نحتفي كل عام في شهر ديسمبر بيوم المرأة البحرينية ومن بعده بيومنا الوطني المجيد وفي شهر يناير باليوم الدبلوماسي وكلها مناسبات تبعث على التحفيز والتجديد في العطاء والبذل حبا لوطننا الغالي ولقيادتنا الرشيدة جلالة الملك المعظم وولي عهده رئيس وزرائه الموقر وسيدة البحرين الأولى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حفظهم الله.
في هذه المناسبات أردت أن أوثق جانبا من حياة المرأة الأولى في حياتي وهي والدتي الكريمة السيدة سلوى مبارك عبدالله، وهذا ليس من باب المجد الشخصي بل كلمة حق في امرأة اسأل الله وأناشدكم الدعاء لها بالشفاء والرحمة.
فلطالما كان دور المرافق الدبلوماسي لا يقل أهمية عن دور الدبلوماسي نفسه في فترة الابتعاث الخارجي فهو يقدم خدمات استثنائية ويساند أفراد البعثة الدبلوماسية في الخارج بعطائه وإبراز صورة مشرفة عن المواطن وهويته السمحة، وعليه أحببت أن أوثق تجربة والدتي أسأل الله أن يلبسها ثوب العافية ويشفيها عندما قامت بهذا الدور جزاها الله خير الجزاء.
فأمي امرأة بحرينية أصيلة الهوية آثرت أن ترافقني في أول محطات عملي الدبلوماسي مدة ثلاث سنوات في العاصمة الجزائرية من 2015 إلى 2018 م. وقتذاك كان قرار النقل بالنسبة لي تجربة جديدة وإثباتا للذات، لكن بالنسبة لها كان تحديا خاضته بجسارة وهو الانتقال والإقامة في بلد يندر فيه وجود رعايا أو طلبة بحرينيين عدا أنا والسفير، فعاشت معي اليوميات وتكيفت مع اختلاف اللهجة وجاورت أهل الحي الجزائريين الطيبين، ومشت بينهم في أسواقهم وحوانيتهم كما تسمى هناك.
ولن أتحدث عن تحدي البعد الجغرافي لامرأة كبيرة في السن ترهقها ساعات السفر الطويلة لأن تتردد بين عاصمتين بعيدتين إنما عن معاناتها في الحصول على أدويتها الأساسية إذ غالبية شركات الشحن الجوي تمنع ذلك، فكنت أراها تبتكر وتتحدى نفسها في إيجاد البدائل، وعند التحضير لأي مشاركة في المناسبات الوطنية والشعبية التي تستدعي إبراز الهوية والتراث البحريني كانت والدتي تتهيأ بكامل لباسها المحتشم وعباءتها للحضور والمشاركة، إذ كانت تعد الأكلات وتحيك بعض المشغولات وتتحدث إلى زوجات الدبلوماسيين عن البحرين بكل فخر واعتزاز.
لم تكن أما لي وحدي هناك، بل كانت لكل زملائي الدبلوماسيين العرب والخليجيين، فلا ينعتونها إلا باسم «الوالدة» اعتزازاً بوجودها واحتراما لسنها وكرمها عليهم، إذ كانت تصر في ليالي رمضان وبعض المناسبات بوفادتهم وإكرامهم حتى وإن كان ذلك بأقل الموجودات وصغر مساحة السكن الذي كنا نسكنه هناك.
وعندما حانت لحظة العودة من الجزائر إلى البحرين أكملت مشوارها معي -حفظها الله- وساندتني في مهماتي الدبلوماسية الأخرى، وقد آثرت أن اكتب عنها تكريما لها ولكل أم تساند ابنتها، فالعمل الدبلوماسي صعب جدا ومليء بالتحديات في الخارج، ولولا وجود الإرادة والمساندة من أقرب المقربين والأهل ومن وزارة الخارجية نفسها لما استطاع الدبلوماسي سواء كان رجلا أو امرأة أن يعطي أفضل ما عنده ويستمر.
فاللهم اشف والدتي بشفائك واجعل ما أصابها من مرض رفعة لها، ووفق كل امرأة بحرينية في مقصدها الخيّر لأجل وطننا ورفعته.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك