القراء الاعزاء
من المستغرب دائماً أن يثار في مجلس النواب موضوع المعاش التقاعدي للنواب، فلا يفتأ هذا الموضوع يُثار من قبل السادة النواب الجدد فصلاً تلو الآخر ذلك أن النواب الأوائل قد نفذوا بذيلهم من هذه المعضلة التي تقضّ مضاجع النواب الجدد.
ويأتي تكرار إثارة موضوع المعاشات التقاعدية للنواب في دلالة على عدم فهم للمضمون الحقيقي لمفهوم وطبيعة المعاشات التقاعدية التي تندرج دولياً ووطنياً تحت مضمون الضمان الاجتماعي، كمخططات قائمة على الاشتراك، ذلك أن الضمان الاجتماعي يمثل في ديننا الاسلامي مبدأ (التكافل الاجتماعي)، فهو عبارة عن تأمين تكافلي عام يهدف لحماية الأشخاص اجتماعياً واقتصادياً في مواجهة مخاطر تحددها التشريعات الوطنية.
وقد أوضحت الفقرة ج من المادة (5) من دستور مملكة البحرين المعدل 2002، المخاطر التي يغطيها الضمان الاجتماعي بنصها على أنه: (تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية، وتعمل على وقايتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة)، حيث وضعت هذه المادة الأساس لنوعي الضمان الاجتماعي اللذين تكفلهما الدولة وهما الضمان الاجتماعي القائم على الاشتراكات، ويتمثل في المعاشات التقاعدية التي يستحقها العاملون عند نهاية خدمتهم أو انتهائها وفقاً للأوضاع القانونية المقررة مقابل اقتطاع نسبة من رواتبهم طوال فترة عملهم، والضمان الاجتماعي غير القائم على الاشتراكات وهو عبارة عن المساعدات العينية والمادية التي يقدمها صندوق الضمان الاجتماعي في وزارة التنمية دون أن يُلزم المستفيد منها على دفع اشتراك، مضافاً إليها ما تقدمه الدولة من خدمات مجانية أو شبه مجانيه تعليمية وصحية واسكانية.
وإن ما يطالب به السادة النواب الحاليون بالإضافة الى ما استحقه النواب السابقون هي مطالبات لا أساس لها من الواقع أو القانون كمعاشات تقاعدية، لأنها لم تأت عن استحقاق، ذلك أن استحقاق المعاش التقاعدي يكون وفقاً لضوابط وشروط مرتبطة أساساً بالمدة القانونية الفعلية للبقاء على رأس الوظيفة والتي لا تقل عن ثلاثين عاماً في حال أراد العامل أو الموظف الحصول على نسبة كافية من معاشه التقاعدي.
والحال كذلك فإن السادة النواب لا يتمتعون بالشروط اللازمة للحصول على المعاش التقاعدي، حيث أن العمل النيابي لا يعتبر وظيفة ولا يستحق عنها راتبا شهريا ذلك أنهم يمثلون السلطة التشريعية، كما أنهم ليسوا بموظفين ولا مدة خدمتهم في المجلس تتوافق مع العقل والمنطق والقانون ولا سيما لأولئك الذين يُنتخبون لفصل تشريعي واحد، وأخيراً فإن وجود النواب في موقعهم الحالي هو في الاصل لغرض الدفاع عن حقوق ومصالح المواطنين وليس تحقيق منافع ومكاسب لأنفسهم خلال فترة ولايتهم التشريعية. وعليه فإن مطالبة السادة النواب بمعاش تقاعدي هو مطالبة بما هو غير مستحق واقعاً وقانوناً، ذلك أنه ليس هناك مظلة دستورية ولا قانونية يستند اليها هذا الطلب.
وعليه فإن ما جرى عليه العمل من احتساب معاشات تقاعدية للنواب يتم صرفها من صندوق المعاشات التقاعدية وما تسببت به من اضرار لحقت بأصحاب المصلحة الاصليين وهم الموظفون، فإنه يُعد مالاً غير سائغ وغير مستحق يتوجب وقفه وإلغاء المعاشات التقاعدية التي تصرف للنواب السابقين بشكل فوري .
والأصل أن ما يتحصل عليه النواب من مكافآت مالية وعينية مقابل تمثيلهم للشعب هي عبارة عن مخصصات ترضوية، لها موازنتها الخاصة وليست مرتبات شهرية تتبع جهة ادارية تحت منظومة السلطة التنفيذية.
وإن كان لزاماً العمل على اقرار معاشات تقاعدية للسادة النواب فإنني أقترح أن يتم الاشتغال على مقترح بقانون خاص لتقاعد أعضاء المجلس الوطني على أن يتم إنشاء صندق تقاعد خاص لهم، يكون بعيداً كل البعد عن الصناديق التقاعدية للموظفين وعن مستحقاتهم النقدية، ويحدد القانون آلية الاشتراك في هذا الصندوق والمعاشات المستحقة بالضوابط والشروط التي تتلاءم مع طبيعة عمل أعضاء المجلس الوطني ومدد عملهم المتباينة بحسب الاوضاع، وتتمثل موارده في اقتطاعات من مكافآت النواب وما يتم تخصيصه لها من دعم من موازنة المكافآت والتبرعات التي قد ترصد لهم.
hanadi_aljowder@hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك