القراء الأعزاء،
من المؤكد أن جميع حقوق الإنسان تعتمد على حماية حق الإنسان في الحياة، الذي يُعد شرطاً أساسياً للتمتع ببقية الحقوق الأخرى، حيث لا يقتصر التزام الدولة بحماية وتعزيز الحق في الحياة على مجرد الحد من الجرائم أو الأسباب المؤدية إلى الحرمان من الحياة، بل يتوجب عليها أيضاً العمل على تمكين الإنسان من مقومات الحياة الأساسية، كالغذاء ومياه الشرب النظيفة الصالحة للاستهلاك الآدمي والرعاية الصحية والملبس والمسكن الملائم والبيئة السليمة، بالإضافة إلى كل ما يرتبط ارتباطاً مباشراً بسلامة وتحقيق احتياجات الإنسان وفقاً لبيئته.
حيث تختلف مقومات الحياة الأساسية باختلاف الأماكن والبيئة المحيطة وطبيعة البشر، فعلى سبيل المثال، في المناطق الباردة يكون توفير أجهزة التدفئة والغاز المشغل لها من أهم مقومات الحياة للإنسان، وحيث إن منطقتنا الجغرافية هي منطقة ذات طبيعة صحراوية، وتلتهب حرارة في فترة الصيف، بل نستطيع أن نقول في أغلب أيام العام، وبالتالي لا يمكن لأي إنسان الاستغناء عن وجود مكيفات الهواء، التي أصبح لها أهمية أساسية ضمن مقومات حياة الإنسان في المنطقة، فلا يخلو جزء من المنزل أو أي مبنى من وجودها، باعتبار الآثار الضارة لدرجات الحرارة المرتفعة على صحة الإنسان بل وعلى حياته أحياناً، وتباعاً لذلك فقد تعددت وتنوعت الماركات التسويقية لهذا المنتج المهم، الذي يُقدّر العمر الافتراضي لعمله دون حاجة إلى تدخل إصلاحي جوهري مدة لا تقل عن خمس سنوات على أقل تقدير، إلا أنه من الملاحظ في السنوات الأخيرة، قيام بعض المؤسسات التجارية بتسويق وبيع مكيفات لا تلبث أن تتعطل عن العمل لأسباب مختلفة تكون دائماً خارج نطاق الضمان الممنوح للجهاز.
وقد نوقش هذا الموضوع أمامي في لقاءات عدة في بعض المجالس النسائية حيث تم التطرق إلى أسماء مؤسسات معينة تعتبر الأسوأ في جودة منتجاتها الإلكترونية، ولكنني خبرت هذا الأمر من قرب مؤخرا، حيث قامت قريبة لي بشراء خمسة مكيفات نظام وحدة التكييف المقسمة (split unit) على دفعتين في فترة مختلفة ومتقاربة لم تبلغ أقصاها أربع سنوات من إحدى المؤسسات التي برز اسمها في الوقت الحاضر، ثم بدأت المكيفات تتعطل واحداً تلو الآخر فوراً حتى تعطل أربعة منها عن العمل لنفس الأسباب، في ظل تملص ومماطلة من المؤسسة دون جدوى و(ضاعت فلوسك يا صابر).
ولأن الموضوع مرتبط بشكل مباشر بجيب المواطن الذي لا نفتأ نسمع شكواه حول المستوى المعيشي، الغلاء وعدم كفاية الراتب، لذا فقد وجدت أنه من الواجب تسليط الضوء على موضوع حماية المستهلك في هذا الشأن لاسيما وأن الأجهزة الإلكترونية (المكيفات أنموذجاً) هي منتجات عالية الكلفة وتُعد من مثقلات جيب المواطن، كما وجدت أن قانون حماية المستهلك رقم 35 لسنة 2012، لم يوفر الحماية الحقيقة للمستهلك، فلم يكن القانون من الدقة ولا من المباشرة بمكان للوصول إلى تحقق الحماية الفعلية للمستهلك على صعيد أهم غايات الحماية وهي حق المستهلك في جودة المنتج الذي يتكبّد تكلفته من موازنته البسيطة وصلاحيته للعمل وبلوغ الغرض منه والذي هو السبب في اقتنائه، بل إن هذا المستهلك ربما يكون قد حصل على هذا المنتج في مقابل تنازله عن متطلبات أساسية أخرى ليتمكن من تغطية كلفته، لذا كان لزاماً على القانون أن يضمن للمستهلك التمتع بمنتج يُحقق الغرض منه مقابل الثمن الذي دفعه.
كما أن القانون لم يضع آلية رقابية إلزامية تتعلق بجودة السلع التي يتم طرحها للمواطن ولاسيما الإلكترونية منها، والتي تؤثر بشكل جسيم في موازنة المواطن، لذا فإن ضمان جودة هذه السلع يُعدّ حماية لجيب المواطن ولجودة السلعة في آن واحد.
وعليه فإن العمل على وضع معايير عالية للمنتجات التي يتم استيرادها أو حتى تصنيعها بجميع أنواعها تضاهي المعمول بها في الدول المجاورة الحريصة على جودة المنتجات التي يستهلكها مواطنيها، يعتبر خطوة أولى في سبيل حماية المستهلك، يليها تعديل القانون ومحاسبة المؤسسات التي تُثرى على حساب حاجة المواطن دون أن تقدم له منتجا ذا فائدة على مدى ملائم.
Hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك