العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التحولات السياسية فيما بعد حرب غزة!

بقلم: عبد الله السناوي

الثلاثاء ٢١ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

بأي‭ ‬نظر‭ ‬في‭ ‬احتمالات‭ ‬وسيناريوهات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭.‬

كل‭ ‬شيء‭ ‬سوف‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬وموازين‭ ‬القوى‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أدوار‭ ‬السلطة‭ ‬ومستقبل‭ ‬جماعات‭ ‬المقاومة،‭ ‬برامجها‭ ‬وأوزانها‭ .‬لا‭ ‬بقاء‭ ‬للسلطة‭ ‬على‭ ‬أحوالها‭ ‬مقبول‭.. ‬ولا‭ ‬إلغاء‭ ‬المقاومة‭ ‬ممكن‭.‬

أيا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬النتائج‭ ‬العسكرية‭ ‬فإن‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬سوف‭ ‬تُفتح‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الفلسطيني‭.‬

العالم‭ ‬العربي‭ ‬بدوره‭ ‬سوف‭ ‬تختلف‭ ‬معادلاته‭ ‬بأثر‭ ‬التفاعلات‭ ‬في‭ ‬بنيته‭ ‬المعلنة‭ ‬وغير‭ ‬المعلنة‭.. ‬والمقاربات‭ ‬الدولية‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قد‭ ‬تنالها‭ ‬تغييرات‭ ‬جوهرية،‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الزلازل‭.‬

المقدمات‭ ‬تنذر‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬مقبل،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يعلن‭ ‬كامل‭ ‬حقائقه‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬وليلة‭ ‬فور‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬آلة‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لأهالي‭ ‬غزة‭. ‬التفاعلات‭ ‬العميقة‭ ‬قد‭ ‬تستغرق‭ ‬وقتا‭ ‬يطول‭ ‬أو‭ ‬يقصر‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬الزلازل‭ ‬السياسية‭ ‬مداها‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالضبط‭ ‬بعد‭ ‬جميع‭ ‬مواجهات‭ ‬السلاح‭ ‬على‭ ‬مدى‭ (‬75‭) ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

بعد‭ ‬حرب‭ ‬فلسطين‭ ‬الأولى‭ (‬1948‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬النكبة،‭ ‬نكبة‭ ‬فلسطين‭ ‬والعرب،‭ ‬جرت‭ ‬مراجعات‭ ‬غاضبة‭: ‬لماذا‭ ‬حدث‭ ‬ما‭ ‬حدث؟‭.. ‬وأين‭ ‬مواضع‭ ‬الخلل‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬والأفكار‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬هزيمة‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية؟

لم‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬تفاعلات‭ ‬الغضب‭ ‬سوف‭ ‬تفضي‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬انتقال‭ ‬جوهري‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬المخيم‭ ‬بعد‭ ‬النكبة‭ ‬إلى‭ ‬الآمال‭ ‬الكبرى‭ ‬عند‭ ‬إعلان‭ ‬الوحدة‭ ‬المصرية‭ ‬السورية‭ (‬1958‭)‬،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنكسر‭ ‬وتتراجع‭ ‬ونصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭.‬

بأثر‭ ‬صدمة‭ ‬النكبة‭ ‬أعاد‭ ‬الضابط‭ ‬الشاب‭ ‬‮«‬جمال‭ ‬عبدالناصر‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬الكتيبة‭ ‬السادسة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬فلسطين،‭ ‬فور‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬القاهرة‭ ‬بناء‭ ‬تنظيم‭ ‬الضباط‭ ‬الأحرار‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وتشكيل‭ ‬هيئته‭ ‬التأسيسية،‭ ‬التي‭ ‬أطلت‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬السياسي‭ ‬الملتهب‭ ‬يوم‭ ‬23‭ ‬يوليو‭ (‬1952‭).‬

كانت‭ ‬النكبة‭ ‬أحد‭ ‬الدوافع‭ ‬الرئيسية‭ ‬للتغيير‭ ‬الواسع،‭ ‬الذي‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭. ‬فقد‭ ‬جرى‭ ‬أوسع‭ ‬تمرد‭ ‬ثوري‭ ‬على‭ ‬الإرث‭ ‬الاستعماري‭ ‬وقادت‭ ‬مصر‭ ‬عالمها‭ ‬العربي‭ ‬وقارتها‭ ‬الإفريقية‭ ‬والعالم‭ ‬الثالث‭ ‬كله‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬متصورا‭ ‬عقب‭ ‬النكبة‭ ‬ولا‭ ‬ممكنا‭ ‬بأي‭ ‬خيال‭ ‬محلق،‭ ‬لكنه‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فعلا‭.‬

شاهد‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬مأساة‭ ‬غزة‭ ‬رؤية‭ ‬عين،‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬راوٍ‭ ‬أو‭ ‬مؤرخ‭. ‬تفاعل‭ ‬وتأثر‭ ‬وتظاهر،‭ ‬وانطوى‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬جراحه‭ ‬وغضبه‭ ‬وشعوره‭ ‬بالمهانة‭. ‬وللصور‭ ‬المقبضة‭ ‬تأثيرها‭ ‬العميق‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ،‭ ‬كما‭ ‬صور‭ ‬التحدي‭ ‬والنهوض‭.‬

إثر‭ ‬تأميم‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ (‬1956‭) ‬اندفعت‭ ‬الإمبراطوريتان‭ ‬الفرنسية‭ ‬والبريطانية،‭ ‬بمشاركة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬مدن‭ ‬القناة‭ ‬وإلغاء‭ ‬فعل‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭. ‬وبصياغة‭ ‬الزعيم‭ ‬الهندي‭ ‬‮«‬جواهر‭ ‬لال‭ ‬نهرو‮»‬‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنه‭ ‬إلغاء‭ ‬للتاريخ‮»‬‭.‬

في‭ ‬حرب‭ ‬السويس‭ ‬قاتلت‭ ‬مصر‭ ‬لاكتساب‭ ‬حقها‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬استقلال‭ ‬قرارها‭ ‬الوطني‭ ‬بدماء‭ ‬مواطنيها‭. ‬وبأثر‭ ‬نتائجها‭ ‬السياسية‭ ‬أصبحت‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬وتولت‭ ‬أكبر‭ ‬وأهم‭ ‬الأدوار‭ ‬على‭ ‬مسارح‭ ‬السياسة‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ . ‬وبعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬نشأت‭ ‬أول‭ ‬وآخر‭ ‬تجربة‭ ‬وحدوية‭ ‬عربية‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬لكنها‭ ‬أجهضت‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ (‬1961‭) ‬بأخطاء‭ ‬في‭ ‬بنية‭ ‬التجربة‭ ‬والتآمر‭ ‬عليها‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭.‬

كانت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬دائما‭ ‬نقطة‭ ‬المركز‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬المحتدم‭ ‬على‭ ‬مصير‭ ‬المنطقة‭.‬

في‭ ‬يونيو‭ (‬1967‭) ‬كادت‭ ‬الهزيمة‭ ‬المروعة‭ ‬أن‭ ‬تجهض‭ ‬كل‭ ‬أمل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مستقبل‭. ‬استهدفت‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬إجهاض‭ ‬المشروع‭ ‬التنموي‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬كما‭ ‬إجهاض‭ ‬أدوارها‭ ‬التحررية‭. ‬ولم‭ ‬تعلن‭ ‬مصر‭ ‬استسلامها‭ ‬بإرادة‭ ‬شعبية‭ ‬كاسحة‭ ‬يومي‭ (‬9‭) ‬و‭(‬10‭) ‬يونيو‭. ‬رفضت‭ ‬تنحى‭ ‬‮«‬عبدالناصر‮»‬‭ ‬ودعته‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬وتصحيح‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬الهزيمة‭.‬

كانت‭ ‬حرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ (‬1967‭) ‬و‭(‬1970‭) ‬البروفة‭ ‬الكاملة‭ ‬لحرب‭ ‬أكتوبر‭ (‬1973‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬يعود‭ ‬الفضل‭ ‬الأول‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬المقاتل‭ ‬المصري‭. ‬حارب‭ ‬وضحى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬البلد‭ ‬رأسه‭ ‬مجددا،‭ ‬لكن‭ ‬السياسة‭ ‬خذلته‭ ‬بفداحة‭ ‬بانفتاح‭ ‬اقتصادي‭ ‬بدد‭ ‬طاقته‭ ‬الإنتاجية‭ ‬وصلح‭ ‬منفرد‭ ‬همش‭ ‬أدواره‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬وعالمه‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬زلزالا‭ ‬سياسيا‭ ‬مضادا‭.‬

الزلازل‭ ‬السياسية‭ ‬قد‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬اتجاهات‭ ‬متناقضة‭. ‬هذا‭ ‬تحد‭ ‬جوهري‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬آخر‭ ‬الحروب،‭ ‬كما‭ ‬دعا‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأشهر‭ ‬‮«‬هنري‭ ‬كيسنجر‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬جرت‭ ‬حربان‭ ‬أخريان‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬اللبنانية،‭ ‬الأولى،‭ ‬عام‭ (‬1982‭) ‬باجتياح‭ ‬بيروت‭ ‬لطرد‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خارجها‭.. ‬والثانية،‭ ‬عام‭ (‬2006‭) ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬اللبناني‭ ‬لتحريره‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬في‭ ‬الحربين‭ ‬ترتبت‭ ‬نتائج‭ ‬سياسية،‭ ‬برزت‭ ‬قوى‭ ‬وتغيرت‭ ‬معادلات‭ ‬واستجدت‭ ‬تحالفات‭ ‬إقليمية‭.‬

الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬بدورها‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬آخر‭ ‬الحروب‭ .‬فطالما‭ ‬بقي‭ ‬احتلال‭ ‬هناك‭ ‬مقاومة‭ .‬والحقائق‭ ‬المستجدة‭ ‬سوف‭ ‬تلعب‭ ‬أدوارها‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬توجهات‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭.‬

سوف‭ ‬ترتفع‭ ‬يقينا‭ ‬نداءات‭ ‬ودعوات‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أفق‭ ‬يتجاوز‭ ‬أحاديث‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سلام‭ ‬القوة‮»‬،‭ ‬بصياغات‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ .‬إنه‭ ‬‮«‬سلام‭ ‬بلا‭ ‬أرض‮»‬‭ ‬حسب‭ ‬تعبير‭ ‬المفكر‭ ‬الفلسطيني‭ ‬‮«‬إدوارد‭ ‬سعيد‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سلام‭ ‬الأوهام‮»‬‭ ‬بصياغة‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬حسنين‭ ‬هيكل‮»‬‭.‬

نفس‭ ‬التعبيرات‭ ‬والصياغات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬صالحة‭ ‬تماما‭ ‬رغم‭ ‬انقضاء‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬إطلاقها‭ ‬بعد‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬أوسلو‮»‬‭.‬

في‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬ارتفعت‭ ‬معدلات‭ ‬الكراهية‭ ‬بأثر‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والتجويع‭ ‬واقتحام‭ ‬المستشفيات‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬بمنع‭ ‬أية‭ ‬فرصة‭ ‬علاج‭ ‬يحتاجونها‭. ‬هذه‭ ‬مسألة‭ ‬يستحيل‭ ‬القفز‭ ‬فوقها‭ ‬بالنسيان‭ ‬والتجهيل‭.‬

لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تكتسب‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬زخما‭ ‬سياسيا‭ ‬وإنسانيا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬بفضل‭ ‬الإعلام‭ ‬البديل‭ ‬وثورة‭ ‬الاتصالات‭. ‬صدمة‭ ‬الصور‭ ‬الشنيعة‭ ‬استدعت‭ ‬تظاهرات‭ ‬احتجاجية‭ ‬بمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬العواصم‭ ‬والمدن‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬واشنطن‭ ‬ونيويورك‭ ‬ولندن‭ ‬وبرلين‭ ‬وميلان‭ ‬ومدريد‭ ‬وبرشلونة‭ ‬وباريس‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭. ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬تتبدى‭ ‬التداعيات‭ ‬الخطرة‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬انحيازها‭ ‬المطلق‭ ‬لإسرائيل‭.‬

تحركت‭ ‬قوى‭ ‬رفض‭ ‬لسياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والأمنية‭ ‬والخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬واسعة‭ ‬داخل‭ ‬حزبه‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬خاصة‭ ‬الأفارقة‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وحركة‭ ‬‮«‬أصوات‭ ‬يهودية‮»‬‭ ‬وبتعبير‭ ‬صريح‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬‭ ‬أمام‭ ‬السفراء‭ ‬الغربيين‭ ‬الذين‭ ‬التقى‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬حربكم‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬حربنا‮»‬‭ ‬النور‭ ‬ضد‭ ‬الظلام،‭ ‬والحضارة‭ ‬ضد‭ ‬التوحش‭.‬

كانت‭ ‬تلك‭ ‬نظرة‭ ‬عنصرية‭ ‬فاحشة‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬بشرية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬وزير‭ ‬دفاعه،‭ ‬ولا‭ ‬يجدى‭ ‬معهم‭ ‬سوى‭ ‬قصفهم‭ ‬بقنبلة‭ ‬نووية‭ ‬كما‭ ‬أضاف‭ ‬وزير‭ ‬آخر‭!‬

‮«‬إنه‭ ‬سقوط‭ ‬سياسي‭ ‬وأخلاقي‭ ‬للغرب‮»‬‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬تعبيرا‭ ‬مضادا‭ ‬لمفوض‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮«‬جوزيب‭ ‬بوريل‮»‬‭.‬

رغم‭ ‬التضحيات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬بذلت،‭ ‬فإن‭ ‬أهم‭ ‬النتائج‭ ‬السياسية‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كقضية‭ ‬تحرر‭ ‬وطني‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬مصري

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا