ‬كما‭ ‬أشرنا،‭ ‬يحقق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والازدهار‭ ‬أما‭ ‬الحرب‭ ‬فتعد‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الدمار‭ ‬والسياسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

{‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬لبنان‭ ‬الأسبق

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا