نستذكر إعلان (محمد الضيف) قائد كتائب القسام – ظل المقاومة وصوتها – عن بدء «طوفان الأقصى» صباح السابع من أكتوبر الماضي، ملاحظين كيف أنه خص الأسرى الفلسطينيين بالاهتمام الاستثنائي، مؤكداً أن أحد أبرز مقاصد المعركة هو إطلاق سراحهم. ومنذئذٍ، واصلت إدارة سجون الاحتلال، منذ يوم بدء «طوفان الأقصى» تحديداً، التصعيد ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونها، والذي تزداد حدته بشكل غير مسبوق في كل السجون، مستهدفة بشكل رئيس قيادات من الحركة الأسيرة ومن ذوي الأحكام العالية، وأسرى قدامى.
ويترافق مع ذلك اعتداءات بالضرب والتنكيل، إلى جانب تصاعد عمليات العزل الانفرادي بحقهم. كما لجأت إدارة سجون الاحتلال إلى عمليات نقل تعسفية جماعية بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، سواء إلى الأقسام داخل السجن، أو زنازين العزل الانفرادي، أو إلى سجون أخرى، والتي طالت المئات من بينهم مرضى، ونفذت اعتداءات واسعة بالمعتقلين.
بل إن الوزير الاسرائيلي المفعم بالرعونة والتطرف «إيتمار بن غفير» (الذي «استحق» لقب القاتل منذ زمن) أصدر تعليمات أدت الى استشهاد عدد متنام من الأسرى منذ بدء عملية «الطوفان» كان سادسهم يوم 18 الجاري الشهيد ثائر سميح أبو عصب.
وكان قد سبقه، على التوالي، الشهداء الأسرى: عمر دراغمة وعرفات حمدان وماجد زقول والشهيد الرابع لم تعرف هويته بعد وقد استشهد في معسكر (عنتوت) وعبد الرحمن مرعي .
تتجلى مقارفات الاحتلال بحق المعتقلين، والتي وصلت إلى ذروتها منذ «طوفان الأقصى»، عبر جملة واسعة من الإجراءات التنكيلية التي تمس مقومات حياتهم كافة، إلى جانب الاعتداءات الواسعة التي خلفت إصابات بين صفوفهم، امتدادا لنهج الاحتلال المتواصل منذ عقود والقائم على عملية الانتقام المستمر من المعتقلين، وبالتأكيد فإنها لم تبدأ مع السابع من أكتوبر الماضي.
وفي هذا السياق، أعلن (بن غفير) أن لجنة برلمانية تابعة للكنيست ناقشت مشروع قانون «إعدام أسرى فلسطينيين»، تمهيدا لطرحه لتصويت الهيئة العامة للكنيست في قراءة أولى. ودعا (بن غفير) الجميع إلى دعم القانون «الذي كانت الهيئة العامة للكنيست قد صادقت عليه بالقراءة التمهيدية في مارس الماضي».
وذلك بعد أن حظي بمصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. ويعد القانون جزءا من الاتفاقات التي جرى توقيعها لإبرام صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي برئاسة (بنيامين نتنياهو) مع (بن غفير) أواخر 2022.
وينص مشروع القانون على «إيقاع عقوبة الموت بحق كل شخص يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بإسرائيل».
وفي ظل المخطط الصهيوني المستمر في عملية الإبادة في قطاع غزة وعمليات القتل والاعتقالات المتنامية في الضفة الغربية، تمر الحركة الفلسطينية الأسيرة حتى الآن بمرحلة «استفراد» صهيوني بانتظار فرج يبدو أنه بات في الأفق القريب بفضل صفقات لتبادل الأسرى، متتالية، قد تبدأ وشيكاً.
وكانت عملية «طوفان الأقصى» قد شددت، ومنذ البيان الأول، على مركزية وصدارة محنة الأسرى بين أهدافها الأساسية المعلنة. وفي الانتظار، نستذكر النشيد العتيق الذي نظمه الأستاذ نجيب الريس في سجن الاحتلال الفرنسي بدمشق عام 1922 والذي مطلعه (يا ظلام السجن خيم… إننا نهوى الظلاما – ليس بعد الليل إلا.. فجر مجد يتسامى).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك